بغداد/ أياس حسام الساموكهل ان الشخصية العراقية متطلعة، وميالة الى البحث في بواطن الامور.. هل ان في التساؤل الاكثر شيوعاً لدى العراقيين (شكو شماكو)، دلالة واقعية الى ذلك الميل والتطلع، فهي لا تكتفي بمعرفة ماذا حصل، بل تزيد في (نبش الخبايا)، لتبحث عما لم يحصل ايضاً؟..
الجليس الساحريصنع بسطاء العراقيين في مجالسهم حلولاً لما هو معقد، ويرسمون سيناريوهات، ويصممون برامج.. ومعلوم ان مثل هذه المهام تناط بمراكز بحث واستقراء واستطلاع عند الغرب، فمجالسة العراقي البسيط في تعلمه ومركزه الوظيفي، تعني نقاشاً مستفيضاً لمشهد سياسي معقد شكلاً ومضموناً، وقراءة لمستقبل مقبل.. البعض يرجع هذا الى الميل نحو التطلع، والاخر يعتبر رد فعل سنوات طويلة من الكبت التي التزمت قواعد: (قل، و لاتقل).اناس ليسوا من فئة النخب، و من شريحة الصفوة.. كيف صاروا جميعاً سياسيين، وما هي مرجعية ثقافتهم السياسية، واين موقع الاعلام، ورجال الدين، والاحزاب، ومنظمات المجتمع المدني، من تلك المرجعية، وهل كانت الجهة التي شكلت اوعية معلومات سياسية للمواطن العادي موضوعية، لا تخدم جهة او فكرة بعينها، وهل ان تلك الثقافة السياسية مؤهلة للتعبير عن نفسها على ارض الواقع، في ممارسات انتخابية وسياسية وديمقراطية، يعي فيها المواطن ما يفعل؟rnرجوع الى التاريخالناشط في مجالات اشاعة الثقافة الديمقراطية، ورئيس جمعية الثقافة للجميع الدكتور عبد جاسم الساعدي يقول: "اعتقد ان الاهتمام بالوضع السياسي قديم جدا،ً بدأ منذ قيام الدولة العراقية عام 1921، ومع نشوء الاحزاب السياسية والتنظيمات النقابية"، ويعد الساعدي شيوع الثقافة السياسية مرتبطاً من حيث المبدأ بالحربين العالميتين الاولى والثانية، والفكر الماركسي في ستينيات القرن الماضي، والفكر الجيفاري، وانتفاضات في فرنسا، ومع الحركات العمالية في العراق كانت هنالك نزعة سلمية تعتمد على الاحتجاج المنظم النقابي، وهي بحد ذاتها ثقافة سياسية.وعن مصدر هذه الثقافة السياسية يقول رئيس جمعية الثقافة للجميع: "ان النقابات كان لها الدور الرئيس في هذه الثقافة، فالنشأة السياسية في العراق كانت سطحية غير عميقة، ولم تعتمد على الحوار والاستراتيجية والثقافة الواسعة، وكثيرا ما تأخذ الاتجاه اليساري، واذا ما حدثت تراجعات معينة تتراجع معها هذه الثقافة، وبالتالي نحن نحتاج الان الى بعد ثقافي صحيح".ويتابع: "نحن الان نتحدث عن عناوين معينة مثل: حقوق الانسان والمرأة والدستور، الا اننا لا نملك ثقافة تدعمها.ويرى الدكتور عبد جاسم الساعدي ان الحركة النقابية في العراق كانت أول مجموعة تعمل ببعد سياسي، وكان ذلك مع بداية تأسيس الدولة العراقية في عشرينات القرن الماضي.. ويقول: "اما ثقافة العراقي الان فهي لا تتعدى التفكير فيما هو متعلق بمصلحة اليوم، كالكهرباء، والبطالة، وتردي الخدمات، ليس على اساس البعد للمشاكل السياسية، مثل العوز والمرض والارامل والمتسكعين... فنحن الان بحاجة الى حركة اصلاحية في العراق وهذه الحركة بدورها تحتاج الي برامج احزاب وجامعات".وعن مدى موضوعية هذه المنظمات في طرح الثقافة السياسية للمواطن العادي ومدى حياديتها يقول: "من المؤكد انها تأثرت بالتيارات اليسارية في العراق وهذا بدوره يعد سبباً من اسباب التراجع".rnعسكرة المجتمعويرجع عضو هيئة الامناء في شبكة الاعلام العراقي عباس الياسري اهتمام الشخصية العراقية بالحدث السياسي الى عوامل معينة، ويقول لـ"المدى": "ان العامل الاول يتمثل في سيطرة المشهد السياسي وعسكرة المجتمع على المشاهد الاخرى، سواء ثقافية او اقتصادية او فنية.. فكل جوانب الحياة اصبحت سياسية بحتة، وهي عسكرية كذلك، ابتداءً من لعب الاطفال وصولاً الى افلام السينما.. الا ان الاوضاع تغيرت بعد العام 2003.. وفي مقدمتها المجال السياسي الذي اخذ ابعاداً اخرى غير تلك التي كانت شائعة في السابق، وظهرت اراء كثيرة، وما يعرف بالرأي والرأي الاخر، وهي من سمات المجتمع الديمقراطي".وفيما يتعلق بمصادر تغذية المواطن بالثقافة السياسية يعتقد الياسري ان للاعلام الدور الاساس في هذه التغذية، ومن ثم النخب السياسية بالمرتبة الثانية، ويضيف: " بعد حدوث ثورة العولمة اصبح فضاء الاعلام واسعاً، فالكثير من المواطنين يستقون المعلومات عن طريق ما تتناقله وسائل الاعلام، وبالتالي فان الاعلام يستطيع خلق رأي عام، ورأي معاكس، حسب ثقل هذه الوسيلة وايمان الناس بها".ويتابع عضو هيئة الامناء حديثه بقوله: "ان الاعلام يستطيع اثبات ونفي الحقائق، ومع ذلك فان الاعلام له اجندات معينة، ويقوم بارسال الرسائل التي تفرضها عليه هذه الاجندات، وفي كثير من الاحيان نجد ان وسائل الاعلام التي تفتقد الى الموضوعية والحيادية تمكنت ان تكون أراء غير صحيحة، ولكن بمرور الوقت اصبح للمواطن العراقي القدرة على معرفة مدى حيادية هذه الوسائل، وان يفرز الكثير منها".. ويؤكد "اعتقد ان هنالك تطوراً في المستوى الثقافي السياسي للمواطن".ويستدرك الياسري بالقول: "في بعض
من يغذي عامة الناس بثقافاتهم السياسية؟
نشر في: 25 يوليو, 2010: 08:02 م