عبد الصمد طلال عبد الصمدلقد مر من الزمن وقت طويل منذ حضوري أول محاضرة في ادب اللغة العربية في احدى متوسطات بغداد، وحتى هذه اللحظة استطيع أن اتذكر استاذ المادة، الذي كان يقف كل نهاية حصة في مقدمة الصف ويطلب منا حفظ قصائد المتنبي تارة أو رسائل المعري تارة اخرى،
طالبا منا حفظ قصيدة من النهج المقرر، فيما كان احد الزملاء يعترض طالبا من الاستاذ إعطاءنا سببا وجيها لحفظ تلك القصائد، وكان رد استاذ الادب العربي جاهزا بالقول "تلك القصائد ستكون مطلوبة في الامتحان المقبل"، هذا كان السبب الوحيد الذي كان الاستاذ قادرا على ان يوفره لنا. وقد حفرت في ذاكرتنا معلومات من مثل (في سنة 1889 ولد طه حسين) و(في تاريخ 10 ابريل 1931 توفى الأديب اللبناني جبران خليل جبران) وغيرها من المعلومات. ومن المثير للتساؤل هو ان الكثير منا لا يستطيع تذكر معنى الكثير من القصائد التي كان مقررا حفظها في الصف الثالث المتوسط لأنها كانت جزءاً من (مرشحات) أستاذ المادة. نجاحنا في الامتحانات كان همنا الكبير والوحيد، غرضنا الوحيد من الدراسة هو النجاح في الامتحانات وليس لدراستنا غرض اخر. افضل طريقة لتصوير انفسنا عندما كنا طلبة في المتوسطة والإعدادية هو ان كل واحد منا كان اشبه بجهاز للتسجيل يعرض كل ما طلب منه ان يحفظه، بدون أية وحدات للمعالجة. هذا ما قلته لأحد اصدقائي وكان قادما من اوربا عندما كنا نناقش نقاط ضعف النظام التعليمي في العراق. ومع تخرجي من الاعدادية كان الامر الوحيد الذي حصلت عليه بالاضافة الى شهادة الاعدادية، مهارات كبيرة لعبور الامتحانات، حيث كنت بارعا في تخمين ماذا سيكون في امتحان الغد. لقد كان عبور الامتحان اهم بكثير من تمثل المادة العلمية التي تدرس في المدارس.وهناك بعض الامثلة الدالة لإيضاح واقع الحال في النظام التعليمي، درس الرياضيات كان غريبا جدا، لأني كنت اعلم بأن ناتج (1) مضافاً الى (1) هو (2) ، لكن كان من الصعب علي ان أطبق هذه المعادلة في حياتي اليومية، بالرغم من ذلك كان باستطاعتي أن أشير الى الإجابة الصحيحة في ورقة الأجوبة. مدرس الفيزياء كان في الكثير من الاحيان يردد الجملة التالية " الماء يغلي في درجة حرارة100مئوي ويبدأ بالانجماد في درجة( صفر) مئوي لكن ما لا استطيع أن أتذكره هو كيف سأطبق هذه الجملة المفيدة في حياتي المهنية.فيما نعرف حين نريد تغيير أية كلمة من حالة المفرد الى حالة الجمع في اللغة الانجليزية نضيف حرف (S ) في نهاية الكلمة، لكن ما لم يقله أستاذ الانجليزية هو كيف لنا أن نكون جملة بصيغة الجمع. وفي الوقت نفسه ،كنا نعلم بأن لا حاجة لنا بحفظ تعريف العولمة عن ظهر قلب كما جاء في كتب النظريات السياسية لكي نكون سياسيين جيدين، لذلك تنبغي إعادة النظر في طرق التدريس بوجه عام ومراعاة تقييم الطلاب على اساس طاقاتهم واكتشاف وتنمية قدراتهم الخلاقة وليس فقط من خلال امتحان لذاكراتهم. rn
صح النوم!!! ..طرق تعليمية لا تجدي نفعا
نشر في: 30 يوليو, 2010: 05:13 م