اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > دبابات المالكي.. و"شبع" الشابندر

دبابات المالكي.. و"شبع" الشابندر

نشر في: 19 نوفمبر, 2012: 08:00 م

عزت الشابندر المتدرب في كواليس السياسة، والقافز من ناطق باسم كتلة علاوي إلى ساعي بريد لكتلة المالكي وجد مَخرجا مضحكا للازمة السياسية في البلاد عندما صرح امس لصحيفة الشرق الأوسط بان: "المالكي شبع من تأجيل المشكلات"، معتقداً ان حالة التخمة هذه هي التي دفعت رئيس الوزراء إلى تجهيز دباباته لمحاربة إقليم كردستان، رجل المهمات الصعبة كما وصفته الصحيفة قال: "أنا مع ترك الكرد للعراق، وان يذهبوا بعيدا"، أي أن الرجل نصب نفسه ناطقا باسم العراقيين لكي يحدد لهم شكل دولتهم في المستقبل.

الشابندر مصر على المضي  قدما في "تسميم" حياتنا بكل ما أوتي من قوة ووسائل مشروعة وغير مشروعة، وطرق مستقيمة وملتوية ليحرق ما تبقى من مساحات الأمل في نفوس الناس.

للتأكيد ان أحاديث الشابندر الكوميدية لن تصمد أمام أول مناقشة جادة حول مشروع "شبع  المالكي" الذي يريد هو الآخر التهام عراق 2003، وبصرف النظر عن أن تفاصيل مثل هذه الأحاديث التي تعج دوما بكلمات أشبه بداء "التأتأة" الذي أصاب معظم سياسيينا، فالناس تدرك أن هناك حالة مستعصية من العوق السياسي وتعطل حواسا أصابت الحكومة والمقربين منها.

الشابندر إذن لا يهمه تأسيس سلطة دولة مؤسسات، لكنه يسعى مثل غيره من مقربي المالكي إلى تأسيس قانون لمصادرة البلاد، واعتبارها غنيمة تطبيقا للقول المأثور لقائدهم "بعد ما ننطيها"، وهذا يتطلب استعادة صورة الدكتاتور، لنجد انفسنا امام جملة اثيرة  تتردد هذه الايام، تقول: "نحن بحاجة الى سلطة قوية".

قويه على من؟ على دول الجوار التي تعبث بالبلاد، على الأمريكان الذين جعلوا منا فئران تجارب لديمقراطية الشرق الأوسط، ام على عصابات القتل وسارقي المال العام، لكن يبدو أن مفهوم السلطة القوية يعني الاستئثار بالبلاد كاملة، حتى لو كان ذلك ضد الدستور الذي دخل به المالكي مكتب رئيس الوزراء.

الم يخبرنا الشابندر بان "كل من يقول إن الدستور هو المرجع لحل المسائل العالقة ليس دقيقا، حيث إن الدستور لم يسعف أحدا". فيما كان المالكي وفي الوقت نفسه يلقي محاضرة عن مفاتن الدستور لعدد من رؤساء القبائل.

تصريحات تريد ان تدخلنا في متاهة لا متناهية، مع قصف عنيف يقوم به المقربون وبمنتهى الابتذال لكل من ينتقد قرارات القائد العام للقوات المسلحة.

تعلمنا السياسة ان هناك فرق كبير بين الموقف المؤسَّس على صدق النوايا، وبين أفكار مرتزقة الكراسي،  وطبيعي أن يختار البعض طريق تخوين الآخرين وإقصائهم، لأنها الأسهل في الحروب التي يقودنا إليها جماعة تريد ان تسيطر على البلاد من خلال تحقير الجميع واعتبارهم خونة وخارجين على القانون. 

المالكي ومن معه لا يهمهم تأسيس سلطة لدولة يحكمها القانون، ولا يهمهم ان تكون مؤسسات الدولة قوية ومعافاة، لأنهم لا يعرفون أصلا ان بناء الدولة لا يحتاج الى استعراض عضلات، ولا لمطاردة الكفاءات وإقصائها، ولا لتشجيع منطق القبيلة على منطق السياسة، بناء الدولة  يكمن في منح فرصة لكل فرد أن يعيش بأمان واستقرار، كل فرد له حقوق لا عطايا ومنح، منطق الدولة، تنتهي عنده لغة المظلومية والطائفية. 

قواعد ومبادئ لا يعرفها الساسة المقربون الذين يعتقدون ان مايراه المالكي هو عين الصواب، محاولين باسم هذه الرؤيا ان يصدروا الفتاوى ويجيشوا الجيوش لكل من يقول إن رئيس الوزراء مجرد موظف يمكن أن يحاسب إن اخطأ، فهم يعتقدون ان صاحب الكرسي كائن مقدس لا يجوز مناقشته ولا مخالفة توجيهاته، وعكس ذلك فان الدبابات جاهزة لمحاصرة كل من تسول له نفسه الاعتراض على ما يجري من مهازل.

ودعونا تنساءل لماذا لم يخرج المالكي دباباته ويذهب بها لمحاصرة الفاسدين ومروجي الطائفية وقتلة الشعب العراقي، ما دام مصرا على تحريك دباباته، لماذا لا تتلبسه روح المسؤول الحقيقي ويذهب باتجاه بناء دولة المواطن لا دولة العشائر والأحباب والأقارب والخلان.

ما جرى في الأشهر الماضية وما يجري اليوم يثبت أن رئيس الوزراء ومن معه تتلبسهم في كل أزمة روح السلطة المستبدة التي  لا تصلح لهذا الزمان، لتجعلهم يعيشون في عالم وهمي يحاولون من خلاله خداع الناس بشعارات وخطب تكشف عدم قدراتهم، أو غياب رؤيتهم في بناء مؤسسات حقيقية للدولة.

ومع كل ما جرى فما زال في جراب البهلوان الشابندر الكثير من الألعاب التي ستجعل الأمم تضحك علينا، كما لم تضحك من قبل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. خليلو..فيلسوف بغداد

    ألم تسمع ب لقلق الكنيسة؟ا! إنه هو.أستغرب كيف لإنسان قد بلغ مبلغاكافياًمن العمر أن تكون نفسه رخيصة إلى هذاالحد فيجعلهابضاعةمعروضة يوما في سوق العلمانية ويومافي وسوق مناهضيها.رحم الله إمرءاً عرف حق نفسه فصانهاعن قذر الدنيا

  2. Amir Zaini

    انها دبابات الجيش العراقي و ليست دبابات المالكي ايها المرتزق و مرحبا بك في بلدك الثاني (العراق)

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: نائب ونائم !!

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

 علي حسين تهلّ علينا النائبة عالية نصيف كلَّ يوم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والصحف والفضائيات، ويتعاطى العراقيون جرعاتٍ مسكنةً من التصريحات التي يطلقها بعض النواب، حيث يظهرون بالصورة والصوت ليعلوان أن المحاصصة...
علي حسين

كلاكيت: عشرة أعوام على رحيل رينيه

 علاء المفرجي في الذكرى العاشرة لرحيل شاهد عصر الموجة الفرنسية الجديد، التيار الذي شكّل حدثاُ مفصلياً في تاريخ السينما ألان رينيه الفرنسي الذي فرض حضوره القوي في المشهد السينمائي بقوة خلال تسعة عقود...
علاء المفرجي

نحو هندسة للتوافق التنموي

ثامر الهيمص وليكن نظرك في عمارة الارض، ابلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لان ذلك لا يدرك الا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة اخرب البلاد، واهلك العباد ولم يستقم امره الا قليلا. في...
ثامر الهيمص

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

رشيد الخيون أقام ديوان الكوفة بلندن(1993) أسبوعاً عنوانه "التُّراث الحي في حضارة وادي الرّافدين"، ففاجأنا دكتور بعلم الأحياء، معترضاً على إحياء "الأصنام"، وبينها كَوديا. لم نأخذه على محمل الجد، حتى كسرت "طالبان" تمثالي بوذا(مارس2001)،...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram