TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جملة مفيدة: الحرب والسلام.. وأصدقائي

جملة مفيدة: الحرب والسلام.. وأصدقائي

نشر في: 4 يناير, 2023: 12:20 ص

 عبدالمنعم الأعسم

الحرب الاوكرانية، للاسف، افسدت الكثير من اصدقائي، ليس في تحيّز بعضهم الى هذا الطرف وبعضهم الآخر الى ذاك (فمن حقهم ذلك) بل في “الحميّة” الحربية الاستثنائية التي ركبوا لغتها ومخاطرها، إذْ لبس الكثير منهم اردية الجنرالات وصاروا يسهرون الليالي امام خرائط تتداخل من عليها الجيوش وتَدُكّ فيها الصواريخ حواضر وسكان المدن، في حين تنهال عليّ (منهم) الملامات،

والغمز واللمز، وايضا اتهامي بين الحنين الى الايديولوجيا المتوفاة أو السقوط في الليبرالية المتوحشة.. وانا (في طبعي) لا أحنّ الى تلك، كما حصّنتُ نفسي (من زمان) ضد السقوط في حبائل الولاء، منذ ان طوينا تلك الحروب التي كنا نسميها بالحروب العادلة، او الحروب الثورية.

ان الحرب هي الحرب.. فهي، يقول صاحب الحرب والسلام ليو تولتسوي “تُفسد الناس في عام واحد أكثر مما تفسدهم ملايين من جرائم النهب والقتل التي يرتكبها الافراد خلال ملايين السنين” ويستطيع المتابع من موقع هذه الانتباهة المدوية ان يكتشف عقم اسباب الحرب الاوكرانية التي اشتعلت (اولا) في نقطة تماس “قومية” بين الروس والاوكرانيين، لتمتد (ثانيا) الى ستراتيجيات التوسع الاستعماري، في حرب غاشمة من جنس حروب القرن السابع عشر القومية حيث وصف اينشتاين تلك “القوميات” الجامحة التي تشعلها كمرض “من امراض الطفولة” وقرر انها “حصبة الجنس البشري”.

في الماضي، كانت ثمة استحالات امام حل مشاكل الدول بوسائل المراضاة ومعاهدات السلم واعتماد مبدأ عدم التدخل في شؤون الغير واحترام السيادات، وبرغم تحولات العالم نحو فرص السلام وحلول امكانيات تجنيب الشعوب اهوال الحروب والمذابح والاحتلالات لكن حكام ستراتيجيات التوسع لم يتعظوا من تجاربها، ولا تهمهم الكلفة التي تدفعها الشعوب عن عنادهم، والغريب انهم جميعا يتعاملون مع الحرب باعتبارها نزهة، او كتمرين على اختبار عظمتهم.

ومن زاوية يبدو للمحلل ان الامر ينطوي على شيء من الجنون، حين يخرج المستبدون الى حرب انتحارية غير معروفة نتائجها، ثم سرعان ما تُثخن جراحهم، فيدخلون في مفاوضات السلام على اشلاء الجثث وخراب المدن ودوامات الخوف والخسائر باهضة التكاليف، وذلك بانتظار طرف حكيم يدلّهم الى منفذ من الكابوس: صعد مجنون هارب من المستشفى منارة بقصد الانتحار، حيث فشل جمهرة الناس في اقناعه بالعدول عن ذلك، الى أن جاءهم طبيب المستشفى بمجنون آخر، وطلب اليه إقناع زميله بالنزول، فصاح به قائلا “إذا لم تنزل فسأقص المنارة بالمنشار” وهكذا نزل المجنون من اعلى المنارة طائعا.

اقول.. من جانبي، لا اجد سببا واحدا لتحبيذ حرب تجري لكسب اشبار على الارض، او لتمجيد زعامات سياسية كل شيء لديها ثمين باستثناء دماء المدنيين الابرياء، بمن فيهم جنود مساقون بالاوامر، كما لا اتوقع (على اي حال انتهت اليه الحرب الاوكرانية) ان تدق اجراس السلام لنياشين فخر على صدور الضحايا المنسيين بل ستحتفي بمشعلي الحرب انفسهم كغالبين.. واصدقائي الطيبين، من الطرفين، ومعهم ضحايا الحرب، وحدههم مغلوبون.

استدراك:

«الثقة الزائدة تنتهي الى غرور، والمديح الزائد يغدو نفاقا، والتفاؤل المفرط يصبح سذاجة».

فيكتور هوغو

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: إخجلوا !!

العمود الثامن: رايات وولاءات

الغاز الإيراني و الفرصة التاريخية

قناطر: قبورنا التي تلتهمنا

بيت المنقسم والمعركة المؤجلة: أزمة الشرعية في ظل استحقاق انتخابي مضطرب

العمود الثامن: شيء مؤسف

 علي حسين في مرات كثيرة أجد البعض من القراء الاعزاء وهم يعلقون على مقالي اليومي عن "الكوميديا العراقية" بالقول: يبدو أنك تعبت، وقارئ عزيز آخر يكتب: لماذا هذا التشاؤم ونحن على ابواب انتخابات...
علي حسين

"صقور" الطرفين تتوعد: تفاؤل حذر بحل حزب العمال الكردستاني ذاتيًا

د. فالح الحمــراني يستبعد مسؤولو دول وخبراء، دخول الإعلان التاريخي بحل حزب العمال الكردستاني وإنهاء الأعمال القتالية حيز التنفيذ بالسرعة المنشودة، بالنظر إلى البنية التحتية العسكرية الضخمة للحزب وخريطة انتشار وحداته. ورجح مراقبون وسياسيون...
د. فالح الحمراني

التعليم بين الورقة والذاكرة الرقمية: جيلان لا يلتقيان!

د. طلال ناظم الزهيري في خطوة أثارت الكثير من الجدل، أعلنت السويد عن توجهها للعودة إلى استخدام الورقة والقلم في التعليم، معتبرة أن الأدوات التقليدية أكثر فاعلية في ترسيخ المهارات الأساسية لدى الطلبة. وبينما...
د. طلال ناظم الزهيري

شريك الأحلام بعراق آدمي.. عن علاء حسن

علي عبدالأمير عجام في الأسبوع الثالث بعد سقوط نظام صدام حسين، عملت على اصدار أول صحيفة يومية في بغداد لا تمدّ يدها إلى أملاك الدولة العراقية، بل يحسب لها انها أعادت للمطابع العراقية دورها...
علي عبدالأمير عجام
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram