عبدالله السكوتي يحكى ان عبد الملك بن مروان ارق في ليلة من الليالي فاستدعى من يحدثه، فكان مما قيل له: كان بالموصل بومة، وبالبصرة بومة، فخطبت بومة الموصل من بومة البصرة ابنتها لابنها، فقالت بومة البصرة: لا افعل ان لم تجعلي لي صداقها مئة مدينة خراب،
فقالت بومة الموصل: لا اقدر على ذلك الان ولكن ان دام حكم والينا، سلمه الله سنة واحدة فعلت، قال فانتبه عبد الملك ونظر في مظالم الناس وانصفهم. اما نحن فقد ابتلانا من ابتلانا ببومة من نوع خاص هي بومة القاعدة وهي تدعو ليل نهار ان تبقى السجالات السياسية قائمة على قدم وساق، ومهما تأخر تشكيل الحكومة، فان بومة القاعدة تمعن بالخراب اكثر واكثر، وهذه المرة وجدت ان الاعلام الحر غير المقيد بقيود الدول، هو غايتها، ولذا ضربت مكتب قناة العربية التي عرت القاعدة امام الرأي العام وفي برنامج جريء هو (صناعة الموت)، والذي عد القاعدة صانعة الموت الاولى، فهي تقتل على المعتقد وتتهم بالزندقة من تشاء، وتقتل الحلاق لانه يغير خلق الله، وتقتل طبيب التجميل، وتقتل المهندس لانه يبني برجاً كما بنى النمرود، وهذه البومة نتركها هي وما تعتقد، ان كانت بلا تأثير، لكنها تختفي فترة وتظهر اخرى، والمتتبع للاعلام يجد انه تخندق باتجاه فضح ممارسات القاعدة الاجرامية، ولذا هذه المرة اعلنت في بيان لتنظيم مايسمى بدولة العراق الاسلامية عن مسؤوليتها عن التفجير الارهابي الذي استهدف قناة العربية الاثنين الماضي والذي اسفر عن استشهاد اربعة اشخاص وجرح 11 آخرين، وهدد البيان انه لن يتردد في استهداف اية جهة او مؤسسة اعلامية، او ملاحقة عناصرها حيثما كانوا، ووصف البيان الرأي الحر المعبر الذي تبنته قناة العربية بمهنية منقطعة النظير انه اداة لحرب الله ورسوله وتشويه الاسلام، وهذه الحجة الواهية المتخذة من قبل القاعدة للاسراف في قتل الناس ترينا ان حركة هذا التنظيم في العراق تتناسب عكسيا مع استقرار الحالة السياسية في العراق، والجو الامني لمحيط العراق على اعتبار قاعدة تصدير الازمات، لا نناقش القاعدة في تشددها وتبنيها للاسلام فنحن نعرف اكثر من غيرنا ان الاسلام منها براء وهي بريئة منه ايضا، وماهي الا بومة تصطاد في مناطق الضعف والتراجع، وتبحث عن مناطق الوهن لتصف اعمالها الاجرامية بأنها جهادية، وهذه ايضا لانناقشها لانها بعيدة عن حقيقة مايجري، فهي اداة بيد من يدفع اكثر، وتظهر في المجتمعات المتخلفة التي تفتقر الى المؤسسات الامنية الرصينة، وهذا يذكرني بالتخلف الذي كنا نحياه في الستينيات، حيث تكثر المستنقعات حول الصرائف وبيوت الطين، والضفادع تنق ليل نهار، ولكن الناس يتكلمون حين يهطل المطر وانتشار الضفادع لتصل البيوت ، فلايكاد يخلو بيت من ضفدعتين او ثلاث، (الدنيا مطرت عكروك)، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الان لم تمطر الدنيا (عكروك) ، فما كان ذلك الانتشار الغريب للضفادع ، والصحيح ان هذا من ذاك فالقاعدة ميكروب للمجتمعات تنتشر في الاماكن الرطبة والمظلمة، وتستهدف من يستطيع التأثير عليها بقول او فعل، وهي حاليا تؤمن وتعلم علم اليقين ان صناعة الموت، قد اعطى للناس صورة حقيقية عن هذه البومة التي تنذر بالموت والفناء والخراب، وتتحرك باشارات خارجية لم تعد خافية على احد مستغلة الوضع الامني والسياسي والمتغيرات الاقليمية كالتهديدات، التي تخرج من هناك او من هناك، لاثارة ازمة امنية في مكان تستطيع فيه ان تدعي انها من انصار الله، كما فعل سلفنا واباطرته حين كانوا يتخلصون من خصومهم السياسيين بشتى الذرائع، فهذا زنديق وذاك من اتباع ماني والاخر خارجي، وكلها حجج. وهذه بومة القاعدة قد اعطت وعداً وعهداً لبومة اخرى في مكان آخر، انها ستعطي العراق ومدنه خراباً مهراً للزواج المشؤوم، لتبقى الاجواء الملبدة مناخاً جيداً لحياة صناعة القاعدة للموت.
هواء فـي شبك ..(بومة القاعدة)
نشر في: 30 يوليو, 2010: 08:21 م