اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > الاحتفال بمرور عقد على جائزة تميز

الاحتفال بمرور عقد على جائزة تميز

نشر في: 29 يناير, 2023: 10:04 م

بلقيس شرارة

لقد دعيتُ من قبل المعمار أحمد الملاك، مؤسس جائزة تميز، لتقديم الجائزة المخصصة باسم رفعة الجادرجي التي أطلقت بمناسبة عيده التسعين، في مسقط عاصمة عُمان.

وهي المرة الأولى التي ازور عُمان، ودهشتُ عند وصولي العاصمة مسقط بمستوى النظافة التي لم اشاهد مدينة بهذا المستوى إلا في المدن اليابانية. كما اعجبتُ بالانسجام في الأبنية، فجميعها بارتفاع واحد لا يزيد عن ستة طوابق، ذات لون واحد هو اللون الأبيض. تحيطها الحدائق واشجار النخيل.

كانت جوائز تميز خلال السنين التي مرّت تقدم في العاصمة عمان، الأردن، و لكن بمناسبة مرور عقد على الجائزة، فقد اقيمت في مسقط. والجائزة شملت ثلاث سنوات بسبب مرض الكوفيد، الذي منع المشرفين من تقديمها عامي 2020 و 2021.

ومؤسس هذه الجائزة هو أحمد الملاك، كان شاباً لا يتجاوز السادسة والعشرين من العمر، يدّرس العمارة في جامعة كوفتري في بريطانيا عندما خطرت له الفكرة. إذا كان حلمه ان يقوم بتأسيس مثل هذه الجائزة، ولكن هل كان باستطاعته ان يحقق مثل هذا الحلم؟ وهذا أول سؤال وجهته له والدته الدكتورة عاملة ناجي، عندما اخبرها عن فكرة الجائزة، فقالت له: من اين لك ان تأتي بالتمويل لمثل هذا المشروع؟ فكان جوابه: ساقوم في تأسيس هذه الجائزة حتى ولو اضطررت ان أمولها من راتبي. وقد ادركت والدته انه مصّر على تحقيق حلمه، و قد حققه بالمثابرة والاصرار على العمل المتواصل. وهكذا ولدت جائزة تميز، وجلبت المعماريين الشباب والاكادميين من جامعات مختلفة خلال العقد الذي مرّ على تأسيسها.

وقد بدأت الجائزة بداية بسيطة، قامت بتشجيع طلبة العمارة العراقيين، الذين بسبب الاوضاع السياسية والاجتماعية في بلدهم العراق، قد عزلوا عما يجري في العالم من تطور معماري، فقد اعطتهم الجائزة الفرصة وشجعتهم لأن ليقوموا بدورهم في بناء عمارة محلية بنكهة عالمية.

لكن تطورت الجائزة وتوسعت، بالمثابرة والعمل المتواصل، استطاعت جائزة تميز ان تحصل على دعم من مؤسسات عالمية، وتوسعت فشملت اكثر من عشرين دوله. كما انها جلبت عدد كبير من الشباب المتطوعين للعمل كفريق، واصبحت من الجوائز المهمة في العالم العربي والاسلامي. اضافة إلى ذلك، فقد شملت عدد من المحكمين العالميين، وحضر تقديم الجائزة مئتين شخص من المدعوين، من ثمانية وثلاثين دولة، من كوريا الجنوبية حتى الأرجنتين.

وجائزة تميز هي من الجوائز القليلة في العالم العربي والاسلامي التي اهتمت بما قام به معماريون متميزون في بلادهم من امثال محمد مكية ورفعة الجادرجي، فخصصت جوائز تقدم باسمائهم، كما خصصت جائزة باسم المعماريات من النساء، وأخرى للفن باسم ضياء العزاوي، ولم يحدث هذا سابقاً، في الجوائز التي كانت تقدم من قبل مؤسسة مشابهة.

وبمناسبة مرور عشرة أعوام على الجائزة، فقد تناولت الجائزة مواضيع مختلفة تتعلق بالعمارة وتخطيط المدن وتاريخ العمارة، كما شملت الصراع الناتج في بعض البلدان إن كان صراع سياسي أو اجتماعي، وتأثيره على المناطق المتنازع عليها، ومنها محاضرة الاستاذة (وندي بولان Wendy Pullan) وهي رئيسة قسم العمارة في جامعة كميبرج، وقد كتبت عن المواقع المدنية المتنازع عليها في الاماكن المقدسة، وخاصة مدينة القدس. لكنها ركزت في محاضرتها في مسقط عن النزاع الذي حدث في جزيرة قبرص عام 1974، والخط الفاصل الذي قسّم الجزيرة إلى قسمين، القبارصة والاتراك، وتغيير البنية الاجتماعية بسبب ذلك النزاع. كما بحثت مدينة القاهرة والخط الفاصل بين الفقراء والأغنياء في المدينة.

أما برفسور (ألستير نورثج Alastair Northedge) فقد تكلم عن مدينة سامراء في العراق، وهو معماري وآثاري في الوقت نفسه، وبحث عن سامراء عاصمة العباسيين في القرن التاسع الميلادي، التي كانت أكبر مدينة حضرية في العالم آنذاك. كما اوضح تطور موقع سامرا، التي كان طولها يبلغ 45 كيلومتر، كما بحث جوهر تلك المدينة من حيث شكلها اثناء الخلافة العباسية. واعتمد في بحثه على المعلومات المتعلقة بالناحية التاريخية والأثارية، حيث توصل إلى تفسير جديد في إدارة تلك المدينة.

وشارك عدد من المعماريين العراقيين، منهم الدكتور خالد السلطاني ومعاذ الآلوسي و جالا مخزومي، كما بحث الدكتور تراث جميل مدينة النجف المقدسة، المدينة المدورة، من حيث الناحية التاريخية والمعمارية.

وحصلت على الجائزة معماريات من إيران، وكان لهن موقف فيه نوع من التحدي، في عدم ارتداء الحجاب، عندما استلمن الجائزة.

أما الجائزة المخصصة بأسم الفنان ضياء العزاوي فقد كانت متميزة عن جوائز العمارة، فإنها عن الفن، وهي تقدير لفن الجدارايات التي رسمها شباب من الفنانين غير المعروفين على واجهات جدران نفق التحرير عام 2019، والتي تعّبر عن الانتفاضة التي قام بها الشباب أحتجاجاً على الطبقة الحاكمة والفساد الذي نخر البنية الاجتماعية في العراق. و بنفس الوقت فإن هذه الجداريات تمثل الروح السلمية التي كان ينشدها الشباب، يعبرون عن شعورهم في تلك الانتفاضة. وقد رسمت تلك الجداريات من قبل افراد من الشباب الفنانين. فمنها صورة رجل يقول: (في القلب شيء لا تقتله البنادق، إنه الوطن.. كل ما اريده هو الحياة،). فبعض تلك الجداريات موقّع، لكن معضمها من دون توقيع.

ونتمنى ان تستمر جائزة تميز بهذا الطريق في الاهتمام في العمارة المحلية والقطرية في السنين القادمة، وبالدور الاجتماعي للمعمار فيها وعلاقتها بالفرد والمجتمع، وتكون أداة فعّالة في الحوار العاطفي والوئامي للمجتمع في صياغة همومه، أي انها تطفئ حاجة متأصلة في تكوين كيان الأنسان الجسدي والفكري، إن كان فرداً أو جماعة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. فتوح الزبيدي

    جهود مباركة للاستاذ الرائع احمد الملاك

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

رمل على الطريق

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

موسيقى الاحد: جولة موسيقية في فيينا

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram