اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > التداول السلمي للسلطة

التداول السلمي للسلطة

نشر في: 29 يوليو, 2010: 06:12 م

إيمان محسن جاسمالتصنيفات العالمية تعتبر الدول العربية من أكثر الدول التي تمارس الاستبداد بشكل مباشر وتعاني مشكلات شائكة بالنسبة للحفاظ على حقوق الإنسان وهذا ما يثبته تاريخ هذه الدول وتضيء كتابات ابن خلدون بعض أسباب وجذور الاستبداد في الدولة العربية،
الأول تداول السلطة بالقوة والثاني دينية الدولة، فقد استغل الحكام وظيفتهم الدينية في إضفاء قداسة على دورهم كخلفاء وأنهم يحكمون باسم الله، هذا بالإضافة إلى وجود عوامل اقتصادية- اجتماعية وثقافية- فكرية وتاريخية أّثرت في وجود الاستبداد في المنطقة العربية، يضاف إلى ذلك البيئة الطبيعية وطريقة استجابة البشر لهذه البيئة فيما يتعلق بالبحث عن طريقة لإدارة شؤون الناس الموجودين في هذه البقعة الجغرافية والذين قسموا بين المجتمعات البدوية المترحلة التي احتاجت القبيلة وشيخ القبيلة وهو الرجل القوي الذي يحميها من غزوات القبائل المجاورة مقابل الولاء المطلق له. والمجتمعات الزراعية احتاجت إلى دولة مركزية قوية تنظم الرعي والزراعة والضرائب والبناء. إننا لسنا بصدد انتقاد تلك الفترة، بقدر ما نحاول أن نحلل ونناقش هيكلية الدولة أثناءها، ويمكن ملاحظة أن تاريخ الدولة العربية- الإسلامية منذ انقضاء عصر الخلفاء الراشدين، الذي اعتمد(نظام الشورى) وكان يمكن اعتماده كنظام شبه عادل وبمعنى مجازي شبه ديمقراطي يقوم على استشارة الشعب أو نوابه.. ليتحول الحكم منذ نهاية نظام الشورى إلى استمرارية غير منقطعة للاستبداد والحكم المطلق.. فقد ظل الحكم الفردي المستبد سائداً في الدولة العربية منذ القرن الهجري الأول وحتى سقوط الخلافة في العقد الثاني من القرن العشرين بحكم إن البعض يفترض الدولة العثمانية استمراراً للخلافة ،  والسبب لأن العرب والمسلمين لم يتوصلوا إلى آلية للتداول السلمي للسلطة.. فعلى مستوى التطور الاجتماعي- الاقتصادي لم يحدث تطور في التجارة البعيدة في البحار عدا القوافل الصحراوية أساساً. وقد كان العرب مجاهدين حتى حين كانوا يملكون الأساطيل وليسوا تجاراً محترفين مثل الفينيقيين أو الإسبان أو الهولنديين، أو المدن الإيطالية مثل البندقية وغيرها. لذلك لم يدخلوا بسهولة في مراحل الحِرف ثم الصناعة ما أدى إلى نمو الطبقة البرجوازية التي أحدثت كل التغييرات الإنسانية العظمى- في عصر صعودها- مثل القضاء على الإقطاع ثم الإصلاح الديني والثورات الدستورية والسياسية وأهمها الثورة الفرنسية 1789، إن عدم حصول هذه التطورات داخل المجتمعات العربية وبقاءها راكدة لم يؤد إلى ظهور ثورات وتغيير لقيم الحكم فيها، وبعد هذا أتى تحولها إلى دول أغلبها مستعمر ولفترات زمنية طويلة ومنها ما زال مستعمرا حتى الآن ليكون الاستعمار سبباً رئيسياً في استدامة الاستبداد.أما على المستوى الفكري، فالاستبداد نتيجة لغياب فكر سياسي عربي يهتم بالحكم والسلطة السياسية والنظم السياسية وقد يعود ذلك إلى احتلال الفقه مكانة أولى في التفكير وبعد الإسلام. كما حاول الإسلام أن يقدم نظاماً شاملاً لمكارم الأخلاق لذلك اهتم بجوانب أخلاقية في الحكم أكثر من النواحي السياسية، فقد اعتمد على ضمير الحاكم دون ضمانات للمحاسبة أو حق العزل. وقد تكون من الإشكاليات الكبيرة التي واجهت الفكر السياسي العربي الإسلامي إعطاء قيمة عليا لوحدة الأمة على حساب أي تعدد أو تنوع خشية الفتنة. لذلك كانت أية معارضة تعتبر خروجاً عن الأمة. وكان من الطبيعي أن تكون الطاعة للحاكم حتى ولو كان جائراً- هي مطلب لبقاء الدين والحفاظ على وحدة الأمة. وهناك بحث مستمر عن الإجماع ما يعطي الحق في قمع الاختلاف والمعارضة- وبسبب خشية الفتنة ووجوب الطاعة لم يعرف المسلمون فكرة المشاركة الشعبية في السلطة وفي وضع القوانين. ورفض أغلب المسلمين مبدأ السيادة الشعبية في التشريع. كل التاريخ السابق ساعد في ظهور فكرة الحكم الفردي المطلق الذي لا يعتمد على شعب ومواطنين، والمواطن هو الشخص الحر الوحيد بالمعنى السياسي للكلمة. عرفت بعض الأقطار العربية في عشرينيات وثلاثينيات القرن الفائت مجالس نيابية ودساتير كان من الممكن أن تمثل نهاية للاستبداد وبذرة للديمقراطية. ولكن التجربة فشلت سريعاً بسبب غياب الوعي والقوى السياسية الحديثة القادرة على إنجاح التجربة. ويقول المحللون لتلك الفترة أن القيادات الوطنية التي تمثلت في تلك المؤسسات لم يحترموها ويراعوا حريتها، فكشفوا عن سيطرة الميول التسلطية والاستبدادية على تفكيرهم وممارستهم. فقد كانت الأحزاب هزيلة تنظيمياً وفقيرة فكرياً. ولم تستطع القوى التقليدية تحقيق تغييرات سياسية واجتماعية حقيقية وعميقة. ليكون الجيش هو الحزب الأكثر حداثة وانضباطاً.وصار بمثابة مؤسسة سياسية غير معلنة. يضاف إليه بعض الأحزاب السياسية العقائدية ذات الصلات الوثيقة بعناصر عسكرية وهو ما أعطى المبرر للانقلابات العسكرية وأفسح السياسيون المجال للعسكر الذين هيمنوا على أغلب البلدان العربية خلال نصف القرن المنصرم. وكانت بدايات أي نظام عسكري في بيانه الأول إلغاء الأحزاب والنقابات ومنع الصحف وإصدار قوانين الطوارئ والقوانين الاستثنائية. وتمت عملية تحديث الاستبداد بوسائل قمعية مادية ورمزية جديدة:

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram