TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: مليارات هيثم الجبوري!!

العمود الثامن: مليارات هيثم الجبوري!!

نشر في: 5 يناير, 2023: 01:40 ص

 علي حسين

إنتظر العراقيون أن يخرج عليهم مسؤول يخبرهم عن الجهات التي سهّلت سرقة أموال الضرائب، وأنتظروا صابرين أن يصدر قرار قضائي بسجن جميع المتورطين وحجز أموالهم، لكن العراقيين الذين لا حول ولا قوة لهم اكتشفوا أن المتهم الرئيس نور زهير احتفل بأعياد الميلاد في قصره الذي اشتراه بأموال مسروقة، وأنه تلقى التهاني من بعض المسؤولين بمناسبة العام الجديد متمنين له أعواماً أفضل مع سرقات أدسم.

هناك غموض يحيط بحكاية سرقة القرن، إذ كيف تمكن شاب من أن يحوِّل كل هذه المبالغ؟ يريدون منا أن نصدّق أنه لا علاقة لبعض السياسيين المتنفذين بهذه السرقة.

بالأمس أخبرنا رئيس هيئة النزاهة باسترداد 4 مليارات دينار من أحد المتهمين، وعرفنا أن هذا المبلغ هو جزء من أصل 17 مليار دينار التي يجب أن يسددها المتهم جراء تضخم أمواله، تصريحات غامضة تذكرنا بسلسلة مغامرات المفتش الشهير "شارلوك هولمز".

ربما يسخر مني بعض القراء وهم يقولون: يارجل، لماذا تستكثر على بعض مسؤولينا أن يتقمصوا شخصية المرحومة "أجاثا كريستي"؟، ولماذا لا تريد أن تؤمن بأن من حقهم أن ينافسوا شارلوك هولمز وحكاياته بالإثارة وسعة الخيال المشهورة في العالم كله؟.

منذ سنوات ونحن نعيش في أجواء سلسلة مثيرة من روايات المفتش العام الغامضة، وكان العراقيون يظنون أن همة الدولة ترسيخ القانون وتطبيقه على الجميع، لكن اللحظة التي تمت فيها تبرأة فلاح السوداني وجمال الكربولي، أثبتت أن العراقيين يعيشون عصر الفرهود المنظم.

تعلمنا من الأحداث التي مرت بالعراق أن اللص الكبير يحتفظ لنفسه بالحصانة الكاملة. بدليل أن مليارات الدولارات ذهبت إلى جيوب مسؤولين كبار دون أن يقول لهم أحد: من أين لكم هذا؟.

الارتباك والتلعثم واضحان في التعاطي مع سرقة القرن، التي اكتشفنا أن النائب السابق هيثم الجبوري تفضل، مشكوراً، وأعاد مبلغ أربعة مليارات دينار عراقي، وأنه سيحتفظ بالمليارات الباقية، ثم عرضوا لنا المبالغ لكي يطيل المواطن النظر إليها، ويؤمن بأننا دولة قانون. تخيل جنابك أن نائباً سابقاً يلفلف عشرات المليارات من الدولارات فقط لأنه مارس لعبة الابتزاز والصوت العالي في البرلمان والبكاء على أموال الفقراء.. في بلد أخبرنا مجلس وزرائه أن عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر بلغ عشرة ملايين مواطن.

عندما يستسهل المسؤول الكبير، السرقة والنهب وإثارة الفتنة الطائفية، يصبح كل شيء آخر بسيطاً او مبسطاً. كالسطو على مال الغير وبث الفساد في مؤسسات الدولة .

في هذا المكان صدعت رؤوسكم بحكاية هيثم الجبوري الذي طالبني ذات يوم بدفع مليار دينار لأنني شوهت سمعته ،وعندما سخرت من ضخامة المبلغ، لم أكن أتوقع أن المليارات تتقافز بسهولة في جيوب هيثم الجبوري.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram