 سيلين: كاتب دفعته الحرب الى الجنون

ترجمة: عدوية الهلالي

في نيسان المقبل، سيتم نشر رواية غير منشورة للكاتب الراحل لويس فرديناند سيلين (1894-1961)بعنوان (ارادة الملك كروغولد) تدور احداثها عن القرون الوسطى.وستقوم مؤسسة غاليمار بنشر الرواية لمؤلف كتاب (رحلة الى آخر الليل)بعد ان اعلنت بأن آخر رواية غير منشورة له كان قد عثرعليها في مخطوطاته.

وسوف تنشر غاليمار جزأين،كتب المؤلف الجزء الاول منهما والذي يرجع تاريخه إلى «النصف الأول من الثلاثينيات»، وعنوانه أسطورة الملك رينيه. أما الجزء الثاني فيضم المخطوطة الأخرى وهي المخطوطة التي يعود تأريخها إلى عامي 1939-1940. وقد قال الناشر عنها: «إن هذه المخطوطة غير المنشورة وغير المكتملة على نحو واضح، هي جزء من نفس المشروع مع تميزهما بتطورات أسلوبية وسردية مهمة.

ويتألف الكتابان من حوالي 1200 صفحة مكتوبة بخط اليد تركها سيلين،، خلفه عندما فر من باريس إلى ألمانيا النازية في حزيران1944، وصادرها أحد أعضاء المقاومة، ثم وضعت جانباً لمدة ثلاثة أرباع قرن، وقد عادت هذه الكتابات إلى الظهور بشكل غير متوقع في عام 2021. وأدت بالفعل إلى ظهور روايتين غير منشورتين تم نشرهما في عام 2022، هما (الحرب) و(لندن).

وتروي هذه الرواية الجديدة، «التي تدور حلقاتها الرئيسية بين بريتاني والدول الاسكندنافية»، «الحرب التي شنها الملك كروغولد ضد الأمير الخائن جويندور، وقتل المدعي العام مورفان على يد المروفي تيبوت، وشغف جواد بالجميلة واندا «، وأوضح غاليمارد ان سيلين لم يتمكن سابقا من اقناع ناشره، دينويل، بنشر هذا العمل الذي تميز عن بقية رواياته، بالخيال الواقعي المعاصر.

ومن المقرر أيضًا أن تظهر قصة قصيرة غير منشورة من نفس المخطوطات بعنوان (العجوز المثيرة للاشمئزاز)، في آذار، في العدد 655 من مجلة (لانوفيل ريفو فرانسيز)التي تم تخصيص جزء كبير منها لسيلين.أخيرًا،سينبغي على غاليمار أن تقوم بإعادة تصميم مجلدات مكتبة لابلياد المخصصة لسيلين، بالإضافة إلى رواية(حرب)، التي بدت غير مكتملة في عام 1949، والتي سيتم استكمالها بمقاطع غير منشورة.

اشتهر لويس فرديناند سيلين بأسلوبه المبتكر للغاية في الكتابة باستخدام اللغة الباريسية العامية،والمبتذلة احيانا.وقد نشأ سيلين في باريس وكان لدى والدته متجر لبيع الدانتيل. كان والداه فقراء (أب كاتب، أم خياطة). وبعد تعليمه الذي أكمله في ألمانيا وإنجلترا، شغل مجموعة متنوعة من الوظائف قبل أن يلتحق بسلاح الفرسان الفرنسي في عام 1912، وقبل عامين من اندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1914. أثناء خدمته في الجبهة الغربية أصيب في رأسه بجروح خطيرة وخرج من الحرب بذراع مشلول وصداع عانى منه طوال حياته - لكنه حصل أيضًا على وسام الشرف. وبعد أن تحرر من الخدمة العسكرية، درس الطب وهاجر إلى الولايات المتحدة حيث عمل كطبيب في مصنع فورد الذي تم بناؤه حديثًا في ديترويت قبل أن يعود إلى فرنسا ويمارس الطب لمعالجة الفقراء الباريسيين والذين ظهرت تجاربهم بشكل بارز في رواياته.

وعلى الرغم من أنه غالبًا ما يُستشهد به كواحد من أكثر الكتاب تأثيرًا وأعظمهم في القرن العشرين، إلا أنه يُنظر إليه بالتأكيد على أنه شخصية مثيرة للجدل. فبعد اعتناقه الفاشية، نشر ثلاثة كتيبات معادية للسامية، وتردد بين دعم هتلر وشجبه. وهرب إلى ألمانيا والدنمارك في عام 1945 حيث سُجن لمدة عام وأعلن عارًا وطنيًا. ثم نال عفواً وعاد إلى باريس عام 1951.

ويصر المدافعون عن سيلين على ان كتاباته الفاحشة تكشف عن سبب غضب سيلين اللامحدود. فقد دفعته الحرب إلى الجنون لكنها أنتجت مجموعة متنوعة من الاعمال العظيمة التي تضمنت مشاعر الشفقة والحب والغضب..وما يجعل سيلين مؤلفًا صعبًا هو أنه، مثل ماركيز دو ساد، يأخذ الحقيقة الإنسانية ويحولها إلى عبادة غير إنسانية، فقد أدرك ساد أن الحرية في إحداث الألم لها جانب النشوة. ويقول ناشر سيلين في دفاعه عنه أنه "كاتب بارع للغاية فقد تمكن من إعطاء أفظع الأشياء بصيص من الأمل..ولا يمكن لأي شخص قرأ سيلين أن ينسى الشعور الحقيقي لجندي جريح، والليالي التي قضاها في كابوس قاس. إنه يصف البشركآلات شهية، مدفوعة لإلحاق الألم بالآخرين، وكأنهم يعيشون داخل مسلخ لا يتغير حيث تنتهي حياة الجميع بموت عادة ما يكون فظيعًا. انه واقعي بما فيه الكفاية ليعبر عن الحياة والموت بكل هذه القسوة.