ذي قار/ حسين العامل
اعربت اوساط بيئية ومجتمعية عن قلقها من مخاطر المخلفات الحربية والمشعة في مناطق واسعة من محافظة ذي قار، وفيما أكدوا تلوث أكثر من 100 مليون متر مربع من الاراضي الملوثة بالمخلفات الحربية، كشفوا عن سقوط ضحايا بين المدنيين من جراء انفلاق القذائف والالغام في تلك المناطق.
وتعلن الدوائر الصحية والامنية في محافظة ذي قار بين آونة واخرى عن تسجيل وفيات واصابات ناجمة عن انفجار المخلفات الحربية ولاسيما في المناطق الصحراوية التي يرتادها الرعاة والصيادون، فيما كشفت مديرية بيئة ذي قار الشهر المنصرم عن تعرض موقع صليبيات الصحراوي المخصص لحجر المخلفات الحربية الملوثة باليورانيوم المنضب للسرقة من قبل اشخاص مجهولين وفقدان نحو 20 قطعة ملوثة بالإشعاع تم استرجاعها لاحقا.
وكشف مصدر بيئي مطلع في حديث مع (المدى)، أن "ما بين 100 الى 110 مليون متر مربع من مناطق محافظة ذي قار مازالت ملوثة بالمخلفات الحربية غير المنفلقة".
وأضاف المصدر، أن "أكثر المناطق تلوثا تقع في تل اللحم والخميسية ومناطق متاخمة لقضاء سوق الشيوخ والمناطق الصحراوية التي تقع ضمن حدود محافظتي ذي قار والبصرة".
وأشار، إلى أن "المخلفات الحربية تعد من الملوثات البيئية الاشد خطورة على حياة السكان المحليين كونها معرضة للانفلاق في اية لحظة".
وأكد المصدر، أن "اضرار المخلفات الحربية على التربة وأثرها على النشاط الزراعي او الرعي".
وتحدث، عن "تسجيل عدد من الاصابات والضحايا الناجمة عن انفلاق المخلفات الحربية بين الرعاة والاشخاص الذين يعملون في جمع الحديد والمواد المستهلكة والذين يتوجهون للتنزه وصيد الطيور في المناطق الصحراوية ".
ولفت المصدر، إلى أن "دائرة البيئة قررت في وقت سابق منع دخول السيارات المحملة بمادة السبيس والرمل الى مراكز المدن قبل فحصها من الاشعاع والمخلفات الحربية خشية من انفجارها وتعرض حياة السكان للخطر". ويواصل، أن "الآونة الاخيرة شهدت تراخيا في هذا المجال فأخذت الكثير من تلك السيارات تدخل بدون اجراء الفحص اللازم".
ويجد المصدر ان "هذه المواد يتم جلبها حاليا من مواقع مختلفة غير خاضعة للفحص البيئي".
وشدد، على ضرورة أن "يكون مصدر المواد المستخدمة بالبناء ولاسيما مواد الرمل والسبيس والتراب من مقالع مفحوصة بيئيا وخالية من الملوثات والمواد المشعة".
وعن مدى قدرة الفرق المحلية على تطهير المساحات الملوثة قال المصدر ان "الاعتماد على فرق الدفاع المدني الحالية لتطهير تلك المناطق امر غير مجد كون امكانيات تلك الفرق ضعيفة ومحدودة جدا".
ودعا، إلى "بذل جهد وطني كبير وبإمكانيات وآليات واجهزة متطورة قادرة على تطهير المناطق الملوثة بالمخلفات الحربية والمواد المشعة والتخلص من مخاطرها".
وأورد المصدر، أن "فرق الدفاع المدني طهرت مساحات لا تشكل سوى 4% خلال عام 2022، وانهم مازالوا يعملون وفق امكانياتهم المحدودة".
ومن جانبه اقترح مدير دفاع مدني ذي قار العميد صلاح جبار أبو سهيِّر زيادة فرق معالجة المخلفات الحربية ليتم تطهير مناطق أوسع.
وقال أبو سهير في حديث سابق مع (المدى)، ان "اعداد الفرق العاملة حاليا لا يتناسب مع سعة المساحات الملوثة بالمخلفات الحربية والقنابل غير المنفلقة".
وشدد، على "أهمية دعم الفرق الحالية بآليات تخصصية ورفدها بفرق اخرى لغرض التسريع بعمليات التطهير وانقاذ السكان المحليين من مخاطر المخلفات الحربية". وتحدث ابو سهير عن "وجود مناطق ملوثة وعرة كمخازن عتاد الخميسية التي تعرضت للقصف والتفجير قبل عام 2003 ومناطق اخرى كبحيرة الاسماك والمناطق المتاخمة لمطار الناصرية".
وبين، أن "تطهير هذه المناطق يتطلب آليات ومعدات ثقيلة خاصة كالرافعات والحفارات وبلدوزرات وهذه الآليات غير متاحة للفرق العاملة حاليا".
ويواجه الواقع البيئي في محافظة ذي قار، (مركزها الناصرية 350 كم جنوب بغداد)، جملة من التحديات ابرزها وجود مخلفات حربية ملوثة بالإشعاع في عدد من المناطق التي شهدت عمليات حربية إبان الحروب المتعددة التي خاضها العراق خلال الثلاثين سنة الماضية. وبدوره كشف مدير بيئة ذي قار كريم هاني عن مساعي حكومية وبرامج مستقبلية لتطهير المساحات الملوثة بالمخلفات الحربية والمواد المشعة.
وأكد هاني في تصريح إلى (المدى)، "اللقاء مؤخرا مع مدير عام دائرة شؤون الالغام في وزارة البيئة وقد طرحنا هذا الملف".
وأشار، إلى أن "لجان وكوادر فنية ستقوم بإجراء مسوحات على المناطق المذكورة والتي هي مشخصة بالإحداثيات والمساحات بصورة دقيقة، فيما ستقوم اللجان المختصة بالمعالجة بالتنسيق مع الحكومة المحلية ومديرية الدفاع المدني".
وأوضح كريم، أن "محافظة ذي قار استقبلت مؤخرا لجنة رقابية وتنفيذية وصلت من بغداد".
وأردف، أن "هذه اللجنة تعمل بتوجيه من الامانة العامة على برنامج وطني شامل لمعالجة وادارة التلوث البيئي في عموم العراق".
وقال ايضاً، إن "البرنامج معد من الحكومة المركزية وبالتنسيق مع الحكومات المحلية والجهات الرقابية".
ومضى كريم، إلى أن "اللجنة اجرت مسوحات اشعاعية على موقعي المحجر ومطار الناصرية".
وتمكنت فرق بيئية مختصة بالوقاية من الاشعاع في أواسط الشهر الماضي من العثور على 21 قطعة ملوثة باليورانيوم المنضب كانت قد سرقت في وقت سابق من محجر المخلفات الحربية الملوثة في موقع صليبيات الصحراوي (50 كم جنوب مدينة الناصرية).
وكانت محافظة ذي قار، شهدت سلسلة من العمليات الحربية والقصف الجوي خلال سنوات الحرب العراقية - الإيرانية (1980-1988) وحرب الخليج الثانية (1991) وعملية غزو العراق سنة 2003 حيث استخدمت قوات التحالف الدولي شتى أنواع الأسلحة والقذائف، لاسيما القنابل العنقودية والصواريخ التي يدخل اليورانيوم المستنفذ في تركيبها، التي تعد مخلفاتها من مصادر التلوث الإشعاعي في المحافظة.