محمد صادق جراد يعرف البعض التنمية على إنها عبارة عن تخطيط منظم يهدف إلى إحداث تغيرات جذرية في المجتمع من خلال تلبية المزيد من متطلبات الإنسان المعيشية والترفيهية، وذلك بواسطة الإنسان نفسه. أي تستهدف تمكين قدرات الإنسان وتعزيز إمكانياته وقدراته لمواجهة مشاكله وصعوباته،
من خلال رؤى فكرية وسياسية تنمي الحياة السياسية، وترسخ الثقافة الديمقراطية وتبني قاعدة مشاركة عريضة ومؤثرة للمواطن الذي هو الحلقة الأهم في خطاب التنمية والتحديث، وهي الرؤية التي تتصدرها الأولويات الاقتصادية والاجتماعية والساعية لتحقيق معدلات نمو مستدامة، وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، وإتاحة المجال أمام مؤسسات المجتمع المدني على اختلافها وتعددها المثري، للعمل في بيئة من الشراكة الحقيقية والفاعلة مع الحكومة ويعد هذا حقاً للمواطن وللمنظمات يضمنه لهم إعلان عالمي ينصُّ على الحق في التنمية وهو صادر عن الأمم المتحدة في العام 1986. وقد عرف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العام 1990 التنمية: بأنها العملية التي تتيح للناس خيارات أوسع، وتتضمن: تنمية الناس، والتنمية من أجل الناس وبواسطتهم، وبالاستثمار في مقدراتهم، كي يتمكنوا من العمل على نحو منتج ومبدع، ما يعني إتاحة الفرصة لكل إنسان للمشاركة في هذه العملية، وهذا كله يحتاج إلى ربط الاجتماعي بالاقتصادي، والسياسي، والثقافي، بالبيئي كذلك لتكون التنمية الإنسانية الشاملة والمستدامة رافعة للتحولات الديمقراطية، بمحتوى ديمقراطـي وآفاق إنسانية رحيبة. نحن بحاجة لتنمية تشمل كل نواحي الحياة يشترك بها المواطن والمنظمات إلى جانب الحكومة حيث يعلم الجميع إن العراق بعد سقوط الصنم كان بلدا مدمرا وبلا بنى تحتية في ظل غياب المؤسسات الحكومية والمنظمات المدنية وكان لابد من بداية لمشروع كبير يهدف إلى بناء الإنسان قبل بناء البلد.وهذه المسؤولية لا تقع على عاتق الدولة ومؤسساتها فحسب بل تولدت الحاجة إلى وجود منظمات المجتمع المدني وبالفعل بدأت الساحة العراقية تشهد ولادة وتأسيس العديد من المنظمات التي وضعت نصب عينيها أهدافا أهمها نشر المفاهيم الديمقراطية ومفاهيم حقوق الإنسان والدفاع عن الحريات وكل هذا سيسهم في لعب دور بارز في عملية التنمية التي تحتاج إلى أرضية مناسبة وثقافة جديدة تمكن هذه المنظمات من العمل على تحقيق رفاه الإنسان على أساس مشاركته الفعالة والحرة والهادفة في التنمية، وفي التوزيع العادل لمكتسباتها، وفي بناء القدرات المؤسسية لمؤسسات المجتمع المدني بوعي كبير يتجاوز مجرد تقديم الخدمات ليكتنف بأطروحة المواطنة الحقيقية ومحاولة تغيير مفاهيم المواطنة التي كرسها النظام السابق والتي عمل على تسخيرها وفقا لأهدافه التسلطية والدكتاتورية حيث عمل على تغييب مفهوم المواطنة الحقيقية بواسطة المنظمات والنقابات التي كانت موجودة آنذاك والتي كانت واجهة للنظام السابق وكل ما يهمها هو العمل على نشر ثقافـة الحزب والقائد ولم يكن لها أي دور تنمـوي مؤثـر في الساحـة العراقيـة.أما اليوم فيتابع المراقبون للمشهد العراقي النشاط المتميز لمنظمات المجتمع المدني والتي سخرت كل طاقاتها لخدمة عملية التنمية في البلاد لتشارك الحكومة ومؤسساتها في إنجاح التحولات الجديدة في التجربة الديمقراطية العراقية لما لهـذه المنظمـات مـن خبرات وإمكانيـات كبيرة فـي الوصـول إلـى تفاصيـل الشـارع العراقي أكثر من أية مؤسسة حكومية باعتبارها منبثقة من صميم المجتمع وتعرف كل احتياجاته وتستطيع الوصول إلى كافة الفئات فيـه ولذلك هـي بحاجة إلى الدعم المادي والمعنوي والقانوني من قبل الدولة كي تتمكن من أداء دورها فـي التأسيس لمجتمـع مدني حقيقي يشهد تنمية حقيقية تساعد على إعـادة بنـاء العراق من جديد والنهوض بكل جوانب الحيـاة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للوصـول إلى حالة الرفاهية التي يفتقدهـا المواطـن لعقـود طويلة ولكي تتمكن هذه المنظمات من القيام بدورها على أكمل وجه.
التنمية وتلبية متطلبات الانسان
نشر في: 28 يوليو, 2010: 06:13 م