اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جملة مفيدة: براغماتية عراقية منقحة

جملة مفيدة: براغماتية عراقية منقحة

نشر في: 11 يناير, 2023: 01:34 ص

 عبدالمنعم الأعسم

يطلق سياسيون ودعاة وكتبة عراقيون، انصاف متعلمين، الدعوة الى "البراغماتية" كوسيلة شرعية في التنافس على المواقع والامتيازات، والبعض (ظهر على شاشة ملونة منذ أيام) زعم ان العالم كله يسترشد بالليبرالية، النفعية، فيما ذهب غيره الى التبشير بنوع عراقي "محسن" من البراغماتية على اساس المحاصصة و"اسكت عليّ اسكت عليك" مقابل (هناك) مَن يشتم البراغماتية بعد ان يضمها،

جهلا، الى العولمة والليبرالية والشيوعية والكوسموبوليتية والسادية والوجودية والاباحية، والبعض الآخر يحيطها بريبة، من جنس الريب التي تحاط بها، عادة، الاصطلاحات الاجنبية الغريبة، فكل ما يأتي من ما وراء المحيط يجب التوجس منه والتحسب من أخطاره على العقول.. وكأنهم اكتشفوا البراغماتية، اكتشاف "لقطة" مفقودة منذ الف عام.

وطبعا، ثمة من كان قد رفع شعار البراغماتية منذ عقد من السنين في ظروف اختلطت فيها الشعارات ببرك الدم، وعدّها صاحب السلطة آنذاك الوصفة المناسبة والفلسفة السياسية المطلوبة وخشبة النجاة للوصول الى الولاية الابدية المنشودة، فوظفها في غير موضعها، واستند فيها الى تعريفات من غير سياقها، وصعد فيها، ومنها، الى صورة ساذجة تبيح "اللعب على الحبال" باعتبار ذلك جوهر البراغماتية ومعناها في التطبيق.

واليوم، في هذا الجو من التضبيب والاضطراب المفاهيمي والسياسي، لزم التذكير بان البراغماتية توصيف ابتدعه النموذج الامريكي في الحياة السياسية. انها الطبيعة الامريكية في التصرف واسلوب العمل، وهي –في تعريفاتها المدرسية- تعني الوسيلة العملية او الذرائعية او التبريرية التي تحقق فائدة آنية، ولا يهم ان تتم بمختلف الآليات غير الاخلاقية، لكنها القانونية في ذات الوقت، وبمعنى آخر هي العمل اللاأخلاقي في اطار القوانين المرعية.

ويختصر "ساندرس بيرز" مؤسس المذهب البراغماتي (اواخر القرن التاسع عشر) مذهبه بالقول ان جدوى اي مشروع وفكرة تتحدد في نتائجها، وقد ساعدت هذه التأويلات في تفريخ واطلاق مذهب "الغاية تبرر الواسطة" الى ابعد مديات الاتساخ السياسي. على ان الكثير من الدراسات والمعاهد العلمية الرصينة ترفض الفلسفة والوصفة والتطبيقات البراغماتية وتطعن في نظرية "النتائج هي الاهم" وتُحذر من انتشار نزعة اقصاء الاخلاق عن السياسة..

والان وصلنا (على ايدي ساسة مرحلة الانحطاط) الى بيت القصيد الذي يدق ابوابنا بهوس الاستقتال على المنهوبات والمناصب، وقائلهم يقول "جميع الاساليب مشروعة ما دامت وفق القانون".. ثم.. "المهم النتائج".. لكنهم، وعلى هدى النسخة العراقية من البراغماتية، لا يقبلون بجميع النتائج وبعلاتها وافرازاتها وهزائمها.. فان بعض النتائج دونها الحرب.. وقطع الرقاب.

استدراك:

"كن سيد الأفكار لا عبدها"

إدوارد ليتّون

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. راغب البجاري

    وفي آخر المطاف ستكون النهاية سيئة ومرعبة إلى أبعد حد...أما لهم او لنا، لعله الأجيال القادمه ستحدد..

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: نائب ونائم !!

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

 علي حسين تهلّ علينا النائبة عالية نصيف كلَّ يوم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والصحف والفضائيات، ويتعاطى العراقيون جرعاتٍ مسكنةً من التصريحات التي يطلقها بعض النواب، حيث يظهرون بالصورة والصوت ليعلوان أن المحاصصة...
علي حسين

كلاكيت: عشرة أعوام على رحيل رينيه

 علاء المفرجي في الذكرى العاشرة لرحيل شاهد عصر الموجة الفرنسية الجديد، التيار الذي شكّل حدثاُ مفصلياً في تاريخ السينما ألان رينيه الفرنسي الذي فرض حضوره القوي في المشهد السينمائي بقوة خلال تسعة عقود...
علاء المفرجي

نحو هندسة للتوافق التنموي

ثامر الهيمص وليكن نظرك في عمارة الارض، ابلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لان ذلك لا يدرك الا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة اخرب البلاد، واهلك العباد ولم يستقم امره الا قليلا. في...
ثامر الهيمص

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

رشيد الخيون أقام ديوان الكوفة بلندن(1993) أسبوعاً عنوانه "التُّراث الحي في حضارة وادي الرّافدين"، ففاجأنا دكتور بعلم الأحياء، معترضاً على إحياء "الأصنام"، وبينها كَوديا. لم نأخذه على محمل الجد، حتى كسرت "طالبان" تمثالي بوذا(مارس2001)،...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram