عبدالله السكوتي يحكى انه وفي زمان العثمانيين وفي فترة انتشار الحمامات التركية في البلدان العربية، ان مجموعة من الرجال قد دخلوا احد هذه الحمامات، في اليوم المخصص لهم من الاسبوع للاستحمام، وفي اثناء ذلك شب حريق في الحمام فاتى عليه، واحترقت غرفة الملابس، ومن الطبيعي ان من خرج عارياً
نجا من الموت والحريق، اما القلة القليلة فقد آثروا الموت على الخروج عراة، وحينما جاء ذووهم للسؤال عنهم، قال لهم المسؤول عن الحمام: (اللي خرج عارياً نجا، واللي اختشوا ماتوا). وهذا المثل يستخدم في البلدان العربية وخصوصاً في مصر، واختشى فعل مزيد على الثلاثي واصله (خشي)، والخشية الخوف، ويأتي خاشى عليهم اي خاف عليهم، وقد تأتي الخشية للكراهة وهي قريبة من الحياء والاستحياء، وربما جاءت خشيت عليك بمعنى رجوت لك، وتفصيل هذا في لسان العرب. واما ما جاء في اللهجة المصرية فهو قريب من هذا المعنى، فالذين خافوا الخروج عراة ماتوا، ونتيجة لاستخدام الفعل في مصر محصورا على الاستحياء فقد استخدم لذلك. ونحن هنا نريد اللفظة على مااستخدمت في مصر، والذي اختشى مات، اما الذين تعروا امام الناس فقد كشفوا وبانت اوراقهم التي طالما ارادوا ان تبقى سراً، وهاهم يدورون في فلك دائري لايستطيعون الخروج منه، على اعتبار ان نقاطه متصلة، وهم يبدأون من حيث ينتهون، واغرب مافي الامر ان جلسة مجلس النواب لهذا اليوم ستحمل معها الكثير من الامور بالاضافة الى مامنتظر منها بالتأسيس لتسمية الرئاسات الثلاثة، بحسب دعوات بعض النواب الى سحب الثقة من الحكومة الحالية واعتبارها حكومة تصريف اعمال، لاتستطيع ان تلتفت الى الخلف ولا تستطيع النظر الى الامام، يعني تكون كما قال الشاعر: القاه في اليم مكتوفاً وقال له اياك اياك ان تبتل بالماء والامر يسير وعادي لو ان تشكيل الحكومة الجديدة بات وشيكاً، لكن صعوبته تكمن في سحب الثقة من هذه الحكومة، وتأخير تشكيل الحكومة الاتية، وهذا بدوره سيزيد الطين بلة وسيعلن عن بداية عصر جديد من الفوضى المضافة، ربما يريده البعض ليستكمل مابدأه في الاعوام السابقة. والامر لم يقف عند هذا فحسب، بل ان هناك من يطالب بزيادة الفوضى والغاء كل القرارات الحكومية التي صدرت بعد16/3/2010، على اعتبار ان صلاحية حكومة المالكي تنتهي عند هذا التاريخ، وهذا كما يقول المثل الشعبي: (باكه لاتحلين، وكرصه لاتثلمين، واكلي لمن تشبعين)، الحكومة مطالبة من جهة بتوفير الخدمات والسعي لاصلاح مافسد بتغيير هذا وقبول استقالة ذاك، وهي من جهة اخرى مطالبة بعدم عمل اي شيء، اي منطق يقبل بهذا، غير منطق الفوضى. من الطبيعي ان يحدث هذا لان الشعب مايزال صامتا وكانه يشاهد لعبة لكرة الماء وينتظر الفائز بالحكومة دون تدخل منه ولااحترام لصوته، ومع هذا فهو اي الشعب يمتلك الكثير؛ بيده ان يعيد الانتخابات وبيده عن طريقها ان يحسم رئاسة الجمهورية والوزراء عن طريق صناديق اقتراع رئاسية، ولتذهب الكتل للبرلمان تعمل تحت الوية احزابها، فالشعب ليس مسؤولا عن تنصيب رئيس وزراء لم يحظ سوى باصوات معدودة لاتؤهله لهذا المنصب، وهذا الذي يدور لايصب في مصلحة احد، وان كنا قد خشينا من عودة المحاصصة، فالكارثة اعمق هذه المرة بحسب ماتريد بعض الكتل. لنقرأ الصفحات التالية ولانكتفي بقراءة العناوين، لان هناك من يريد افشال التجربة بالتدريج، وهناك دول تعطي تعهدات لدول اخرى وتأخذ على عاتقها وبضمانها سيرة الحكومة الجديدة، ومن المؤكد ان تملي هذه الدول على السياسيين مايقولون ومايفعلون، وبعدها سيخسر الشعب ماهلل له وستعود حليمه الى عادتها القديمة.
هواء فـي شبك ..(اللي اختشوا ماتوا)
نشر في: 26 يوليو, 2010: 09:14 م