ما من حكومة عراقية تشكلت منذ وفاة الملك فيصل الاول (1933) لم تعمل على، أو في الأقل تفكر في، إرغام الكرد بالقوة على التخلي عن مطالبهم وجعلهم "مواطنين مطيعين".
المطالب الكردية انحصرت خلال العهد الملكي بتطبيق ما قررته عصبة الأمم (1925) من حقوق سياسية وثقافية وادارية لهم في إطار الترتيبات الدولية لإلحاق ولاية الموصل العثمانية بالعراق (كانت تركيا تطالب بها). وفي العهد الجمهوري الأول كان مطلب الكرد تطبيق ما نص عليه دستور 1958 القائل بأنهم شركاء للعرب في الوطن العراقي. ومنذ أن استعملت الحكومة القوة العسكرية ضدهم في 1961 طوّر الكرد مطلبهم إلى الحكم الذاتي في بيئة دولية ملائمة. ولاحقاً سعت أربع حكومات (البعث الأول وعبد السلام عارف وعبد الرحمن عارف والبعث الثاني) لكسر شوكتهم بالقوة الغاشمة، ففشلت فشلاً ذريعاً، ما اضطر نظام البكر - صدام في العام 1970 إلى القبول بمطلب الحكم الذاتي وتوقيع اتفاقية آذار التي ما لبث النظام أن انقلب عليها مزهواً بقوة عسكرية اشترى عدتها بعوائد النفط الوفيرة، فلم يفلح واتجه إلى شاه إيران ليعقد معه اتفاقاً على معاونته في القضاء على الحركة الكردية مقابل منح إيران نصف شط العرب وأراضي أخرى (اتفاقية الجزائر 1975).
وقّع صدام اتفاقية الجزائر ثم انقلب بعد إطاحة نظام الشاه في ثورة شعبية (1979) فألغاها من طرف واحد ودخل في حرب مع النظام الإيراني الجديد. لكن النزهة التي ظن صدام انه أرسل جيشه فيها انقلبت إلى كارثة للجيش والشعب والبلاد، وغدت تلك الكارثة ساحقة ماحقة بغزو الكويت، وهذا كان من تبعات الحرب مع إيران التي كانت بدورها من تبعات سياسة استعمال القوة ضد الكرد.
الخلاصة ان كل المحن والكوارث الكبرى التي حلّت بالعراق ترجع جذورها إلى تلك الفكرة الجهنمية، فكرة استخدام القوة ضد الكرد، فقد مات موتاً مأساوياً وأصيب بالجروح والعاهات الملايين من العراقيين واحترقت مئات مليارات الدولارات عبثاً في حروب داخلية وخارجية لا طائل منها بسبب الفكرة الجهنمية إياها. والخراب الذي نكابده اليوم في ظل النظام الحالي هو امتداد لذاك الخراب الذي لا يريد القائمون على العملية السياسية لنا الخلاص منه.
لم يمت الكرد وحدهم في حروب الحكومات العراقية ضدهم.. العرب كانت أعداد القتلى منهم أكبر، فضلاً عن التركمان والكلدان والآشوريين والأرمن. ولم تتدمر قرى الكرد وضواحي مدنهم وحدها، فدمار المدن والقرى العربية كان أشد وأوسع نطاقاً.
كنا نحن عرب العراق أكثر الضحايا وأكبر الخاسرين في حروب حكوماتنا ضد الكرد.
لا ينبغي لنا ، نحن عرب العراق وكذلك تركمانهم وكلدانهم وآشورييهم وأرمنهم، أن نسمح في أي حال من الأحوال بأن تشن حكومتنا، كائناً من كان رئيسها، حرباً جديدة ضد الكرد، أو غيرهم .. لا يجب أبداً أن نقبل بأن تنطلق رصاصة واحدة ضد الكرد أو غيرهم.
السلام هو ما نحتاج.. والسلام هو ما نريد.. والحرب خط أحمر من الآن والى الأبد.
جميع التعليقات 3
عبدالسلام بروارى
لا فضّ فوك. وجود عراقيين مخلصين مثل عدنان حسين هو الذي يبقي الامل لدينا بأن هناك أملاً في ان نتمكن من العيش في ظل العراق
سمير طبلة
أ لم نشبع حروباً ودماراً و... مآس شاب لها شعر المفطوم؟ أم أن الفشل يسعى لتحويل الأنظار باختلاق أزمات جديدة، تخمّنا ونتخم بها يومياً؟ جرب طغاة هذا، وكان مصيرهم... مزبلة التاريخ. فأتعظوا، إن كنتم تتعظون!
جليل
موضوعة التسلط والاستبداد لهاأول وليس أخر حيث الحاكم هوسلطةألله في الارض ولاظل إلاظله إن الارض العراقية السياسية خصبة لتفريخ الازمات وماأكثرهاواخرها أزمة عمليات دجلة ماشاءالله القوى السياسيةالمتنفذة مرتاحه على هذا الوضع ومتريد تطلع من عنق الزجاجة سوف نغادر