TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: اكاذيب واكاذيب

العمود الثامن: اكاذيب واكاذيب

نشر في: 3 يناير, 2023: 11:59 م

 علي حسين

عاش علي الوردي ومات وهو ينتمي إلى فكر وثقافة مضادة لاثنين، وعّاظ السلاطين وشيوخ الطائفية.. كلاهما كان وراء مصادرة ومحاربة مؤلفاته، وعّاظ السلاطين، الكتاب الذي جلب العداوة للراحل، وجعل منه هدفاً للمتطرفين من كلا الطائفتين السُنّة والشيعة.

علي الوردي كتب "وعاظ السلاطين" وكان ينشد فيه التغيير الذي لا يتحقق إلا من خلال نقد مفاهيم اجتماعية تعشّش في الرؤوس منذ قرون، ومازلت كلما أريد أن أتعرف على أزمة المجتمع العراقي، أعود إلى جملة أثيرة أحفظها من الكتاب يقول فيها الوردي: "كلنا ننادي بالحق والحقيقة عندما نخطب أو نتجادل أو نتلو القصائد الرنانة، ولكننا نفعل ذلك لأننا نشعر في قرارة أنفسنا بأن هذه الأقوال التي نتشدق بها سليمة لا ضرر منها ولا مسؤولية عليها حتى إذا جدَّ الجد وصار الحق معارضاً لما نحن فيه أسرعنا إلى جعبتنا المملوءة بالأدلة العقلية والنقلية فاخترنا منها ما يلائم موقفنا وصورنا الحق بالصورة التي ترضينا ثم لا ننسى بعد ذلك أن نواصل تلاوة القصائد الرنانة من جديد."

"وعاظ السلاطين" كانت أول وأجرأ أسئلة علي الوردي التي واجه فيها فرسان الطائفية في محاولة لتفسير التاريخ من خلال الحكايات والموروثات التي ترسخت في أذهان الملايين، عبر مئات السنين، وفي فهم ما يجري وسيحدث مستقبلاً في العراق، وهذا سر شهرة هذا الكتاب وخلوده، فرغم مرور أكثر من نصف قرن على صدوره، إلا أنه لا يزال يثير اهتمام القراء. وكما قال الوردي مرة في أحد حواراته إن: "الهدف من الكتاب هو تصوير ماذا ستفعل حكايات الكذب والمديح والنفاق لو أصبحت جزءاً من حياة الناس اليومية"

هذا ما يجعل الوردي، وهو ينحاز إلى المواطن البسيط المبتلى بفرسان الاكاذيب ، وهم يصدعون رؤوس المواطنين بخطابات متلونة ، الوعاظ الذين ق لبوا النيا واقعدوها قبل عام لان الدولار تجاوز مبلغ " 1400 "دينار ، هم نفسهم اليوم يصمتون على الدولار الذي تجاوز مبلغ " 1500" دينار ، وسنجدهم يخرسون حتى لو تجاوز الرقم "2000" .

وهذا ما يمكن أن نحذر منه اليوم.. وعاظ السلاطين الذين يصرون على أن نعيش في ظل اكاذيب لا تنتهي والذين وجدوا في الضحك على عقول اتلبسطاء مهمة مقدسة. وأن نظل نتساءل: لماذا أصبحت المصلحة والانتهازية أهم وأقوى من الوطن؟

لا نزال في هذه البلاد نخشى أن نقول للمسؤول الفلاني أين أخفيت المليارات التي نهبت من موازنة الدولة؟، فيما يطلب منا البرلمان كل مرة أن نعترف بعبقرية هيثم الجبوري في لفلفة أموال وزارة الضرائب

مرّة أخرى: في الدول المنكوبة بالفشل ، تجوع الناس ، وتُسرق البلاد ، وتُحتسب المنافع لمصلحة سماسرة الخراب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. محمد ساجت السليطي

    رحم الله الوردي العظيم..

  2. نوزاد الهيتي

    اخي العزيز لم يبقى وطن ولا اقتصاد عراقي الوطن سرق في غفلة من الزمن والاقتصاد تم اغتياله الغرب ينظر للعراق اليوم ارض تحتوي على موارد هيدكربونية ليس ال .

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram