سلمان النقاشبرزت الديمقراطية كنظام حكم ضروري في المجتمعات التي مرت بمراحل تطور والتي مثلت انظمتها تناقضا وعائقا امام التحولات التي فرضتها الحركة الاجتماعية المرافقة للتطور الفكري الذي انتج الاكتشافات العلمية اذ دخلت في عملية انتاج الحاجات الضرورية للانسان وتلبية خدماته،
وتحولت تبعا لهذا مكونات المجتمع منذ ذلك الحين في تصنيفها تبعا لمصالحها والقدرة على تثبيت هذه المصالح من خلال التنافس على المشاركة في السلطة السياسية التي بيدها القدرة على المحافظة على تلك المصالح والترويج الى ثقافة بامكانها توسيع القاعدة الجماهيرية الساندة لامكانية هذه الحماية وبعبارة اوضح ان خيار الديمقراطية استند بالاساس على التطور التقني لسوق العمل وعلى ارادة المجتمع.. الهدف من هذه المقدمة هو لتقريب صورة الذي جرى في العراق وخصوصا بعد نيسان عام 2003 الذي حدد الرأي الجماهيري فيه على مكونات ثقافية موروثة وفق مصالح حددت قبل الثورة العلمية والصناعية التي افرزت او التي حتمت الطريق الديمقراطي الذي سلكته المجتمعات وفق تطورها التراتبي والذي اوصلها الى صورة مجتمع متمنى ويطمح لبلوغه الانسان اينما وجد على الارض مهما كان مستوى تحضره.. ففي هذه المجتمعات اليوم يبرز الانسان كقيمة عليا من خلال الضمانات الاجتماعية والصحية والثقافية والسياسية.. وعلى ركام التخلف الاقتصادي والبيئي والاجتماعي والمعرفي والسياسي والعلمي والصناعي و.... و... و... ادخلت علينا ادوات الديمقراطية لتكون خيارا وحيدا لشكل النظام الذي ينبغي ان يدار به الشأن العام ولم يأت هذا كمعطى ثورى قادته طليعة سياسية محددة ووجدت فيه الخلاص انما اقر الخيار الديمقراطي نتيجة سقوط نظام البعث نتيجة تدخل عسكري حظي ولو بالشكل على تأييد المجتمع الدولي وفق قرار مجلس الامن 1483.. مما اعطى للتشكيلات السياسية التي ظهرت بعد التغيير صفة التمثيل لمكونات عراقية صنفت على اساس طائفي وديني وقومي وهذا ما تأكد بشكل مجلس الحكم الذي صنف شخصيات سياسية معروفة بابتعادها عن النهج الديني على انهم ينتمون الى هذه المكونات.. ولان الصراع لم يدرك التناقض المؤدي الى ازالته والعبور الى استثمار المتاح المطور.. ولان التشكيلات السياسية كانت تهم بالحصول على مساحة اوسع ضمن التقسيمات المطروحة.. اخذ الصراع شكله الثقافي بتصعيد المحتوى التراثي المنغرس تماما في مزاج الجماهير وتصاعد المد المحرض والضروري للتشكيلات السياسية لتثبيت اقدامها في قاعدة انطلاق السياسة.. وهذا ادى كما هو معروف الى تصادم عنيف اشعلت فتائله الصراعات بين القوى المتنافسة اقليميا ودوليا ليتحول العراق الى ساحة لتثبيت صحة المنطلقات الفكرية والثقافية للجماعات المتطرفة وكذلك لافشال المشروع الامريكي الذي اعلن على لسان كوندليزا رايس وزيرة خارجية بوش الابن حين اعلنت عن ستراتيجية الشرق الاوسط الكبير التي من خلالها تولت الولايات المتحدة الامريكية اعلان الحرب على الارهاب ونشر الديمقراطية في العالم والذي فسره بوش الابن على ان هذه المجتمعات وما عانته من انظمتها الديكتاتورية مولدة خطرة ومصدرة للارهاب الى مجتمعاتنا اي المجتمعات الغربية.. وفسره بعض المحللين انه يمكن ادخال المبادئ والادوات الديمقراطية الى هذه البلدان دون الحاجة للانتظار من هذه المجتمعات الى المرور بالمرحلة الصناعية والثقافية الضرورية لوجودها ذلك لان الانسانية اليوم تمكنت من تعميم قوانين اخذت صفة العالمية كاعلان حقوق الانسان والقرارات الدولية الملزمة لجميع الامم اضافة الى التطور الهائل في وسائل الاتصال ونقل المعلومات.. اي ان الحياة متجهة تماما الى ان تدار بواسطة قانون دولي واحد ويعني هذا ان المجتمعات الداخلة اليها ادوات الديمقراطية كاجراءات حكم ستتمكن من تطبيقها وان تعرضت الى فوضى اطلق عليها الفوضى الخلاقة.. اذن كانت الديمقراطية ليست خيارا انما خارطة طريق على جميع المكونات السياسية وحسب مرجعياتها الاقليمية والدولية وقليل من المحلية الانصياع لها.. ولو ترك خيار السلطة لاحد اللاعبين السياسيين على الساحة لحسم الامر له ولم يعد بحاجة الى هذه الفوضى.. اذن الفوضى كانت تمثل نتيجة وليست اسلوبا وهذا يمثل جزء من الصراع هدفه الاساس هو تحميل الفشل الى جزء من الظاهرة.. فالفساد مثلا هو نتيجة طبيعية لبلد يخوض مرحلة انتقالية لا يمكن لاحد اللاعبين ازاحة الاخر مهما كانت امكانياته.. والغريب في الامر ان الصراع بدا ويبدو على انه بين التشريعات القانونية والدستورية الجديدة وبين الثقافة الموروثة منذ مئات السنين. في اعتقادي ان الخلل في تلكوء اعادة بناء القاعدة الاساسية لبناء الدولة لا تجعل من حكومة المالكي تتصف او تقيم بالفشل.. اذا ما قدرت الامور على النيات الداعية للبناء، الجميع قد ساهم وبشكل فعال الى وصول الفوضى الى مداها الاوسع وخصوصا في عام 2006.. وعلى الجميع ان يعترف ان المالكي تمكن ان يقود وزارة غير منسجمة وان مجلسها لا يكترث كثيرا لارادته بل لارادات الحصص التي كونته..واليوم تتجه العملية السياسية بعد انتخابات اذار 2010 الى عقدة اشتباكها الحتمية، لتضع العاملين عليها امام تحد يحدد قدرتهم وجديتهم في رسم ملامح تكوين ال
عقــدة الاشتباك السياســـي الحتميــة
نشر في: 30 يوليو, 2010: 06:42 م