اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > الريح والابواب.. زحمة المعاني

الريح والابواب.. زحمة المعاني

نشر في: 18 فبراير, 2023: 10:54 م

ناجح المعموري

لم يختصر ميثم الحربي مثلما قال احد الاصدقاء بل التقط ايقونة كشفية لإعانة المتلقي كي يتصرف ويتكشف ويختار طريقاً له او يغامر بالتنزه في الطرق كلها مثلما فعلت انا.

قدم الشاعر عوناً لمن يدخل طرقة، والمثير الصورة التي رسمها الشاعر، وأن كانت تخطيطاً، بمعنى شفوية، لكنها كانت سوداء لان المقتول ضحية والقاتل محترف، وامتدادات المقتول جعلتها الريح العاصفة دليلاً. وهي الاله انليل رئيس المجلس التنفيذي للبانثيون العراقي، هو القوى الكبرى، يهوى اللعب وبه يدمر كل ما يريد، ويفكك ما كرسته الالهة، وهب وسط القصب وافتض الالهة الشابة ننليل واولدها القمر، ومن بعد الشمس. عاقبه الالهة بالإنزال الى العالم الاسفل. تعارفت السوسيولوجية والفحص الانثربولوجي على ان الريح طاقة ذكورية تمارس الاتصال الهادئ، ويخترق المستور والمضموم واضطرت بعض الالهات في الشرق قفل المطلوب حماية من الريح.

عناصر نظرية الخيال الباشلارية

نصوص ميثم الحربي " لا شيء سوى الطريق " ايهامية منذ لحظتها النصية الاولى، وهذه الايهامية تضع الزمن بحضور قوي الى التعداد المميز له، لكنها ــ النصوص اختبارية، لأنها ذات طاقة رمزية ومثلما كتب لي الشاعر بإهدائه وجدت مفاتيحي الخاصة والسرية الخاتلة، والحائزة على صفة مجاز يطاوعني، واستل المخبوء الرمزي. ويبدأ التسلل التدريجي وراء الرموز، وازاحة القشور الخفيفة الكاشفة عن الاسطورة. او الاساطير الكبرى عن خفايا الطرق، التي لم تكن مثلما ارادت لها عنونة النصوص الاولى. و" طريق الريح والابواب " مشحون بصخب الابواب اللاعب وضجيج الريح، وما تحمله معها، وهي معاً تدل على مكشوفات النوع وثنائيتهما، وما ينشأ بين الاثنين علناً وسراً. وأنا واثق لأن الطريق هو العقل وكلاهما يدلان على بعضهما البعض. وهو امتحان الشاعر لقارئه الذي عليه ان يدرك النص الايقوني. هو استعارة / واسطورة. والمحرك الى جماليات الايقونات هذه هو الباب ــ ايضا ــ الفلسفي وكان الشاعر يعيدنا الى الطريق ويضع ابتكار الشعر فيه، ويصر على تجاور الشعر والفلسفة. ولاذ بما لديه من قوة لطريق باشلار، حيث هو الذي ابتكر العناصر المكونة الى نظرية الخيال الكبرى وبما انطوت عليه من رموز بدئية. وكميتها رامزة كبرى، وكأن طريق باشلار لم يكتف بالرموز البدئية، بل اقترح لها رمزاً كبيراً متعدداً، لكنه واحد ــ الاربعة ــ هي الماء / التراب / الشمس / الهواء. كل عنصر في نظرية الخيال هو بنية مولدة للمعنى وكاشفة عن التحولات المراد لها التقشيرات من اجل اتضاح الاسطورة بنصيتها او نويتها نص " طريق الريح والابواب " / للريح والابواب ترنيمة عن الظلال. للريح والابواب قبضة معبرة. الريح والابواب يملكان النهاية. للريح والابواب افق من الفخاخ. الريح والابواب: عندما تشيخ الندوب للريح والابواب: اسماء كثيرة. للريح والابواب: مكاننا الغريق بالمدائح " ص8//

صعد الشعر كله في مبتدأ النص الخاص.

« طريق للريح والابواب " وكأن الشاعر اراد اطلاق سردية الحلم الى الذي كان يحلم به كثيراً وطويلاً، ومثل هذه الاحلام مانحة للكائن طاقة، ليست كالطاقة التي كانت، بل هي غير معروفة، انها جديدة تضفي على الجسد توتره وتزيد ارتعاشته، والتي كان الحلم مكمنا لها. الرعشة تعني الريح والباب، الريح والابواب، اية رعشة تهز الابواب وتصعد الريح كي تخترق ما تريد الوصول اليه وتحتك بالبلل المتساقط من الريح، لحظة عبورها الباب الى الداخل شبيه نشيد الحياة السري، والمتكتم عليه، والمسكوت عنه لفترة طويلة، وبالتالي يتدفق البلل اللزج: الابواب تعيش حياتها عبر الريح او من خلالها، هي تعطي الريح معانيها ودلالاتها.

البلل دفق الريح ولزوجة الرغبة ومطروحاتها، الرغبة باعتبارها لحظة ومسافة بين حدين. فالحاجة معرفة بطبيعتها الشاقة قد تكون سبباً او أصلاً في الرغبة. والاشباع محدداً بالتلذذ قد يكون هدفاً للرغبة ونهاية لها. وإذا كانت اللذة هي الغاية العليا، كما تؤكد ذلك الاخلاق المتعية التي تسمى أيضاً بأخلاق اللذة، فإن الرغبة لن تظهر، حينئذ، إلا كوسيلة للحظة الانتقائية لمجرد أو آلية للانطلاق نحو تلك الغاية / روحي دادون / الرغبة والجسد / ت: محمد أسليم / مجلة علامات / العدد 4.

للريح والأبواب فكرة الصفير.

للريح والأبواب: ترنيمة عن الظلال:

للريح والأبواب: يملكان النهاية..

مثلما ألمحت الدراسات الخاصة بالجسد في الفنون الشرقية، وظف الشاعر قوة الريح في إيلاج الأبواب وما إشارة الصفير إلا إعلان للإدخال والتحول والابتهاج به.

وما مسرة الظلال وترنيماتها، إلا احتفاء بما تحقق من بلل الرغبة. إن تاريخ البشرية من أعمق تمظهراته هو تاريخ فعالية الجسد وإنجازاته، بما يرافقها من قيم دلالية / محمود ميري / الجسد في نصوص التراث / ن. م/ ص114.

إن رمزية ما تعنيه " الريح والأبواب: يملكان النهاية " الاحتفالية بامتلاك النهاية، احتفاظ بالخصوبة المجازية الممجدة في هذا النص، وكأن ميثم الحربي رسم من خلال نصه ومجازاته حدود طقوس الزواج البدئي الذي عرفته حضارات الشرق. ولم يكن مثل هذا الاهتمام ملفتاً للانتباه، لأن الشاعر عارف بما كرسته عقائد الديانات البدئية، وقداسات نظام الآلهة القديم وكان الزواج أحد عقائده. وكل شبكات الرموز، هي التي صاغت الانسان وبلورت الوجود بوصفه رباطاً أساسياً بين الرغبة واللغة كما قال جاك لاكان. إن تمجيد الخصب والانبعاث رد مضاد للإخصاء المعطل للحياة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram