TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > في العراق عائد مرتفع مع إعادة انتاج التخلف

في العراق عائد مرتفع مع إعادة انتاج التخلف

نشر في: 9 يناير, 2023: 10:09 م

رزاق عداي

نشر البنك الدولي قبل فترة تقريراً ، ذكر فيه ان العراق سيكون الاعلى بين الدول العربية من حيث نمو نصيب الفرد العراقي من الناتج المحلي الاجمالي خلال 2022 . والبنك الدولي يشير الى الوفورات المالية المتاْتية من زيادة اسعار النفط في الاسواق العالمية في الاشهر الاخيرة من سنة 2021 و 2022 .

ومن الجدير بالذكر ان العراق كان قد شهد تعافيا مالياً مشابهاً في الاعوام 2012 - 2014 ، ولكنها لم تترك اثراً ملموسا على حياة العراقيين ، بل تراجع مستوى المعيشة ، وتفاقمت نسب الفقر ، ومن المعروف أن ذلك النمو ايضاً جاء بسبب الزيادة في إنتاج النفط التي وصلت إلى أكثر من 3.3 مليون برميل في اليوم ، وما أسفر عن ذلك من زيادة كبيرة في العوائد النفطية ، ولذلك ينبغي التحذير من الإفراط في التفاؤل حول مستقبل النمو وعملية التنمية في العراق ، فمهمة الحكومة الحالية ليست سهلة ، في ظل استمرار المشكلة الرئيسية التي تواجه الاقتصاد العراقي، وهي تهالك البنيان الإنتاجي الذي يستند إليه هذا النمو، فضلا عن عوامل عدم التأكد المحيطة بالاقتصاد العراقي والمخاطر المحلية والإقليمية المحيطة به ، التي تسهم في إجهاض السياسات الهادفة إلى الحفاظ على ما تحقق من نمو .

ولكي تستمر استدامة هذا النمو المرتفع لا بد من تركيز السياسات الاقتصادية على تحقيق زيادة في معدلات الإنفاق الاستثماري في قطاعات الإنتاج غير النفطي وبخاصة الصناعة التحولية والزراعة والبناء والتشييد والسياحة كما نوهت الى هذا التوجه خطط التنمية السابقة ، غير ان واقع الحال ما زال يشير الى استفحال عمليات ترييع الاقتصاد ، المصحوبة بإهمال شبه كامل للقطاعات الإنتاجية والخدمية المولدة لفرص التشغيل ، فضلا عن إهمال الدور التنموي للقطاع الخاص ، واستمرار الفساد والمحاصصة الطائفية في أجهزة الدولة وتخبط السياسات الاقتصادية وافتقارها لعنصر التنسيق والتكامل ، أن تلك التوجهات ستقود حتما إلى استمرار عمليات تبديد الفائض الاقتصادي ، كنتيجة لارتفاع حجم الإنفاق الاستهلاكي الخاص والعام فضلا عن الاعتماد شبه الكامل على الاستيراد ،كما أن تفاقمها سيقود إلى استفحال الأزمة الاقتصادية من ناحية وتأجيج حالة الانقسام السياسي والطائفي من ناحية ثانية ويدفع باتجاه تغذية الصراع العنيف على الغنيمة (الريع النفطي).هذا السيناريو المتشائم ليس من نسج الخيال ، بل هو واقع يومي معاش، فتلك الصورة القاتمة تترافق مع الصورة الوردية عن معدلات النمو المرتفعة ، مما يجعل المراقب الاقتصادي يصحو من حلمه الجميل ليصطدم بصخرة الواقع الذي يعيد إلى الأذهان الحقيقة المرة التي تفيد بأن ما تحقق في العراق لحد الآن لا يعد بكل المقاييس تنمية اقتصادية ناهيك عن كونه تنمية مستدامة ، بل أن ما تحقق فعلا هو تنمية للتخلف بجميع أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ساهمت بتكريسه السياسات الاقتصادية التي طبقت خلال العقدين الماضين بعد 2003 ، فتلك السياسات همشت قطاعات الإنتاج الحقيقي في تخصيصات الإنفاق الاستثماري وبذلك فأنها قد عملت على إعادة إنتاج التخلف وكانت بعيدة كل البعد عن التوجه التنموي المطلوب للنهوض بالاقتصاد العراقي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ضد منافس شرس.. متى تفوز المراة بحقوقها؟

ما حقيقة استقالة وزير النفط؟

البرلمان يعتزم اطلاق دورات تثقيفية "إلزامية" للمقبلين على الزواج للحد من العنف والطلاق

(المدى) تنشر قرارات جلسة مجلس الوزراء

السوداني يؤكد التزام العراق بخطط أوبك

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

 علي حسين ظل السادة خضير الخزاعي وأسامة النجيفي وصالح المطلك وإبراهيم الجعفري وفؤاد معصوم وعباس البياتي وعتاب الدوري وحسن السنيد وغيرهم يهلّون علينا كلَّ يوم قبل الغداء وبعد العشاء من خلال الصحف والفضائيات،...
علي حسين

كلاكيت: البحر الأحمر في فينيسيا

 علاء المفرجي بعد مشاركتها في الدورة السابعة والسبعين من مهرجان كان السينمائي لعام 2024م، من خلال أربعة أفلام سينمائية وعدد من المبادرات والفعاليات. وتتضمّنت قائمة الأفلام التي حصلت على دعم المؤسسة: "نورة" للمخرج...
علاء المفرجي

تدهور الرعاية الصحية الراهن لا تُعالجُه الوعود المعسولة!

د. كاظم المقدادي أنتجت المنظومة السلطوية القائمة على المحاصصة الطائفية والإثنية، وتقاسم النفوذ والمليارات، والمناصب والإمتيازات، ظواهر بغيضة، كالتسلط والهيمنة على مقدرات البلد، بدأتها بإفراغ الوزارات ومؤسسات الدولة الأخرى من الموظفين الكفوئين إدارياً وذوي...
د. كاظم المقدادي

عن المرجعية الدينية

حيدر نزار السيد سلمان كتب ويكتب الكثيرون عن خليفة المرجع الديني اية الله العظمى السيد علي السيستاني بالإضافة إلى جهود بعض مراكز البحوث المهتمة بالشأن العراقي، وهذا دلالة على أهمية المرجعية الدينية من النواحي...
حيدر نزار السيد سلمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram