محمد عاصم*

من قالَ إن بلاد الرافدين لم تترك أثراً في مونديال 2022 الذي اختتم في الدوحة قبل شهرين، ومن ادَّعى أن العراق لم يكن حاضراً في هذا الحدث العالمي الذي أقيم لأوّل مرّة في الشرق الأوسط؟!

هذه الأقاويل لا تتطابق مع أرض الواقع، لأن الهويّة العراقيّة كانت ولا تزال " تزهو " بالفخر وروعة وجمال الهندسة المعماريّة الأسطوريّة في المونديال العربي، بسواعِد عراقيّة يشهد لها التاريخ والحاضر عن عبقريّة المُهندّسة زها حديد، التي شيّدت كثير من المباني والمُنشآت في مختلف دول العالم، وحصدت عديد الجوائز الدوليّة.

في جنوب الدوحة، وعلى بُعد 22 كم شرق وسطها، يزهو الملعب العالمي الذي صمَّمتهُ المهندّسة المعماريّة زها حديد، واستضاف 7 مباريات في مونديال قطر بسعة 50 ألف نسمة في المباراة، وكان التصميم العراقي عبقريّاً إذ تم افتتاحه في 16 أيار 2019، في المباراة التي جمعت فريقا السد ودحيل في نهائي بطولة كأس أمير قطر.

وكتب أمير دولة قطرالشيخ تميم بن حمد آل ثاني في تغريدة له على تويتر " وإذ نتمنّى التوفيق للفريقين، نستذكر المهندسة الراحلة زها حديد التي أبدعت في تصميم هذا المَعْلم الرياضي البارز ". هذه التُحفة المعماريّة الهندسيّة في العاصمة القطريّة، تم تصميمها بما يُلائِم طبيعة المكان في مدينة الوكرة التي تطلُّ على مياه الخليج العربي، وكان أهلها يعتمدون على صيد اللؤلؤ والمحار والمرجان والاسماك، في القوارب التقليديّة الخشبيّة، وتم تصميم سقف الملعب بما يضاهي الألواح في الملاحة البحريّة، وفيه فتحات للتهوية من كلّ الجهات لمرور الهواء القادم من البحر بالأوكسجين النظيف نحو الملعب، ويجعل الهواء دافعاً لتنشيط اللياقة البدنيّة للاعبين، وتموّج اللوحات الخشبيّة أعلى سطح الملعب بتقسيمات هندسيّة جذّابة يُضيف له بريق الجمال، كأنها لوحات تضاهي أمواج البحر الهادئة. ولهذا، فإن العراق قد زها فعلاً في مونديال قطر، وهذا الزهو مصدره المهندسة العراقية زها حديد التي تفتخر أسرتها بأنها نفّذت 950 مشروعاً في 44 دولة.

زها، بنتُ مدينة الموصل، من أسرة عريقة في بلاد الرافدين، والدها محمد حسين اللهيبي أحد قادة الحزب الوطني الديمقراطي، ووزير المالية العراقي الأسبق 1960-1958، وتوفيت في ميامي عام 2016 بعد أن تركت تراثاً عالميّاً معماريّاً كبيراً في العالم، ويبقى الأثر الخالد لها في الدوحة شاهداً على بصمتها الفريدة.

* صحفي مصري مقيم في الدوحة