TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > البرلمان الجديد والأداء التشريعي

البرلمان الجديد والأداء التشريعي

نشر في: 26 يوليو, 2010: 05:56 م

ميعاد الطائي كلمة البرلمان  مشتقة مaن لفظة فرنسية تعني الكلام  (parliament) وله أسماء أخرى (الجمعية الوطنية،المجلس الوطني ،المجلس التشريعي) وهو عبارة عن مؤسسة تشريعية سياسية تكون مسؤولة عن سن القوانين والتشريعات في البلاد وهي أعلى سلطة تشريعية ظهرت في أوروبا في محاولة للوقوف بوجه التسلط والدكتاتوريات
  التي كانت تحاول الانفراد بالسلطة في أعقاب العديد من الثورات التي ظهرت على المشهد الأوروبي آنذاك، من خلال إيجاد قوانين وتشريعات تحافظ على سلامة المجتمع واستقرار نظامه السياسي الذي لم يتحقق إلا بوجود جهة تشريعية تضع نظاما قانونيا يخضع له الجميع ويؤمن بأن بناء البلد على أسس متينة يتوقف على احترام هذا القانون من اجل ذلك شهدت أوروبا ولادة برلمانات عديدة منها البرلمان البريطاني الذي ظهر كتجربة رائدة لاقت الكثير من النجاح وكان له صدى كبير لدى الكثير من الدول التي اقتبست التجربة من دون مراعاة الاختلاف بين الظروف المحيطة بالعملية الديمقراطية في إنكلترا وبين التي تمر بها تلك البلدان المقتبسة فتعرضت تجارب البعض منها للفشل لعدم توفر الشروط التي توفرت في العملية السياسية البريطانية.وبمرور سريع على التجارب البرلمانية العراقية سنجد إن أول تجربة كانت في العهد الملكي وبالرغم من كل ما قيل عن هذه التجربة تبقى تطورا ايجابيا بالنسبة للفترة الزمنية التي عاصرتها هذه التجربة .أما تجربة برلمان 1980 المنتخب فلم تكن سوى مؤسسة حكومية يجلس فيها ممثلون للحكومة ومرشحون عنها يتم ترشيحهم عبر شروط مسبقة وتعقد الجلسات دائما تحت شعار (إذا قال صدام قال العراق) ..ما يهمنا من التجارب العراقية هو التجربة الحالية في البرلمان العراقي المنتخب من قبل الشعب العراقي والذي جاء بعد سقوط النظام الدكتاتوري حيث وجد الشعب العراقي نفسه أمام حالة جديدة لم يألفها سابقا بعد تخلصه من نظام قمعي يتحكم بالدولة من خلال أجهزة أمنية ومخابراتية كبيرة جدا وقد اختفت كل هذه القيود بين ليلة وضحاها وتخلص العراق من القبضة الفولاذية التي كانت تحكم السيطرة عليه وجاء برلمان 2005 في محاولة إعادة بناء الدولة من خلال سن وتشريع القوانين التي يحتاجها البلد الذي خرج من حروب متتالية ببنية تحتية مدمرة وإنسان منهك اقتصاديا واجتماعيا يحتاج إلى قوانين جديدة تساعده على النهوض مجددا ..نفس الحاجة التي تحدثنا عنها عند انبثاق البرلمان البريطاني لسن قوانين تساعد على حفظ واستقرار النظام السياسي والحفاظ على سلامة المجتمع.كذلك جاءت الحاجة في العراق إلى سن القوانين والتشريعات المهمة للحفاظ على سلامة المجتمع والحفاظ على امن المواطن وضمان نجاح العملية السياسية ولكن ما حدث لم يكن كما خطط له والسبب هو إن الظروف التي رافقت ظهور البرلمان في بريطانيا وطبيعة تأسيسه وعمله تختلف عما هي في برلمان العراق الجديد حيث تحكمت فيه ممارسات خاطئة فرضت على المشهد البرلماني العراقي كان لها دور سلبي كبير في تعطيل عمل البرلمان والتقصير في واجباته التشريعية .ومنها المحاصصة التي فرضت نفسها على العملية السياسية في العراق  والتي تعني الدفاع عن حصة حزبية في غياب الكفاءة ولقد تجسدت هذه الحالة المقيتة في التجربة البرلمانية السابقة وساهمت في  عرقلة الكثير من التشريعات الوطنية المهمة والتي شهدت تصدي أشخاص للعمل في البرلمان كان كل همهم الدفاع عن أحزابهم وطائفتهم دون الالتفات لمصالح الشعب والوطن .ولقد شهدت جلسات البرلمان مناقشات علنية كشفت عن رفض كتل معينة لقوانين فيها المصلحة العامة وربطت التصويت عليها بالتصويت على قوانين أخرى تصب في مصالح فئوية تخدم أحزابهم كإطلاق سراح المعتقلين أو غيرها من القوانين التي تسببت في تعطيل التصويت على قوانين مهمة كالتصويت على الموازنة السنوية أو قوانين مهمة أخرى .الأمر الثاني الذي حصل في التجربة العراقية وكان له تأثير سلبي على أداء البرلمان هو غياب المعارضة على العكس من البرلمانات في الديمقراطية الأصيلة في العالم..حيث غابت المراقبة الفعالة والبناءة عن عمل البرلمان وعمل الحكومة في العراق الأمر الذي ساهم أيضا في غياب الدور التشريعي المهم للبرلمان.ونتمنى أن نشاهد في برلماننا المقبل توفر كل الظروف المناسبة والتي تمنح البرلمان والبرلمانيين فضاء مناسبا لوضع التشريعات وسن القوانين التي تمس حياة المواطن العراقي من خلال الابتعاد عن المحاصصة والبحث عن المنافع الشخصية والوصول إلى حالة النضوج السياسي الذي ينظر إلى مصلحة الوطن ويجعلها فوق المصالح الأخرى ونتمنى من السياسيين وهم يتحاورون اليوم في تشكيل الحكومة أن يأخذوا كل هذا بنظر الاعتبار من اجل بناء بلد ديمقراطي ومؤسسات وطنية تعمل على خدمة هذا البلد

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram