إياد الصالحي
يتساءل المهتَمّون بمؤتمر الحكومة الرياضي المُرتقب أواخر شهر شباط الحالي: هل تنتهي حُقبة تشكّي أغلب الاتحادات من الضائقة الماليّة وهي تمارس أنشطتها بسيناريوهات تحطُّ من قدر وقيمة الرياضة العراقية؟
مع أن مسؤولي الاتحادات صادقون في أداء أدوارهم، إلا أن بعضهم يتحايل من أجل القبض على أموال لا يستحقّها، وتلاحقهُ شُبهات الفساد بمُذكّرات استدعاء لم تُحسم قضاياها مهما مرّ زمن طويل عليها!
أمر مؤلِم أن يُحدِّثُنا رئيس الاتحاد الجوي حامد عبدالكريم الرعد، منذ ستة أشهر عن عدم تسلُّمه الأموال المُخصَّصة لتغطية الدورة العربيّة الثانية للرياضات الجويّة بإشراف الاتحاد العربي للفترة من 1 الى 12 حزيران 2022 في أربيل ودهوك لبطولات (القفز المظلّي والطيران الانحداري والطيران بمحرك)!
نعرفُ الرجلُ نزيهاً، ويتحلّى بمصداقيّة عالية هي كُلّ رصيد حياته منذ عمله الرياضي المتنوّع في أكثر من اتحاد طوال أربعة عقود، ولم تُسجّل في عمله أيّة خروق تضعهُ في دائرة الشُبهات، فكيف واجهَ مأزق تنظيم دورة عربيّة أعطى الضوء الأخضر للاتحاد العربي في تضييفها وميزانيّة اتحاده خاوية منذ عام 2013؟!
رجل إداري مُخضرم، ومُدرك لمقوّمات تنظيم الفعّاليات وما تتطلّبه من أموال، كيف يرتضي لنفسهِ أن تصطادهُ شِباك الروتين لوعود مسؤولين في الحكومة الاتحادية ممثلاً بوزير الرياضة السابق عدنان درجال وفي حكومة إقليم كردستان ممثلاً بمدير رياضته د.شاكر أحمد سمو؟ الرعد يستغيث طوال الأشهر الماضية طلباً للنجاة من مطاردات مالكي فنادق ومطاعم هدّدوه بالشكوى عليه لدى القضاء ما لم يُسدِّد لهم أموالهم حتى لو اضطرّ أن يبيع بيته ويُشرِّد عائلتهِ وهو في سِنّ تجاوز منتصف العقد السابع؟!
" سمو " وَعَدَ " الرعد " ( حسب قوله ) بدفع 420 مليون دينار لاستضافة 14 فريقاً عربيّاً يرافقهم 180 شخصاً خلال 12 يوماً، بينما " درجال " عارض ذلك، وطلبَ منهُ تسلّم المبلغ من وزارته كونها الراعية للرياضة والمؤمِّنة لميزانيّات الاتحادات بالتنسيق مع وزارة الماليّة، وبالفِعل قدَّم
"الرعد" كشفاً جديداً يتضمّن مبلغ 250 مليون دينار، وليس 420، ما يعني أن حساباته التخمينيّة الأولى لممثّل الإقليم لم تكن دقيقة!
كلّ ما حصل عليه "الرعد" 100 مليون دينار فقط، وبقي يُطالب وزارة الشباب والرياضة بشخص وزيرها الجديد أحمد المبرقع بمبلغ 77 مليون و800 ألف دينار، ولا يُعرَفْ لماذا لم يُطالب الرعد بـبقيّة المبلغ 72 مليون و200 الف دينار ليكون المجموع الكلي 250 مليون؟! أمر غريب بالفعل!!
ما يُزيد الغرابة هنا أن الرعد استلم مِنْحَة درجال البالغة 50 مليون دينار مرّتين لم تكن كُلّها لغرض الدورة العربيّة، بل لتسديد اشتراكات الاتحاد الجوي في الاتحاد العربي الموقوفة منذ سنين طويلة، فماذا كان دور اللجنة الأولمبيّة حينما كانت مسؤولة عن تخصيص وتوزيع الأموال على الاتحادات وهي تعترف بشرعية الاتحاد الجوي؟!
12 عاماً والاتحاد الجوي ميّتٌ داخليّاً وحيٌّ في اتحادات (الدولي والآسيوي والعربي) لماذا؟ 10 سنوات لم يُنظّم الاتحاد الجوي أيّ دورة عربيّة أو دوليّة، ففي عام 2013 تم رفع التجميد عنه بقرار من اللجنة الأولمبيّة الوطنيّة إثر مطالبة 85 عضواً في الهيئة العامّة على إعادة أنشطة الاتحاد المجمّدة منذ احتلال العراق عام 2003!
لدى متابعتنا عديد مواقع الاتحادات العربيّة للرياضات الجوية، نستدلُّ على وجود المؤشِّرات الأستراتيجيّة لنشر تلك الرياضات، ونأخذ الاتحاد الإماراتي إنموذجاً في حجم التغطيّة الإعلاميّة، وعدد البطولات التي استضافها والتي شارك وحقق الإنجاز فيها، وعدد الميداليّات التي تم إحرازها، وعد اللاعبين الذين تم تأهيل مستواهم للمنافسات المحلّية والعالميّة، ونسبة الزيادة في أعدادهم، وآليات العمل التي تم تطويرها في الاتحاد وعدد الاتفاقيّات مع الشُركاء والمؤسّسات الأخرى! فأين الاتحاد الجوي العراقي من كلّ ذلك؟
نعم من حقّ الاتحاد الجوي أن تظهر الدورة العربية بأفضل نسخة وتستحقّ أن تُغطّى بمبلغ 420 مليون دينار قبل أن يتم تقليصه، ولكن ليُخبرنا " الرعد " ما جدوى استمرار لجنة الاتحاد التنفيذيّة وهي غير مشمولة بأيّة ميزانيّة لا من الأولمبيّة سابقاً ولا من وزارة الشباب والرياضة ولا من أي مؤسّسة أخرى؟ ثم هل يليق باسمه وتاريخه أن يلتحق بقائمة رؤساء الاتحادات الذين ينظّمون بطولاتهم بـ (الدفع الآجل) ويتوعّدهم الدائنون بالمحاكم؟!
إشارة الى منظّمي المؤتمر الرياضي الحكومي، قبل أن تنهمكوا في كتابة القوانين الإصلاحية لضبط الانفلات الرياضي، احفظوا كرامة رياضيين أمثال حامد الرعد، إما أن تحتضنه الحكومة أسوة ببقية الاتحادات ولا تدعهُ يطرق باب إقليم كردستان بحثاً عن سدِّ النفقات أو أن يتم تقليص أعداد الاتحادات بقرار الدمج - كما حصل في عديد دول الخليج الثريّة في دعمها للرياضة - كي نودّع أفلام البؤساء للأبد!