اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > في كتابين للشعر والسيرة ذاتية: الشاعر فرانسوا تشينغ يطلق أصوات الاحياء والاموات غير المسموعة

في كتابين للشعر والسيرة ذاتية: الشاعر فرانسوا تشينغ يطلق أصوات الاحياء والاموات غير المسموعة

نشر في: 22 يناير, 2023: 09:26 م

ترجمة :عدوية الهلالي

منذ سبعينيات القرن الماضي ، بنى الشاعر الناطق باللغة الفرنسية ومن أصل صيني فرانسوا تشنغ عملاً ثريًا ومعقدًا على مفترق الطرق بين الشرق والغرب ، وبين الطاوية والمسيحية ، والشعر والخيال.

وتروي كتاباته الفريدة الأدب الفرنسي بصوت نقي وحيوي يتردد صداه من خلال عمل متعدد الأصناف : الشعر ، والخيال ، والمقالات ، وقد صدر له مؤخرا كتابان يضمان أعماله الكاملة يحمل احدهما عنوان (مفكرة تشنغ ) والذي صدر عن دار هيرن للنشر، ويحمل الثاني عنوان (الطريق الطويل للتوحد بالغناء الفرنسي ) والصادر عن دار البان ميشيل الفرنسية .ويتألف (مفكرة تشنغ) من تداخلات متنوعة للغاية حول شخصية الكاتب وعمله ، ويمزجان بين الآراء النقدية والمزيد من التدخلات الشخصية من قبل الكتاب أو الفنانين يتخللها عدد كبير من الأعمال غير المنشورة للمؤلف ، ويسمح هذا المجلد للقراء بالحكم على هذا العمل الرائع.وتتشابك الموضوعات الأساسية في عمل فرانسوا تشينغ (الروحانية ، والطبيعة ، والدين ، وما إلى ذلك) على الصفحات لجعل صوت الشاعر مسموعًا ، ولكن أيضًا صوت المفكر والفنان.

ويتيح لنا الكتابان الغوص في العمل والحياة المذهلة للكاتب والخطاط والروائي وقبل كل شيء الشاعر الغزير والانتقائي فرانسوا تشينغ .ففي كتابه(الطريق الطويل للتوحد بالغناء الفرنسي)، يسترجع الكاتب والشاعر فرانسوا تشينغ مسار الرحلة الذي دفعه إلى الاستقرار في فرنسا واختيار اللغة الفرنسية للكتابة.

ويشعر فرانسوا تشينغ بأنه مطالب بإلقاء نظرة على الطريق الذي ساره طوال حياته بعد أن بلغ الحادية والتسعين من العمر ، ويروي في كتاب (الطريق الطويل للتوحد بالغناء الفرنسي )، كيف انه وبعد وصوله إلى فرنسا في سن التاسعة عشرة ، وعندما لم يكن يستطع أن يتحدث الفرنسية، أصبح من أعظم الشعراء الفرنسيين المعاصرين. ويقول في كتابه : «أشعر اليوم بالحاجة إلى ربط مغامرة إبداعي الشعري ، وهذا الطريق الطويل الذي توحدت فيه مع الغناء الفرنسي بمواجهة المد والرياح».

وفي سن الـ91 ، يعترف الشاعر في مقدمة كتابه الجديد بأن خط سيره الاستثنائي الى حد ما ، جعل منه كائنا معقدًا يصعب فهمه. ويعود بالزمن إلى الوراء ، منذ قصيدته الأولى بعنوان (الماء)، التي كتبها في سن الخامسة عشرة ، والتي احتفظ بها دائمًا «مثل تعويذة» وترجمها لأول مرة لينشرها في هذا الكتاب الجديد.وانطلاقا من هذا النص الشعري ، يدعونا تشنغ لاتباعه فيما يسميه «عصور ما قبل التاريخ» مستعرضا طفولته في الصين ، التي تميزت بالنفي والقنابل والأوبئة ، وقناعته التي اكتشفها خلال حادثة في الجبل ، بأنه إذا أصبح شاعراً ، سيطلق صرخات الأحياء والأموات غير المسموعة. لكن الطريق سيكون طويلاً ومليئاً بالمزالق قبل أن يصبح فرانسوا تشينغ شاعراً. لأنه في غضون ذلك سيكون قد غادر الصين للذهاب إلى باريس مع والده ، وقرر البقاء هناك بمفرده للاستقرار في فرنسا .يقول :»عندما تستقر فكرة المنفى في داخلي ، يتضح شيء واحد: الأرض الفرنسية ستكون أرضي ؛ وستكون اللغة الفرنسية لغتي.» ويعرف فرانسوا تشينغ أن الطريق سيكون «صعبًا وطويلًا بالضرورة « ، لكنه اتخذ قراره.وتقول احدى قصائده:

«قلبي يفتح الطريق الوحيد ، لن يكون هناك طريق آخر. في هذه الأثناء ، يجب أن أبدأ من الصفر»

يتحدث تشينغ عن اقامته في حجرة وضيعة، واكتشافه رامبو ، ولقائه مع جيد ، وزياراته إلى مكتبة سانت جينيفيف في باريس ،حيث يلتهم بشراهة كل ما يقع في متناول يده ، وحيث يلتقي مع شبح راينر ماريا ريلكه ،وهناك يتغذى الشاب تشنغ على الكلمات .كما يستحضر فرانسوا تشينغ لقاءاته مع فرانك لي ، وفيركورس ، ولاكان ، وميشو ، وجاستون بيرجر، وأيضًا لقائه مع الرسامة الصينية زينج زن تينج ، والدة ابنته آن ، التي تشكل ولادتها بالنسبة له «واحدة من الاحداث الأهم «في حياته.

وهكذا ، وبين بداية مهنته كشاعر ، مروراً بالسنوات المكرسة لكتابة مقالات عن الشعر والرسم الصيني من نهاية السبعينيات ، وحتى دخوله «في الإبداع الشعري بالفرنسية» ، يفتح فرانسوا تشينغ أبواب مواضيع اثيرة لديه كالطبيعة ، والجمال ، والشعر ، والدين أو الحب.

أما كتابه (مفكرة تشينغ)، فيفتح صفحاته ليس لفرانسوا تشينغ نفسه ، ولكن أيضًا للعديد من المتخصصين والأكاديميين والكتاب والفنانين الذين يتحدثون عنه .فهوغني بالعديد من الوثائق والصور والخط ويقع في ثلاثة أجزاء بعنوان (الشاعر الحاج ، الشاعر الفنان ، وشاعر الروح )، ويقدم هذا الكتاب رؤية متغيرة يستحضر فيها أعمال هذا الكاتب الهائل وغير المصنف ، الذي رفع مستوى اللغة التي اختار أن يتبناها عندما كان بالكاد يبلغ العشرين من عمره.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

رمل على الطريق

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

موسيقى الاحد: جولة موسيقية في فيينا

مقالات ذات صلة

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي
عام

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

د. نادية هناويإن القول بثبات الحدود الأجناسية ووضوح مقاييسها هو قانون أدبي عام، نصّ عليه أرسطو وهو يصنف الأجناس ويميزها على وفق ما لها من ثوابت نوعية هي عبارة عن قوالب لفظية تختلف عن...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram