إياد الصالحي
يواصل دوري كرة القدم الممتاز عرض أحداث مؤسِفة يتصدّر مشهد الضحيّة فيها حُكّام البطولة، بوصفهم الطرف الأضعف في حلقة تنظيم المباراة، حسب تعبير الجمهور المُتعصّب الذي غالباً ما يُفجّر غضبه بإتهام حَمَلَة الصفّارة والراية بخيانة أمانة المهنة، كرد فعل لهزائم فرقهم أو حرمانها من نُقطة التعادل، مثلما وثقَّتْ كاميرات البرامج الرياضيّة أكثر من حادثة خاصّة في شهر شباط الحالي!
لجنة الانضباط في اتحاد كرة القدم عاقبت أندية وإداريين ومدرّبين ولاعبين بسبب خرقهم مواد لائحتها، وتشويههم سُمعة المسابقة بتصرّفات مُخجلة لا تنمُّ عن تمثيلهم الرسمي في الدوري، ورافق ذلك ضرراً كبيراً لبعض الحُكّام الذين أداروا مباريات فريقي القوة الجويّة ونفط البصرة في ملعب الشعب الدولي، وفريقي كربلاء ودهوك في ملعب الأوّل، وفريقي القاسم والشرطة في الملعب ذاته، وفريقي الطلبة وزاخو في ملعب الشعب، ولم نسمع أي رد فعل للجنة الحُكّام برئاسة د.نجاح رحم!
إن كانت إدارات الأندية وبعض لاعبيها ومدرّبيها مُتّهمة في زعزعة استقرار دوري كرة القدم المؤمّل أن ينتقل الى دوري المحترفين بنسخة استثنائيّة حسب مقترحات لجنة المسابقة ونُظُم الاتحادين الآسيوي والدولي التي يُراد تطبيقها في الموسم المقبل، فماذا عن تقييم الحُكّام الذين يتعرّضون الى صرخات الاستهجان من قبل الجماهير، هل هُم مظلومون أم يستحقّون بالفعل العِقاب المهني بمنعهم من التكليف ثم مناقشتهم من قبل لجنة الحُكّام أثناء عرض الحالات التحكيميّة الصائبة والخاطئة التي يُثار حولها الجدل ، وبيان آرائهم فيها؟ ما أسباب عدم تطبيق القانون خاصّة بعض الحُكّام الذين أمضوا سنوات ليست قليلة في مهام تحكيم الدوري؟!
المعلومات المتيسّرة لنا أن لجنة الحُكّام التي نكنُّ لاسماء قادتها كلّ الاحترام بعيدة عن الحُكّام أنفسهم ولا يوجد تقييم فعلي يمنع تكرار الأخطاء، حتى أن رئيس اللجنة د.نجاح رحم غير متفرّغ لمهمّته وهو محقٌّ كونه قدّم استقالة صريحة لرئيس الاتحاد عدنان درجال الذي رفضها وتمسّك بخدماتهِ على حساب عدم تنظيم شؤون اللجنة بالصورة المطلوبة مثلما حدّثنا أكثر من خبير في شؤون التحكيم أبتعدَ عن العمل حالياً لأسباب مختلفة لا يمكن كشفها بالإنابة عنهم!
مَنْ يُدير لجنة الحُكّام منذ فترة طويلة ثلاثة فقط هُم (محمد كاظم عرب يقيم في محافظة واسط، وأحمد عبدالحسين في محافظة النجف، وأرسلان قادر في محافظة أربيل) ولا يُعرَف مَن يُقيم في مقرّ لجنة الحكام (بيتهم الكبير) ببغداد؟ علماً أن الثلاثة يمتلكون خبرة تصريف شؤون لجنتهم بكفاءة عالية، لكنهم ليسوا من أبناء العاصمة كي يسمح لهم الوقت ببذل جهود مضاعفة لإصلاح العمل، ويفترض تواجدهم الدائم أو اختيار بدائل لهم حسب الضوابط لتصحيح مسار اللجنة بما يتّفق مع طموحات المعنيين بتطوير اللعبة وقُضاة ملاعبها.
يفترض أن يكون رئيس اللجنة وأمين السرّ من المُقيمين في العاصمة بغداد ليتسنّى له التحرّك من دون قيود عائليّة في متابعة كُلّ شؤون لجنته والتواصل بشكل يومي مع متطلّبات تذليل مشاكلها لئلا تتراكم وتنعكس سلبيّاً على أداء الحُكّام في مهام دوري كرة القدم الممتاز وبقيّة درجات مسابقات اللعبة خلال الموسم.
في قلب هذه الصورة الضبابيّة التي يراها الكثير عن لجنة الحُكّام وخاصّة زملاءهم المُبعدين لأسباب مجهولة، نتساءَل ما سبب ابتعاد اسماء قديرة مثل حازم حسين وسمير مهنا إذا ما علمنا أن زميلهم د.صباح قاسم منشغل في مهمّته الأكاديميّة؟
الدولي السابق حازم حسين "على سبيل المثال" استقال من عمل اللجنة عام 2022 لرفضه التدخّل في شؤون التحكيم من أي طرف مهما كانت مسؤوليّته أو صلاحيّته - حسب معلومات مُقرَّبة من الرجل -، وله كُلّ الحقّ، فاحترام التخصّص من أساسيّات نجاح واستقرار أي مفصل في اتحاد كرة القدم، وما واجهته اللجنة طوال الأعوام السابقة التي تلت التغيير السياسي في البلد كان بسبب فوضى قبول التعليمات تارة من رئيس الاتحاد وتارة أخرى من نائبيه، وأحياناً تُنْسَفْ بسبب تمرُّد داخل اللجنة كالذي أدّى الى خروج أكثر من 20 حكماً في تظاهرة تحت نُصب الحريّة عام 2015 يطالبون بإبعاد الراحل طارق أحمد عن موقعه!
نأمل أن يكونَ لاتحاد كرة القدم موقفٌ واضحٌ تجاه لجنة الحُكّام كونها مفتاح نجاح عمله، وفي الوقت نفسه فشله إذا ما تسبّبت قرارات أحّد الحُكّام بأحداث شغب في مباراة ما يُصاحبها خرق أمن الملعب ندفع ثمنه بخسائر بشريّة وماديّة لا سمح الله، عندها لا مناص أمام درجال وأعضاء تنفيذيّة الاتحاد سوى تحمّل المسؤوليّة بإخلاء مقاعدهم لإهمالهم الأخطاء الصغيرة وتهميش التحذيرات عن تداعيات خطيرة!