إياد الصالحي
تماشياً مع نهج مجلسه التحليلي لمباريات كأس الخليج العربي 25 من قلب محافظة البصرة، ازدان برنامج الإعلامي القطري خالد جاسم من قناة الكاس، بفقرات ثقافيّة منوّعة في كلّ سهرة يُقدِّم لوناً مُختلفاً عن المجتمع العراقي الفْخِم بتقاليده الضاربة في جذور تاريخ بلد النهرين مركز أولى الحضارات في العالم.
برنامج المجلس أضاف لحلقاته الكرويّة الصِرفة بُعداً ثقافيّاً كان يحتاجهُ منذ زمن بعيد، طالما أن أعمدة حلقاته ينتمون الى دول عربية متنوّعة تجمعهم اللغة والدين والجغرافية والأرض والإنسانية بأعلى درجات الاحترام للرأي والرأي الآخر بالشكل الذي جعل البرنامج عائلة صغيرة تجمع كُلّ العرب لثلاث ساعات أو أربع بعد منتصف الليل بلا مَلل أو تكرار في المضمون وفي الشخصيات أحياناً.
الشعب العراقي لم يكن مُمَثّلاً بجمهور البصرة وحده في أماسي خليجي 25 مع أنه الجمهور الأوّل وراء نجاح تنظيم البطولة العزيزة على قلب كلّ عراقي، بل لفت خالد انظار أهل الخليج خاصّة الجيل الجديد الذي غابت عنه معلومة الطيف المجتمعي لأبناء الرافدين، فحضر ابن نينوى وأربيل وبغداد وواسط وكربلاء وميسان وغيرها من المحافظات بملابسهم المختلفة وقلوبهم الموحّدة والنابضة بحُبّ الوطن وضيوفه ليُعرِّفوا عن لهجاتهم وعاداتهم بأسلوب بسيط تفاعل معهم خالد، وشاركهم الغناء، وشبكت يداه أيديهم مُبتهجاً معهم، وهُم يغنّون للبصرة والبطولة بأروع القصائد.
رسالة خليجي الكاس الثقافي أقوى رد إعلامي لأميز قناة خليجيّة وعربيّة متخصّصة بالرياضة على مَنْ كان يروّج سلبيّاً ضد البصرة ويبثُّ الرُعب في نفوس من يسعى لزيارتها ومُحذّراً من تصفيته أو خطفه أو سرقته أو فَقْد مصيره، فكانت الحقيقة أن البصرة غدت حُضناً دافِئاً للمرعوبين والقلقين والباحثين عن راحة البال قُبّالة شطّها الفائض بالكرم والشاهد على ملاذ سُفُن السلام قُرب ضفافها.
جميل أن تُعنى برامج الرياضة أثناء البطولات بالفنون والطقوس الشعبيّة، كون الإعلام وسيلة مهمّة لنقل الحدث بواقعيّة وصدقيّة، كما أن مسؤوليّة تلك البرامج كبيرة في جذب اهتمام الناس للرياضة التي أصبحت سفيرة أولى في العالم من خلال ما شاهدنا في مونديال قطر الشهر الماضي، وما أحدثه من أهتمام شعبي لعشرات الجنسيات التي أقامت في الدوحة طوال مدة المنافسة ومعايشتها الفعّاليات خارج المستطيل الأخضر.
وكان للطفل العراقي حضوره اللافت والمُدهش في برنامج الكاس، وهو يُرحّب بخالد وأعضاء مجلسه وينقل لهم مشاعره العفويّة ويُبينّ لهم أنه يعكس تربية أهله الحميدة، وقدر فهمه لمعنى وجود أبناء الخليج قُرب بيته وماذا يُحتّم عليه الواجب لخدمتهم؟
وحتى تسدل خليجي 25 الستار على أحداثها الساخنة في ملعبي البصرة والميناء، يتواصل التمثيل المشرّف للبصراويين في الشارع والملعب والاسواق والكورنيش والاستوديو بأبهى ما يكون إكراماً لعراقيّتهم أولاً وأحتراماً لطِباع العشيرة والمدينة التي ستظلّ تحتفي بإرثها الخليجي الرياضي في 9 كانون الثاني سنويّاً، والذي صبرت عليه 44 سنة لتثبت أنها بقدر التحدّي على النجاح.