TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > ديالى الهوية السياسية الضائعة و ازدواجية المرجعيات السياسية

ديالى الهوية السياسية الضائعة و ازدواجية المرجعيات السياسية

نشر في: 28 فبراير, 2023: 11:36 م

د.حيدر الجوراني

للحَديث عن ديالى في المَشهد السياسي العراقي خُصوصية تختلف عن باقي المحافظات العراقية، لا لإنها تقع ضمن ستراتيجية خاصة للأمن القومي الإيراني فَحسب، ولا لإنها الطريق إلى البحر كما يصفها تقرير صحيفة النيويورك تايمزعام 2017، فالملف أعقد بكثير.

لتَشكيل فهم أوسع لملف ديالى السياسي و الأمني، لابدَ من إدراك أن الأُطر الفلسفية لنظام ما بعد 2003 تجد فضاءاتها الطائفية في ديالى تحديداً، ذلك لأنها الجامعة الوَحيدة لذلك التنوع الذي تُبنى عليه الَهويات الثانوية للفواعل السياسية في المشهد السياسي على خلاف باقي المحافظات العراقية التي قد يَكون التمايز الإثني والعراقي فيها متجانس أو غير متمايز بالقدر الذي يسبب إختلالات في التوازن السياسي بسبب ذلك التمايز لأدنى طارىء سياسي أو أمني.

كما أن الذاكرة السياسية والجمعية لمُجتمع ديالى هي ذاكرة صَدمية مَلئية بتجارب الصراع المسلح الذي ألقى بِضلاله بشدة على ديالى وبساتينها في سنوات هيمنت فيها الجماعات الإرهابية و التي بدورها هيأت لمُعادلها المليشياوي المَوضُوعي مَع غياب وضعف دور الدولة و القانون.

فجميع الفواعل السياسية تُرتب أوراقها في ديالى ولا يُوجد فاعل واحد خال من إهتمام سياسي و حضور فيها. لذلك إنعكست حالة التَشظي السياسي الهوياتي بعد عام 2019 على ديالى بشكل أكبر لسبيين:

الأول: نتيجة التشظي لقوى الإسلام السياسي السني – الشيعي بشكل عام في العراق.

الثاني: التِيه المرجعياتي و المتمثل بِوَهم "عقدة سايكوسياسية بعنوان المُكون – الزعيم" التي تصاحب الفاعل " الإسلام السياسي السُني " في محافظات من ذات الطيف كالغربية و الموصل بإعتبارها معادلاً موضُوعياً لتوازنات تقليدية في جسد النظام السياسي، الأمر الذي يسبب حرجاً لنواب ديالى " من يدعون تمثيل مكوناً سُنياً " على عكس نظرائهم من باقي الكتل لكون مرجعياتهم السياسية واضحة الشخوص والمعالم.

ما يزيد الأمر تَعقيداً هو إلتقاء حالتي التَشظي لكلا الفاعلين السُني و الشيعي ولا تجد له إنعكاسات إلا في ديالى. و هذا ما يَتضح في أشكال الإضطرابات السياسية التي تنعكس بالضرورة على الملف الأمني بين فترة وأخرى والتي تصبح في بعض الأحيان ورقة للتفاوض و التخادم السياسي.

ما تفتقده ديالى هو هَوية سياسية تُترجم طبيعتها المُركبة، هوية " التعايش السياسي" غير المأسور لأرباب متفرقة في باقي المحافظات، أما الأحداث الأخيرة فمن الصَعب التَكهن بإنها خاتمة الأحزان من دون خطوات عَملية يتخدها نواب ديالى كفعل سياسي لوأد الإستثمار السياسي الطائفي هو إقحام بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق " يونامي " سيما و أنَ بلاسخارت بَزغ لها دوراً أساسياً في ترتيب الأوراق السياسية للنظام بعد حركة الإحتجاج.

و السؤال هو هل سَيتمكن نواب ديالى من دعوتها و طلب حضورها إلى ديالى لإعادة النظر في ملفها السياسي والأمني كما هو أحد واجبات البعثة ورئيستها كتفويض أممي؟

و الأمر الآخر المفقود هو إستثمار وجود يونامي في جعل ديالى منطقة " منزوعة السلاح الخارج عن سيطرة الدولة " من خلال برنامج حفظ السلام الذي يتضمن عمليات إجتثاث العسكرة والتعبئة و إعادة الإندماج Disarmament, Demobilization, and Reintgration والذي هو أحد مهام بعثة يونامي في العراق بحسب الموقع الرسمي لعمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة.

ترى هل ستجرأ الفواعل السياسي في ديالى لخطوات مثل هذه في ظل غياب هوية ديالى كتعايش سياسي مفقود؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

في طبيعة المجتمع المدني في الدولة الديمقراطية ومهامه

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

 علي حسين إذن، وبوضوحٍ شديدٍ، ومن غير لفٍّ أو دوران، لا تنتظروا إصلاحات ديمقراطية ولا حلاً للأزمات السياسية التي ما أن تنتهي واحدة حتى تحاصرنا واحدة جديدة ، ولا تطمئنوا لأن الإعلام يزعج...
علي حسين

قناطر: السَّرّاجي: القرية والنهر والجسر

طالب عبد العزيز " ثمة قليل من الاغريق في سان بطرسبورغ "جوزيف برودسكيكثيراً ما أسأل نفسي: أيمكن أنْ يكون الشاعر مؤرخاً، أو كاتباً لسيرة مدينته؟ فأجيبُ: أنْ نعمْ. ولعلي الى الثانية أقربَ، فأنا ممسوس...
طالب عبد العزيز

في طبيعة المجتمع المدني في الدولة الديمقراطية ومهامه

د. فالح الحمـراني تطرح قضية تفعيل المجتمع المدني في العراق اليوم نفسها بصورة حادة، لا سيما على خلفية تقصير المؤسسات المنتخبة وأجهزة الدولة في أداء دورها المطلوب حتى في إطار القوانين المتعارف عليها في...
د. فالح الحمراني

الاقتصاد الهندي من التخلف إلى القوة الاقتصادية

موهيت أناند ترجمة: عدوية الهلالي منذ أن بدأت الإصلاحات الاقتصادية في عام 1991، عندما تخلت عن نموذجها الاقتصادي الحمائي والاشتراكي، أصبحت الهند ثالث أكبر اقتصاد (بعد الصين والولايات المتحدة) من حيث الناتج المحلي الإجمالي.،...
موهيت أناند
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram