TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جملة مفيدة: العراق.. الكرة

جملة مفيدة: العراق.. الكرة

نشر في: 21 يناير, 2023: 11:24 م

 عبدالمنعم الأعسم

ما حدث مساء الخميس، ما يحدث في الملاحم.

العراق فاز، وقامت القيامة، وكأنه وُلد في قلب كرة هائلة اشبه بكرة القدم، تدحرجت بين اقدام التاريخ، ثم استقرت في اللحظة الصفر، حيث تفاجأ العالم وحُماة الاهداف ومراقبي الخطوط وهو يمرق من بين عيونهم وايديهم ورقابتهم. وياما كان قد انقذف الى خارج الملعب، وانتظر الحظ ليمنحه فرصة العودة والفوز، وياما خرج خائباً ثم عاد الى خط الوسط قوياً: هكذا هي كرة العراق، أو عراق الكرة. انه موجود في جميع الملاعب حتى صار نفسه ملعباً.

يوم اختار مدرب المنتخب العراقي اسماعيل محمد قبل سبعة عقود شابا صغيرا يلعب في فريق الحبانية اسمه عمانويل داوود لينضم الى تدريبات المنتخب العراقي، قال له.. اهلي في شيكاغو يريدونني هناك.. وانا احب الكرة واحب العراق، وشاء التقويم العجيب للعراق الكرة ان يقود هذا اللاعب الاعجوبة «عمو بابا» المنتخب الوطني في 123 مباراة دولية، وان يثبّت عقارب الساعة على الأعاجيب، حتى سمي باللاعب الاعجوبة.

لقد تدحرج «العراق الكرة» بمناسبة كأس الخليج في دورته الخامسة والعشرين الى خط عرض 30 شمالا نحو البصرة على رأس الخليج، أو عند اتحادها بالشط التاريخي، حيث دارت الدوائر والمباريات على هذه المدينة منذ تأسيسها قبل حوالي الفي عام، وشاء سكانها ان يلعبوا بالتقاويم والمفاجآت والثورات لعبةَ كرة قدم: المباريات متواصلة. أجيالٌ تتسلم من أجيال. الخاسرون كثيرون، والرابح، بمعايير المؤرخين الموضوعيين، واحدٌ هو الجمهور الذي خرج من جميع المباريات- المعارك معافى: يهتف ويرقص، ويطشّ الجكليت على رؤوس اللاعبين.

لعب الفريق العراقي بجمهوره، فائق الحماس والحيوية والتحدي، واظهر شجاعة ومطاولة وصبرا ومبادرات ابهرت المشاهدين والنقاد على حد سواء، ولا يقلل من روعة هذا الأداء البطولي للاعبين أن يكون وراءهم جمهورٌ عراقي اقسم ان ينتصر فريقه، ويعيش كل ركلة وهجمة ومراوغة وضربة رأس للاعبي بلاده ويصفق ويهزج لها، ويشتعل فرحا ورقصا وحماسا حين تتكلل هجمات فريقه بتسجيل هدفٍ او عن صدّ كرة كادت تدخل مرمى فريقه، ولولا هذا الجمهور الذي أمدّ اللاعبين بطاقة خلاقة لما تحقق (في نهاية الامر) هذا النصر، ولما تحقق هذا العُرس الخليجي الباهر على ارض البصرة، وكانت سماء المطر الغزير قد انعشت عوَض ان تعيق، بل واعطت للعراق- الكرة تشكيلا ساحرا ومعنى عميقاً، تقف في حراسته صحوة القوة الجمعية لدى جيل من فتية مزهوين باسم بلادهم، وكانت قد اتعبتهم الاحداث والحروب والتهديدات، وأذلتهم الحاجة الى الاستقرار وكرامة العيش، فداروا جذلين مع دورات الكرة، واستبسلوا في صناعة البهجة، وأطلقوا، مع لاعبين من بينهم رسالة فصيحة المعاني الى العالم وكل ذوي الشأن: العراق يستيقظ، ويركض، ويُسدد.. وينتصر.

استدراك:

« وصلنا إلى 1.6 مليار من البشر بفضل المشاعر الإيجابية التي تثيرها كرة القدم، وأصبح «الفيفا» دِيناً جديداً، بل اكثر تأثيرا من أيّ دينٍ، على وجه الارض».

البابا فرانسيس

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الطبيب أنور وصاحب "ألوان"

العمود الثامن: إخجلوا !!

العمود الثامن: رايات وولاءات

الغاز الإيراني و الفرصة التاريخية

قناطر: قبورنا التي تلتهمنا

العمود الثامن: رايات وولاءات

 علي حسين ينقسم العراق الجديد إلى قسمين: واحد يعشق الأحزاب ويهيم غراماً بزعمائها الذين انتفخت جيبوبهم وأرصدتهم بعد عام 2003، وآخر يعشق العراق ويرفض أن يُدجّن، ويحتقر الطائفية المهيمنة على مقدّرات البلاد. وهناك...
علي حسين

قناطر: قمة بغداد العربية. . معادلة البقاء والزوال

طالب عبد العزيز هل ستحلُّ قمة بغداد العربية مشاكل الامة؟ وما فائدة العراق منها؟ عشرات الأسئلة ستطرح أثناء وبعد مغادرة الملوك والرؤساء العرب، لكنَّ السؤال الأهم والأولى يكمن في قولنا: هل بات العراق -مع...
طالب عبد العزيز

لنستفد من الصين بذكاء.. لا بانشاء جامعة متخصصة

محمد الربيعي* في خضم التطلعات نحو تطوير التعليم العالي في العراق ومواكبة التطورات العلمية العالمية، برزت دعوة من وزير التعليم العالي والبحث العلمي لتاسيس جامعة عراقية صينية متخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية...
د. محمد الربيعي

قمة بغداد 2025 وإشكالية تفعيل النظام العربي المشترك: بين رمزية الانعقاد وحدود التأثير

محمد علي الحيدري تمثل قمة بغداد الرابعة والثلاثون التي انعقدت في 16 أيار/مايو 2025 محطة مهمة في مسار العمل العربي المشترك، ليس فقط من حيث انعقادها في عاصمة عربية أنهكتها الحروب والاحتلال والتدخلات لعقود،...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram