متابعة/ د.نادية هناوي

تلبية للدعوة الكريمة التي وجهتها وزارة الثقافة الفلسطينية، شاركتُ في مؤتمر غسان كنفاني للرواية العربية الذي نظمته بالتعاون مع وزارة الثقافة الاردنية تحت شعار "فلسطين في الرواية العربية..

تحولات الرؤية والتشكيل" وللمدة من 14 ـ 16 شباط 2023 في العاصمة الاردنية عمان بمشاركة نوعية لأكثر من أربعين مفكرا وباحثا وروائيا من البلدان العربية كافة من المغرب وتونس والسودان ومصر وفلسطين وسوريا والاردن والبحرين والسعودية والكويت وعمان والعراق وإيطاليا. وافتتح المؤتمر بكلمة اللجنة المنظمة ورئيسها الناقد الدكتور إبراهيم السعافين.

وتضمن المؤتمر الذي استمر ثلاثة أيام جلسات نقدية وشهادات إبداعية. ففي اليوم الأول انعقدت ثلاث جلسات، كانت الجلسة الأولى بعنوان(فلسطين في أدب غسان كنفاني) وأدارها الدكتور محمد شاهين وفيها قدمتُ ورقتي النقدية(سردية الأرض في روايات غسان كنفاني) أكدت فيها أن الأرض عند كنفاني عنوان ومتن وهمّ فكري كبير، برع في توطيد أبعاده سرديا حتى غدت الأرض مركزية في رواياته وقصصه ومسرحياته وباتساع دلالي، فيه الأرض لا تتخصص بمكان جغرافي محدد ثم تطرقت الى ثلاثة تمفصلات لسردية الارض، هي التمفصل الوجودي والتمفصل الفكري والتمفصل الانثوي كما قدم في هذه الجلسة الباحث فخري صالح ورقة عن(تجربة غسان كنفاني القصصية) وفيها تحدث عن فلسطين بوصفها مجازا للعالم.

وفي الجلسة الثانية التي تمحورت حول(بنية الشخصيات الروائية: اللاجئ، المقاوم، المرأة، المثقف، اليهوديّ) شارك د. حسين حمودة من مصر ببحث عن تقاطعات اللقاء والطريق في رواية «رجال في الشمس» كما شارك د. سعد البازعي من السعودية ببحث عن الشتات في روايتين عربيتين. وتمحورت الجلسة الثالثة حول(صورة المكان: المدينة، القرية، المخيم، مدن الشتات..) وفيها شاركت د. أسماء خوالدية بورقة عن (أُلفةُ المكان ووِحْشَته في قصّ غسان كنفاني) اما د. نداء مشعل فقد كان بحثها عن شخصية (أبو الخيزران) في رواية (رجال في الشمس) وتناولته بوصفه بطلًا إشكاليًا.

وعقدت في اليوم الثاني ثلاث جلسات، تناولت الجلسة الاولى أوراقا بحثية حول(سؤال الهوية والمنفى) وقدم فيها الباحث صبحي حديدي من سوريا ورقته المعنونة(هوية الشكل ومنفى المحتوى في الرواية الفلسطينية المعاصرة) وفيها ركز على مفاهيم نقدية لها صلة بالرواية الفلسطينية من حيث الخصوصية والمعالجة والسرد، فيما ركز د. محمد السعودي من الاردن على صراع الهوية في رواية «عائد الى حيفا». ووصف الروائي إبراهيم نصر الله الرواية الفلسطينية بأنها تحتل حيزا مستقلا وخصوصية في الكتابة، ولم يبقَ أدب كنفاني عربياً فحين تُرجم إلى ما يزيد على 16 لغة، كان لنصوصه تأثيرها في غير العرب، أما الكاتب محمّد شاهين فقدم بداية المفارقة متسائلا: لماذا لم تدقّوا جدران الخزّان، الجملة التي دوت في نهاية رواية رجال في الشمس.

وتمحورت الجلسة الثانية حول (عوالم الدستوبيا واليوتوبيا) وأدارها الدكتور محمد عصفور وشاركت فيها د. رزان إبراهيم ود. نبيل حدّاد من الاردن الذي قدم شرحا عن دستوبيا الشخوص في رواية من قتل ليلى الحايك وحاول رصد الواقع من خلال شخصيات المقاومة. ودارت الجلسة الثالثة حول (جدلية العلاقة بين الإيديولوجي والفني؛ تكامل أم تضاد؟) وأدارها الدكتور شكري عزيز ماضي من فلسطين وقدم فيها د. سعيد يقطين من المغرب شرحا لجدلية العلاقة بين الايدولوجي والفني وكيفية تعالقهما داخل روايات غسان كنفاني. وقد ركزت د.مها عوض الله من فلسطين على خصوصية الرواية الفلسطينية من خلال عرض باسم خندقجي كنموذج للسردية الفلسطينية في السجون الصهيونية.

وشهد اليوم الثالث من فعاليات المؤتمر عقد ثلاث جلسات، الأولى تمحورت حول « فلسطين في المشهد الروائي الراهن: حضور أم غياب؟»، بادارة د. أماني سليمان من الاردن، وشارك فيها كل من الروائي حسن حميد من فلسطين بورقة عمل تحت عنوان "حال الرواية الفلسطينية وأحلامها"، فيما الناقد والأكاديمي زهير عبيدات من الاردن قدم بحثا عن" فلسطين في مشروع الدكتور إبراهيم السعافين الروائي" أما الروائي هاشم غرايبة من الاردن فكانت مشاركته تحت عنوان: «أبطال غسان كنفاني عن الشخصية الشعبية في رواياته"، والأديب المغيرة الهويدي من سوريا ركز على جوانب عدة من شخصية كنفاني.

وتمحورت الجلسة الثانية حول «الرواية الفلسطينية والترجمة، وادارها الناقد والباحث سعيد يقطين، وشارك فيها كل من المترجمة إيزابيللا كاميرا من ايطاليا ومما قالته في ورقتها المعنونة" تجربتي في ترجمة روايات غسان كنفاني": (ترجمت رواية رجال في الشمس وهي اول رواية عربية حديثة تترجم الى الايطالية عام 1984.. وقام بطبعها ناشر صغير في جنوب ايطاليا وسرعان ما نفذت النسخ في فترة قياسية.. ولا يمكن قراءة اعمال كنفاني بمعزل عن تاريخ فلسطين) اما المترجم والناقد محمد عصفور فتناول في بحثه موضوعة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى ومشكلاتها.

وكانت الجلسة الثالثة من اليوم نفسه بعنوان «فاعلية الذاكرة في الرواية الفلسطينية»، وادارها الكاتب والروائي هزاع البراري من الاردن، وشارك فيها كل من: الأديب والناقد حكمت النوايسة ببحثه المعنون «الرواية بين الأمانة الوطنية والأمانة الفنية"..مستعرضا عددا من النماذج التي بها عزز طرحه.

وانتهى المؤتمر بجلسة ختامية قرئت فيها توصيات المؤتمر، ومنها طباعة أعمال المؤتمر في كتاب لتخليد ذكرى غسان كنفاني والبحث في إمكانية طبع دفاتره جميعًا لتكون فاتحة لطباعة أعماله الكاملة. وضرورة توثيق الأدب الفلسطيني؛ بدءًا من أرشيف أدب الرواد من روائيين وكتّاب سير للسردية الفلسطينية الكبرى حتى الوقت الراهن، وطباعة ذلك الأرشيف ونشره في صيغ إلكترونية وورقية وصوتية متطورة مع العمل على إنشاء موقع إلكتروني تفاعلي مزود بمنصات للنشر والتفاعل بصيغ متعدّدة، من أجل إسماع الصوت الفلسطيني للعالم أجمع. وجعل هذا المؤتمر بداية لمؤتمرات عربية ودولية قادمة متسلسلة عن فلسطين في الرواية العربية. ومن التوصيات ايضا إيلاء العناية الكبيرة بالأدب الفلسطيني بإيصاله إلى العالم كلّه من خلال حركة ترجمة إلى كل اللغات الممكنة، وخصوصًا ما ينشر على المواقع الإلكترونية والمنصات التابعة لمشروع النشر المأمول.