اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > رسم بلا حدود..الفنان كامل حسين يمنح الكارثة لوناً وردياً

رسم بلا حدود..الفنان كامل حسين يمنح الكارثة لوناً وردياً

نشر في: 30 يوليو, 2010: 04:54 م

بيروت/ صلاح حسنلم يعد ما يحدث في العراق اليوم يحتاج إلى تفسير أو لون أو معالجة معينة ، فقد جرب المبدعون العراقيون كل شيء طوال هده السنوات من دون أن يتغير أي شيء في حياتهم . لدلك فقد بدأوا يجربون الانقلاب على الذات مرة من اجل تغيير المصائر ومرة على قلب المفاهيم لإيجاد حالة ما تناسب اللحظة التي يعيشونها قبل أن تتشظى الهوية ويتمزق الوعي الجمعي كليا .
في ضوء ذلك ينبغي قراءة المنجز الثقافي والفني العراقي الان لأنه من العبث أن نعاين هده الأعمال بمنظور نقدي لم يسبق له أن تعامل مع هده المعطيات المتقلبة والشاذة أحيانا .لا تبتعد أعمال الفنان كامل حسين المعروضة على صالة نقابة الفنانين اللبنانيين عن هذه الرؤية التي تحاول أن تقلب المفاهيم الثابتة في محاولة للتخلص من ظروف قاهرة وغير موضوعية . فها هو يستعيد فكرة الماضي البعيد بكل ما له من رسوخ وبهاء ويسبغه على حاضر متشظ ومفكك ولا يمكن تقديم صورة ثابتة له . برغم دلك لا يستطيع الفنان الفكاك من هدا الحاضر الموجود بقوة في اللاوعي ، فنجد بالإضافة إلى الأعمال المنفذة برؤية انقلابية ، أعمالا تشير إلى الواقع أو إلى جزء منه راسخ ولا يمكن للذاكرة أن تتخطاه ولو للحظة واحدة .استخدم الفنان حسين في تنفيذ أعماله عددا من التقنيات تراوحت بين العجائن اللدنة والاكليرك والزيت وبدت بعض اللوحات وكأنها أعمال نحتية بسبب العجائن التي طليت بها الخامات ما جعلها تأخذ شكل الرليف البارز . من الواضح أن الفنان يقوم بوضع مادة العجائن اللدنة على القماشة ويعمل عليها بأكثر من أداة حيث يحصل على بعض الأشكال ثم يقوم بتلوينها . من هنا نعرف إن الفنان يبدأ بالرسم دون تخطيط مسبق وبدون أدنى فكرة عن الموضوع الذي سوف يقوم برسمه . انه يتبع الغواية وهي التي تقوده إلى حيث تشاء لكنه يستطيع أن ينهي العمل حين يشعر انه لم يعد بالإمكان إضافة شيء آخر. أن اللاوعي هنا هو الذي يحدد الموضوع للرسام وما عليه سوى متابعته فهو بمثابة ذاكرة في وعي مغيب .أما الألوان  فكانت متوسطة ، لا حارة ولا باردة وبدت خافتة بسبب من طبيعة الموضوعات وتراوحت بين الأزرق الفاتح والأصفر والبني والوردي باستثناء بعض اللوحات القليلة التي نفدت بألوان حارة وزاهية تعيد إلى الادهان أحلام بعيدة جميلة مندثرة كما هو الحال مع اللوحة التي تمثل مدينة البصرة التي هدمتها الحروب مسقط رأس الفنان.اختار الفنان المدرسة التجريدية في رسم أعماله ، تلك المدرسة التي تحتاج إلى الألوان الحادة لكنه وكما قلنا في  البداية يحاول أن يقلب المفاهيم وحتى التقنيات فاستخدم ألوانا وسطا من اجل تقديم تجريد رومانسي ادا صحت التسمية . لقد حاول الفنان كثيرا أن يطمس الأشكال البشرية والحيوانية والجمادات تحت ركام من الأفكار والألوان ، لكن تلك الأشكال كانت تطل من عمق اللوحات لأنها لا تريد مغادرة وعيه وذاكرته فبدت الوجوه البشرية وكأنها مغطاة بغشاء قاتم لأنها في الأساس بلا ملامح وحضورها غير مؤكد ، أو بمعنى آخر إنها ظلال لشخوص لم يعد لهم وجود . كما هو حال مفردات الحرب الحاضرة مثل الدبابة والطائرة والقتلى والشظايا أو المكان المندثر والسيارات المفجرة.تحضر سومر وبابل كحضارة ناجزة برموزها في عمل الفنان عن طريق اللون أحيانا مثل اللون الترابي أو البني القاتم واللون الأخضر المطفأ ، وأحيانا أخرى باستلهام بعض الإشارات الدالة مثل الشمس البابلية أو الحروف المسمارية أو تلك الرليفات البارزة التي اشتهرت بها هاتان الحضارتان  والتي لم يستطع أي فنان عراقي إن يتخلص من تأثيرها.يبدو إن الفنانين العراقيين في الوقت الراهن وخصوصا الموجودين في العراق ولم يغادروه طيلة الأربعين عاما الماضية لم يعد أمامهم سوى انسنة الكارثة والتعايش معها ، بل وحتى منحها لونا ورديا يليق بقسوتها التي لم تعد هناك مفردات توصف بها . اللون هنا أكثر تعبيرا عن الموت والخراب الذي يبدو انه قد حصل على إقامة دائمة.هدا المعرض هو العاشر للفنان كامل حسين الذي يؤكد من خلاله إخلاصه لفكرة إن كل شيء في حالة تغير ، ففيه انتقالة في أساليبه التي تتغير بتغير الزمان والمكان ، وهو هنا ينتقل من رسم الطبيعة بألوانها الباذخة إلى مناخ مغاير آخر تستدعيه التجربة الفكرية والجمالية التي تتراكم خلال مسيرته الفنية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram