جلال حسن"إننا أمة غنية بالنفط "، جملة اعتراضية ، بسيطة، وصادقة ، قالها احد المواطنين في لقاء أجرته معه احدى المنظمات الدولية من التي تقدم المعونات والمساعدات الى الفقراء والمهجرين، وأردف: لماذا يعتمد العراق على الدعم المالي الخارجي بالنسبة للمساعدات الإنسانية ؟، وتساءل : لماذا لا تتحمل الحكومة مسؤولياتها تجاه أبنائها ؟
هذه الاسئلة وغيرها بقدر ما تعبر عن حقيقة مؤلمة في بلد يعد من أغنى البلدان في العالم ، لكن مواطنيه الأكثر فقرا بقياسات الوضع المعيشي العام.لا يمكن لأي مواطن ان يصدق ما يسمعه يوميا من تقارير وزارة النفط عن الكميات المصدرة من البترول والتي تعد بالملايين من البراميل الخام وبأسعار عالية،وحاله باق في تردي والى الانحدار في الخط البياني دائما ، لا يمكن له ان يتصور ايضا ان بلداناً لا تملك ثرواتنا او نصفها ان تتصدق علينا بمساعدات عينية وانسانية. ألسنا بلد المال والحضارات والكفاءات ونعد من الشعوب الذكية ؟ ما يؤلم حقا ان تكون المعاناة بدائية، ما قيمة نصب شبكة مياه صالحة للشرب من اعذب نهرين في الدنيا؟ وما أسهل من توفير كهرباء في بلد ينام على بحيرة من الذهب الأسود تحلم بها كل شعوب الارض، ما اسهل من تأسيس شبكة طرق نظامية تخفف حوادث السير، بل ما اسهل ان تبنى مجمعات سكنية واطئة الكلفة للذين التحفوا العراء سنينا طويلة مع عوائلهم ، وما اسهل ان يشيد ملعبا رياضيا او ناطحة سحاب او مستشفيات حديثة ورياض اطفال وجامعات تنمي طاقات هذا الشعب الذكي.لكن يبدو الامر في غاية الصعوبة، لان وضع الأس الأول لا يأخذ استقراره إلا على ازالة الهرم الآيل للسقوط تماما ، يبدأ من رفع انقاض الماضي، ووضع حجر اساس جديد لكل شيء بيد بنائين مهرة ومخلصين، البناؤون هم من يرفع الحجر المتكلس ويطرد الأتربة الخانقة ، وهم من يثبت بفأس اللبنة الأولى لتشييد معالم حديثة بقياسات الحاجة الفعلية للوطن وأهله.كل صروح العالم شيدت حجراً على حجر، واخذت من همة البنائين دقة القلوب وتصبب العرق على تماسك اللبنة بعضها مع بعض من اجل ان تبقى صامدة وشاخصة، ونافعة للأجيال التي تجدد منها صروح أخرى بقوة وصلابة الإباء.في عراقنا نملك كل شيء ومن الله علينا بخير الأرض وما تحتها، ومن السواعد ما يقلب الحجر ويفتته وما يصرع الجبال ويشق الترع ، وكل ما نحتاج بنائين مخلصين يحولون الخرائب إلى أفياء تسر الناظرين إنقاذا للأجيال القادمة.jalalhasaan@yahoo.com
كلام ابيض ..الأغنى فقراً
نشر في: 26 يوليو, 2010: 06:50 م