مراقبون: محاكمة ترامب ستبقى مجرد بيانات لامتلاكه الحصانة وقت الحادث
بغداد/ تميم الحسن
في وقت يرجح فيه سفر رئيس الحكومة محمد السوداني الى واشنطن تصعد إيران وأطراف في الداخل ضد الولايات المتحدة على خلفية الذكرى الثالثة لـ “حادثة المطار”.
ويعكس هذا التصعيد ما يجري داخل الإطار التنسيقي منذ أكثر من شهر من خلافات وانقسام حول طبيعة العلاقة مع امريكا وتقليص النفوذ الايراني.
واحيت الحكومة والإطار التنسيقي مساء اول أمس، بشكل خجول ذكرى مقتل ابو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد والجنرال الايراني البارز قاسم سليماني، بغارة امريكية في 2020.
وخلال احتفالية أقيمت في مكان الحادث بالقرب من مطار بغداد لم يحضر اي مسؤول او قيادي بارز في الإطار التنسيقي سوى رئيس الحشد فالح الفياض وزعيم العصائب قيس الخزعلي.
وبحسب معلومات وردت لـ(المدى) ان خلافاً كان قد سبق يوم الاحتفالية وطلبت أطراف شيعية “الغاء استعراضات للفصائل”.
وانتقدت منصات على تلغرام تابعة لبعض تنظيمات الاطار التنسيقي، جهات شيعية –لم تسمها- بإلغاء مسيرة نحو مطار بغداد.
واعتبرت تلك المنصات الاحتفالية التي اقيمت مساء الاثنين على طريق المطار -الذي أطلقت عليه الفصائل شارع ابو مهدي المهندس- بمثابة “تحدي” للجهات الرافضة.
كما كانت بعض قوى الإطار التنسيقي تتوقع ان يتحول اليوم إلى عطلة عامة، بينما اكتفت المحافظات بتعطيل محدود لبعض الدوائر.
وسبق ان انتقدت تلك الاطراف حكومة مصطفى الكاظمي العام الماضي، لأنها رفضت اعطاء عطلة خلال الذكرى الثانية للحادثة، بحسب زعمهم.
ووفق المعلومات من مصادر سياسية مطلعة ان الخلاف الذي حدث داخل الإطار التنسيقي حول الاحتفالية “هو سلسلة من الانقسامات المستمرة منذ بداية تشكيل الحكومة حول علاقة القوى الشيعية بالولايات المتحدة”.
وتعترض بعض الاطراف الشيعية على التقرب من واشنطن وعلى زيارة مرتقبة لرئيس الحكومة الى امريكا.
وظهر هذا الانقسام في قضية مقتل المواطن الامريكي ستيفن ترول قبل شهرين في بغداد، حيث المحت بعض الجهات الشيعية الى ان الاخير هو عنصر مخابراتي في محاولة لتبرير الحادث.
اضافة الى التخبط الذي ساد موقف القوى الشيعية من قضية الاشتراطات الامريكية على عمليات تحويل الدولار، واعتبار بعض احزاب “الإطار” بان ما يجري هو عقاب لطهران.
ويقدر حجم الدولارات المهربة اسبوعيا من العراق بما بين 100 و250 مليون دولار، يذهب نصفها على الاقل الى إيران والبقية الى 3 دول مجاورة.
وفي غضون ذلك هددت كتائب حزب الله بالثأر ممن وصفتهم بـ “الاعداء” لمقتل المهندس وسليماني، ووجهت اتهامات الى الولايات المتحدة والسعودية واسرائيل.
ونشر الموقع الرسمي للكتائب بيانا صادرا عن الامين العام للفصيل ابو حسين الحمداوي (يعتقد ان اسمه الحقيقي احمد محسن فرج الحميداوي) قال فيه: “نقولها، وليسمعها الصديق قبل العدو، ومن في سمعه صمم: إن ثمن دماء قادة النصر ورفاقهم باهظ، ومُكلف، سيدفعه الأعداء عاجلا أو آجلا”.
وبحسب البيان ان الحميداوي خاطب الأمريكان والكيانان السعودي والصهيوني قائلا: “عليكم أن تفهموا بأن هذه الأمّة نهضت، وتعلمت الدرس جيداً، وأن أساليبكم الخبيثة لم تعد تنفعكم للبقاء في الصدارة، بل سيُرد كيدكم إلى نحوركم، وستكويكم النار التي أحرقتم بها المنطقة”.
ولفت الأمين العام لكتائب حزب الله إلى ان “اتحاد محور المقاومة لمواجهة الأعداء(...) يجب أن يستمر، ويشمل جميع المجالات، بل نعمل على توسعة هذا التحالف ليشمل الدول التي لها نفس التحديات التي نواجهها”.
وكانت الكتائب قد اتهمت بعد حادثة المطار رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي بـ”تسهيل” عملية الاغتيال حين كان رئيسا للمخابرات.
وكانت الحكومة السابقة قد فتحت تحقيقاً بالحادث، فيما لايزال البرلمان حتى قبل نهاية السنة الماضية يطالب بالحصول على نتائج التحقيق.
ورغم ان الاطار هو من شكل الحكومة، لكن تعتقد جهات شيعية مثل منظمة بدر –احد ابرز اطراف الاطار- ان الولايات المتحدة تمنع ظهور نتائج التحقيقات.
وكانت (المدى) عن نقلت في وقت سابق عن لجنة الامن في البرلمان معلومات اشارت الى ان حكومة عادل عبد المهدي التي جرت الحادثة في عهدها، “تعلم بالقصف الامريكي”.
واكد حينها حيدر العبادي رئيس الوزراء الاسبق، تلك المعلومات وقال في لقاء تلفزيوني إن “الطائرات التي جاءت إلى العراق، والتي ضربت القادة (سليماني والمهندس) في المطار (مطار بغداد الدولي) حصلت على موافقة عراقية”، مؤكدا أن ما يقوله حقيقة والكل يعلم بذلك.
وكانت تقارير غربية نقلت عن مسؤولين أميركيين، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، أن الولايات المتحدة كانت تتابع عن كثب “تحركات سليماني لعدة أيام قبل الضربة”، لكنهم رفضوا ذكر كيف حدد الجيش موقعه ليلة الهجوم.
التصعيد الإيراني
بالمقابل تقول طهران بان عدد المتورطين بالحادث بلغ نحو 100 شخص، فيما هدد الحرس الثوري بضربات جديدة ضد القوات الامريكية.
واكد مساعد القائد العام للحرس الثوري الإيراني علي رضا نقدي، بحسب وسائل اعلام ايرانية، أنه يمكن تكرار قصف القواعد الأمريكية في أية لحظة يصدر الأمر للثأر لدماء الفريق قاسم سليماني.
وكانت طهران قد اعلنت بعد 5 ايام من حادثة المطار (جرت في 3 كانون الثاني 2020) عن قصف قاعدة عين الاسد غربي العراق، مستهدفة القوات الامريكية هناك.
بالمقابل قال مساعد رئيس السلطة القضائية الإيرانية للشؤون الدولية، كاظم غريب آبادي ان من بين «المتهمين 94 أميركيا وفي مقدمتهم الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو وقائد القيادة المركزية الاميركية الجنرال كينيث ماكنزي».
واضاف بحسب ما نقلته وسائل اعلام ايرانية، انه «تم تشكيل لجنة مشتركة بين الهيئتين القضائيتين في العراق وإيران، وعقدت ثلاث جولات من اجتماعات هذه اللجنة في بغداد وطهران».
وبين «اتفقنا الأسبوع الماضي على عقد الجولة الرابعة من اجتماع اللجنة مطلع الأسبوع المقبل»، موضحاً: «في تقديرنا أنه مع الجولة الرابعة من المحادثات سيتم الانتهاء من لائحة الاتهام».
بدوره يعتقد مثال الالوسي زعيم حزب الامة في حديث لـ(المدى) ان «توقيت حديث الإيرانيين عن التحقيقات المشتركة مع العراق ليس عبثيا وان فيه رسائل الى واشنطن».
ويضيف الالوسي ان «إيران تحاول عرقلة اية تفاهمات بين العراق والولايات المتحدة خصوصا مع قرب زيارة السوداني الى واشنطن».
وبين الالوسي وهو نائب سابق ان طهران «ستقوم بعمليات تصعيد ضد الولايات المتحدة وتثير الازمات في العراق قبل وصول السوداني الى امريكا».
من جهته يقول غازي فيصل وهو مدير المركز العراقي للدراسات الستراتيجية في حديث مع (المدى) ان «النظام الايراني ومؤسساته فشلت في محاسبة المتهمين بحادث الاغتيال رغم اعلانها وجود عشرات المتورطين».
وشكك فيصل بقدرة طهران على محاسبة الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، «لأنه في وقت تنفيذ القصف كانت لديه حصانة باعتباره رئيسا للولايات المتحدة».
واضاف ان «واشنطن تتهم سليماني بانه يخطط لهجمات ضد المصالح الامريكية لذا قامت باغتياله وهو خلاف وجهة النظر الايرانية».
واشار مدير المركز العراقي الى ان «أطرافا في الحكومة العراقية متحمسة لمحاسبة امريكا على خلفية حادث الاغتيال، وأطراف اخرى تريد ان تقدم إيران شكاوى بعيدا عن العراق».
ويتابع: «لكن في النهاية تبقى قضية ملاحقة المسؤولين الأميركيين مجرد دعاية اعلامية وبيانات تتكرر في كل ذكرى للحادث».