إيمان محسن جاسمفي الكثير من الأدبيات العربية نجد ما يوحي بإعطاء دور كبير للمرأة التي تشكل نصف المجتمع ونجد هيئات ومنظمات عديدة تهتم في شأن المرأة ودورها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ولكننا من خلال قراءة واقعية للمجتمع العربي ومنه المجتمع العراقي نجد إنه يطغى عليها النظام الأبوي
الذي يقوم على سيطرة الرجال ودورهم الرئيس وعلى احتكارهم للفضاءات العامة والمسؤوليات في مراكز اتخاذ القرار وعلى دونية النساء وعدم الاعتراف لهن بروح المبادرة وبإمكانية تولّي المناصب السياسية. و يرتكز هذا النظام الأبوي على تقسيم جنسي للأدوار بحيث ينحصر دور النساء في الأعمال المنزلية والوظائف التقليدية النسائية بينما يتولى الرجال القيام بكلّ الوظائف الاجتماعية والسياسية بدون استثناء. وتمثل المنظومة التربوية تكريسا لهذا النظام الأبوي عن طريق البرامج التعليميّة المعمول بها والقائمة على الفصل بين العام والخاص في إطاره التقليدي الذي ينتج صورا نمطية للنساء والرجال.ويتجسد هذا الفصل في إقصاء النساء وحتى تغييبهن من مراكز أخذ القرار سواء كان ذلك على مستوى الوظائف السياسية البحتة أو الوظائف السياسية ويمكن أن يكون هذا بسبب الموروث الثقافي والاجتماعي المترسخ في التقاليد السائدة. أمّا السبب السياسي، فيتمثل في غياب التقاليد الديمقراطية في العديد من الدول العربية سواء كانت الأنظمة ملكية أو جمهورية وكذلك غياب التقاليد الديمقراطية وقلة اهتمام المواطنين والمواطنات بالشأن السياسي بصفة عامة رغم الإقرار بالحقوق السياسية فإن ممارسة هذه الحقوق في معظم الدول تتعرض إلى معوقات جوهرية راجعة إلى نظام الأحزاب السياسية في بعض الدول وإلى سيطرة القبيلة أو إلى نظام الطوائف في دول أخرى. بالنسبة إلى نظام الأحزاب السياسية، فرغم التعدّدية الحزبية المصرّح بها في معظم الدول العربية، تبقى الحالة السائدة هي نظام الحزب المهيمن أو السائد ولا تشارك في الانتخابات إلاّ الأحزاب المعترف بها قانونيا وسياسيا باعتبارها أحزابا قريبة من الحزب الحاكم تقوم بمعارضة صورية وتخدم أكثر سياسة الحزب الحاكم عوض أن تنتصب كحزب منافس له. وفي هذا الوضع تكون الحالة السائدة هي قلة مشاركة المواطنات والمواطنين في العمل السياسي وعدم اهتمامهم بل إمساكهم عن التصويت في الانتخابات طالما انها ستأتي بذات النتائج السابقة وهي تكريس نظام الحزب الواحد ويمكن أن نستثني من ذلك بصورة واضحة العراق وتجربته الديمقراطية التي تسير بخطى ثابتة وحثيثة وكذلك التجربة اللبنانية رغم بعض تعقيداتها.أمّا بالنسبة إلى النظام القبلي أو العشائري، فهو نظام يؤسس بدرجة أولى على الانتماء إلى القبيلة أو العشيرة ويحكم حسب تقاليد قبلية خاصة.في هذا النظام يقدم المرشـح أو يشارك في الانتخابات بوصفه ممثلا للقبيلة بالأساس وليس كفرد في المجتمع أي مواطن وبالتالي يتم تغييب العنصر النسوي من المشاركة في صنع القرار من هنا نجد إن نظرة المجتمع للنساء اللواتي يتحملن مسؤوليات سياسية هي نظرة سلبية وغير مشجعة للاهتمام بالشأن السياسي، فالمجتمع يحمّل النساء السياسيات مسؤولية الأزمات العائلية أو الطلاق أو الأزمات الاجتماعية مثل تدهور الأخلاق وتفاقم العنف والإجرام وحتى في حالة الاعتراف بدورهن في المجال السياسي غالبا ما تسند لهن وظائف أو مهام سياسية مرتبطة بنسويتهن مثل الوظائف الاجتماعية والعائلية في الحكومات ولم نشهد حتى الآن مسؤولات عربيات في وزارات الدفاع أو الداخلية أو العدل أو الخارجية ونجدهن في العراق قد تسنمن مواقع في وزارة مثل المرأة وحقوق الإنسان وغيرها من الوزارات البعيدة عن التخطيط والتمنية والسياسة. وهذا ناجم بطبيعة الحال عن أسباب عديدة تتعلق بالمرأة ذاتها ومنها ارتفاع نسبة الأمية النسائية في العالم العربي رغم إلزامية التعليم ومجانيته في بعض البلدان. أمّا السبب الثاني فهو يرجع إلى وجود ظاهرة عند النساء العربيات وتتمثل في قلة وعيهن بحقوقهن وبضرورة معرفة هذه الحقوق للتمتع بها وللنهوض بأوضاعهن القانونية. كلّ هذه الأسباب المختلفة والمتعدّدة تقف حاجزا أمام مشاركة النساء في العمل السياسي وأمام ممارسة حقوقهن السياسية وبصفة عامة أمام كلّ عمل يهدف إلى تحقيق الديمقراطية والمساواة. لذا أصبح من الضروري التفكير في تفعيل هذه المشاركة بوسائل معرفية وتحسيسية وتوعوية. ومن بين الآليات التي فكرنا في إعدادها ظهرت الحاجة إلى إعداد دليل لتعريف النساء بحقوقهن وتحسيسهن بضرورة التمتع بها والدفاع عنها وحمايتها وكذلك لتوعيتهن بضرورة اكتساح الفضاءات العامة والمشاركة في العمل السياسي خاصة ان البرلمان العراقي تمثل النساء فيه 25% وهذا الحق كفله لهن الدستور العراقي ويجب إعطاء دور كبير ومهم للمرأة العراقية.
الواقـــع السياســي للمــرأة
نشر في: 30 يوليو, 2010: 06:43 م