TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > دور المرأة العراقية في تعزيز ثقافة السلام

دور المرأة العراقية في تعزيز ثقافة السلام

نشر في: 14 يناير, 2023: 09:46 م

عبد المجيد صلاح داود

خلال حقبة النزاعات الاخيرة التي شهدها المجتمع العراقي وما لحق بها من ظواهر سلبية عديدة شاركت المرأة بالعديد من الاعمال الخيرية من خلال جمع المال والمساعدات من التجار والجمعيات واصحاب رؤوس الاموال لمساعدة العوائل المتعففة,

لانتشالها من وضعها المأساوي وحفظ كرامتها في المجتمع, حيث قدمت المرأة دوراً تنموياً في العمل الاجتماعي لا نستطيع نكرانه, كما وشاركت في جمعيات خيرية لمساعدة الفقراء وتقديم المعونات لهم, فكم من فقير ويتيم بحاجة الى طعام ولباس وتعليم خلال هذه الفترة وبالأخص فترة النزوح التي تعرض لها المجتمع, عندما عملت النساء من خلال هذه الجمعيات النسوية بالبحث عن متبرعين وجمع الاموال وتوزيعها على الفقراء عن طريق عضوات الجمعية كل بحسب المنطقة التي تعمل فيها.

كما و شهد المجتمع خلال الفترة الأخيرة بروز ظاهرة الناشطة الاجتماعية التي تزايدت بشكل بالغ التأثير, منضويات في فرق تطوعية عملت على مساعدة المحتاجين والمرضى ممن تأثروا بظروف الحرب والنزوح, من خلال توفير الأدوية وتقديم المعونات الطبية والاسهام في اعادة النازحين الى اماكن سكناهم, بالإضافة الى المساهمة في تنظيف الشوارع والاهتمام بمعالم المدينة وتقديم دروس توعية للناس تندد بالعنف وتعزز اليات التماسك الاجتماعي لأجل تحقيق السلام سواء كانت في الاماكن العامة او عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي تحت مسمى (قادة السلام), حيث تفرض ظروف الاحتلال والعنف الدائر في المجتمع ضرورة ملحة للتكيف مع الحالات الطارئة في الوقت الذي ضعف فيه الدور الحكومي وتراجع بشكل نسبي, نمى بالمقابل الدور الاهلي من خلال بعض مجالات الاغاثة في اوقات الطوارئ للعمل على تقديم خدمات تعزز اليات التكافل الاجتماعي سواء كانت عن طريق المساعدات المباشرة (النقدية او العينية) او المشاركة في منظمات المجتمع المدني لإزالة آثار الحرب والاحتلال على الصعيد الاجتماعي والتنموي.

يضاف الى تلك التصنيفات بروز ظاهرة النساء المدونات ممن استعانن بمواقع التواصل الاجتماعي لطرح قضايا بطرق محترفة من خلال انتقاد بعض الظواهر السلبية في المجتمع خاصة المتعلقة بحريات المرأة وحقوقها بلغة تؤثر في نفوس الاخرين وتضع العديد من النقاط مثار للجدل والحوار وتعقد على اساسها العديد من الندوات والورش تناقش خلالها ظواهر عدة يدار النقاش حولها بالأخص ونحن شاهدين على عصر يتأثر بكل ما يطرح على مواقع التواصل الاجتماعي, فضلاً عن رسائل السلام التي اوصلها النشطاء الى جميع محافظات العراق من خلال مبادرات انسانية عززت من التماسك بين اطياف المجتمع وساهمت بشكل كبير في طمس الهوية الطائفية ورفع شعار السلام ومن امثلتها مشاركة النشطاء وخاصة النساء في ندوات ومهرجانات سلام ومبادرات انسانية اقيمت في غالب محافظات العراق, لتشكل شبكات التواصل الاجتماعي احدى الوسائل المهمة التي استخدمها الشباب والنساء من اجل الوصول الى غاياتهم وللتعبير عن آرائهم, لتكون جزءاً مهماً من ادوات التغيير الاجتماعي والسياسي داخل المجتمعات, حتى بات ينظر الى الانترنت كأداة للتمكين اصبح بمقدور المرأة من خلاله ان تتفاعل مع المعلومات والاحداث بصورة اكثر يسراً وفاعلية ولتبرز تجارب عديدة تم تصنيفها ضمن هذا الاطار.

ناشطات الانترنت محاربات رقميات فمهما واجهن من مضايقات, الا انهن بقين صامدات لا يستسلمن, بعضهن يمتلك مئات الاف من المتابعين في مواقع التواصل الاجتماعي وحملاتهن تلهم النساء وتشجعهن للمشاركة في المجتمع والمطالبة بحقوقهن, ومن امثلتها المبادرة التي اطلقتها الناشطة ماريا فلورنسيا في الارجنتين ضد استفحال اغتيال النساء في البلاد هدف الى استرجاع كرامة المرأة في ثقافة تهيمن عليها العقلية الذكورية, وحملة المناضلة مسيح علي نجاد للكفاح ضد فرض الحجاب في ايران والتي عدت حملتان ناجحتان لدرجة ان النظام الايراني بات ينظر الى الاحتجاجات النسوية بجدية, فضلاً عن حملة غورمهار كاور التي اطلقت مقطع فيديو لقي رواجاً كبيراً على الانترنت يدعو الى المصالحة بين العدوتين اللدودتين الهند وباكستان, تعرضت غورمهار للشتم في مواقع التواصل الاجتماعي في الهند وهددت بالقتل مع ان لديها حجة كافية كي تفرض السلام فعندما كان عمرها ثلاث سنوات قتل والدها الذي كان ضابطا في الجيش الهندي اثناء معارك مع الجيش الباكستاني في كشمير ومن ذلك تعمل النساء من خلال الاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي لتعبئة الشارع والمجتمعات المدنية لتغيير العالم.

واخيراً لا يمكننا ان نتجاهل الدور الكبير الذي قدمته منظمات المجتمع المدني خلال السنوات السابقة من بداية الحرب الى هذه اللحظة وكيف تعاملت مع الازمة, اذ لاحظنا ازدياد كبير بأعداد النساء العاملات في المنظمات مقارنة بالفترة التي سبقت الحرب ضد العصابات الإرهابية (داعش), وغيرها من الازمات السابقة, هذا ما ساعد على تنمية خبرات المرأة وتوظيف امكانياتها في مجال الخدمة التي تقدمها ضمن المنظمة التابعة لها وساعد على تسهيل عملية التعاون مع النساء تقديم جلسات توعية حول التحديات التي تواجهها, وكيفيه التعامل مع الازمات هذا بدوره ساعد بشكل كبير في رفع مستوى الوعي وتعزيز خطوط السلام داخل المجتمع كما ساهم المجتمع المدني في تعزيز دور النساء في بناء السلام من خلال تنظيم ورش تدريبية تضمنت عدة تدريبات في مجال السلام وحل النزاعات وثقافة التعايش السلمي, وبناء قدرات النساء للمساهمة في الاعمال التطوعية, وتحقيق المساواة المقبولة اجتماعياً تلك المساواة التي لا تشير فقط الى المساواة القانونية والقضاء على التمييز من خلال القانون, لكن ايضا المساواة في الاستقلالية والمشاركة والاعتراف الكامل بالحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في حين ان وثيقة حقوق المرأة الدولية تؤكد على المساواة بين الرجل والمرأة والمساواة بين جميع الاشخاص والجماعات بِعَد المساواة ضرورية تتطلب التفوق الكامل على كافة الاشكال التمييز الاجتماعي والاقتصادي والعشائري والعرقي والفصل العنصري الذي يعوق التنمية البشرية.

تمثل المبادرات التي تقوم بها المنظمات غير حكومية او تلك المبادرات التي يقوم بها النشطاء والفرق التطوعية بمثابة خطوات تهدف الى التواصل بين افراد ومكونات المجتمع وبناء جسور الثقة بينهم من خلال التأثير على توجهات الافراد في ان يتواصلوا مع بعضهم ويكونوا منفتحين على بعضهم الاخر, من اجل تعزيز العلاقات الاجتماعية بين افراد المجتمع لاختلافهم والمساهمة الحقه في عملية التنمية الاجتماعية.

ومن ذلك يمكننا القول ان مشاركة المرأة في بناء السلام شملت مبادرات انسانية عديدة قامت على اساس تعزيز التماسك الاجتماعي بين افراد المجتمع وتطوير العلاقات القائمة بين الافراد مما ساعدنا ذلك الى تصنيف هذه المبادرات الى:

١- دور المرأة في تربية الابناء على ثقافة التسامح وبناء الاطر الأساسية للتعايش السلمي.

٢- مساهمة المرأة في الاعمال الخيرية.

٣- المرأة ناشطة اجتماعية ضمن فرق تطوعية تعمل على تنمية المجتمع من خلال دعم افراده ونشر رسائل السلام.

٤- صوت المرأة في مواقع التواصل الاجتماعي من خلال طرح وانتقاد بعض الظواهر السلبية في المجتمع.

٥- دور المرأة في منظمات المجتمع المدني وضمن الورش التدريبية لبناء السلام.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

"قوانين جديدة".. طالبان تعتبر وجه وصوت المرأة "عورة"

تشكيلة ريال مدريد المتوقعة لمباراة لاس بالماس اليوم في الليغا

اسقاط مسيرة تركية وسط كركوك

الضفة الغربية.. الاجتياح يتواصل لليوم الثاني وارتفاع حصيلة الشهداء

الصحة: لا توجد مبررات كافية لإدخال لقاح جدري القردة إلى البلاد

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

 علي حسين ظل السادة خضير الخزاعي وأسامة النجيفي وصالح المطلك وإبراهيم الجعفري وفؤاد معصوم وعباس البياتي وعتاب الدوري وحسن السنيد وغيرهم يهلّون علينا كلَّ يوم قبل الغداء وبعد العشاء من خلال الصحف والفضائيات،...
علي حسين

كلاكيت: البحر الأحمر في فينيسيا

 علاء المفرجي بعد مشاركتها في الدورة السابعة والسبعين من مهرجان كان السينمائي لعام 2024م، من خلال أربعة أفلام سينمائية وعدد من المبادرات والفعاليات. وتتضمّنت قائمة الأفلام التي حصلت على دعم المؤسسة: "نورة" للمخرج...
علاء المفرجي

تدهور الرعاية الصحية الراهن لا تُعالجُه الوعود المعسولة!

د. كاظم المقدادي أنتجت المنظومة السلطوية القائمة على المحاصصة الطائفية والإثنية، وتقاسم النفوذ والمليارات، والمناصب والإمتيازات، ظواهر بغيضة، كالتسلط والهيمنة على مقدرات البلد، بدأتها بإفراغ الوزارات ومؤسسات الدولة الأخرى من الموظفين الكفوئين إدارياً وذوي...
د. كاظم المقدادي

عن المرجعية الدينية

حيدر نزار السيد سلمان كتب ويكتب الكثيرون عن خليفة المرجع الديني اية الله العظمى السيد علي السيستاني بالإضافة إلى جهود بعض مراكز البحوث المهتمة بالشأن العراقي، وهذا دلالة على أهمية المرجعية الدينية من النواحي...
حيدر نزار السيد سلمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram