 بغداد / المدى

تعاود الهيئة العامة للجنة الأولمبيّة الوطنيّة، الاجتماع يوم السبت 11 آذار الحالي، في مؤتمر الانتخاب التكميلي للمكتب التنفيذي للجنة، تسبقهُ عاصفة من الجدل حول " تضارب المصالح" وذلك لوجود مرشّحين لديهم مواقع معروفة في الاتحادات الرياضيّة، الأمر الذي يُعارض مضمون المادة 33 في قانون الاتحادات رقم 24 لسنة 2021، ومن المؤمّل أن تتضح وقائع جديدة عن الموضوع خلال الساعات القادمة من خلال مخاطبات وزارة الشباب والرياضة للجهات المعنيّة.

الخبير الرياضي د.حسين الربيعي استَقْرَأَ للمدى حقيقة الحِراك الانتخابي المحموم لمرشّحي مناصب الأولمبيّة، وبيَّنَ معالِم خرق المادة 33 والخطأ الذي ارتكبهُ المُشرِّع فيها.

إزدواجيّة المناصب

يختلط ترقّب الوسط الرياضي لانتخابات الأولمبيّة السبت المقبل، بشكوك حول عدم شرعيّة ( إزدواجيّة المناصب ) خصوصاً بين المتنافسين على منصب نائب رئيس اللجنة الأولمبيّة، إذ أن أحّدهم رئيس اتحاد الفروسية والآخر رئيس اتحاد السباحة وثالثهم رئيس اتحاد الجودو، ويزداد هذا الغموض بعدم الأفصاح والشفافيّة والتوضيح من قبل اللجنة الأولمبية في التواصل مع الوسط الرياضي والإعلامي.

تحليلنا واستنتاجنا لمثل هذه الحالة يعتمد على مبادىء الحوكمة والقوانين الرياضيّة، إذ يعلم الجميع أن قانون الاتحادات الرياضيّة رقم 24 لسنة 2021 منع الجمع في المادّة 33 منه ( بين عضوية الهيئة التنفيذيّة للاتحاد وعضوية أي هيئة رياضيّة أخرى) وهذا يعني بالبساطة المألوفة ( عدم جواز الجمع بين العمل في النادي والاتحاد والأولمبية).

خطأ فادح

إن عموميّة هذه المادّة، وعدم التركيز في صياغتها، جعلها عُرضة للخرق بشتى الوسائل، علاوة على الخطأ الفادح الذي وقعتْ فيه! فعدم الدقّة في بعض الأحيان يقود الى الخطأ.

من معالم خرق جوهر هذه المادة، هو أن البعض وضع نفسه أميناً ماليّاً أو أميناً عامّاً في النادي، إضافة الى رئاسته أو عضويته في اتحاد رياضي أو العكس، مُعلّلاً ذلك بأن منصب الأمين المالي أو الأمين العام ليس عضو هيئة رياضيّة، ويعتقد أنه لم يخالف القانون!

كذلك فإن المادة لم تعالج " أزدواجية المناصب أو المهام داخل الهيئة الواحدة " فلا يوجد ما يمنع عضو الهيئة في النادي أو الاتحاد من العمل فيه أو في إحدى لجانه ( بأجر أو دونه) فازدادت ضبابيّة المادّة، وأفرغتْ من محتواها، وضاع هدفها خصوصاً بغياب النُظم الأساسية والداخليّة واللوائح والتعليمات التي غالباً ما تصدرها الجهات المعنيّة لتسهيل تنفيذ القانون ومنع خرقه والتجاوز عليه.

المادة 33 من قانون 24 لسنة 2021 ونصّها ( لا يجوز الجمع بين عضويّة الهيئة التنفيذيّة للاتحاد وعضويّة أي هيئة رياضيّة أخرى ) نصفها صحيح ونصفها الآخر خطأ، فهي صحيحة جداً قدر تعلّقها بعدم جواز الجمع بين عضوية النادي وعضوية الاتحاد بسبب تضارب المصالح الصارخ الذي يحدث بين المنظومتين، لذلك يستقيل من العمل في النادي من يريد العمل في الاتحاد.

مرجعيّة الأندية

وكذلك هي أيضاً صحيحة جداً فيما يتعلّق بعدم جواز الجمع بين عضوية النادي، وعضوية اللجنة الأولمبية والعمل فيها، على الرغم من عدم دقّة الاشارة الى حالة الجمع هذه لسبب بسيط أن مرجعيّة الأندية عادة ما تكون اللجنة الأولمبيّة فمن غير المعقول أن يعمل المرشّح في الاتحاد ويعمل أيضاً في مرجعيّة هذا الاتحاد في آن واحد بسبب مبدأ تضارب المصالح.

أما في حالة الجمع بين عضويّة اتحاد وعضوية اللجنة الأولمبيّة فهي حالة طبيعيّة وصحيحة، وهنا أرتكب مشرّع المادة 33 الخطأ الفادح بخرق المنطق ومبادىء الحوكمة والميثاق الأولمبي، لأن اللجنة الأولمبيّة هي بمثابة تجمّع للاتحادات الرياضيّة لتنسيق عملها وفعّالياتها لإدارة شؤون الحركة الرياضيّة في البلد، فإن تخلّى عضو اللجنة الأولمبيّة عن تمثيله لاتحاده فما هي صفة وجوده في المكتب التنفيذي أو في الجمعيّة العموميّة؟!

حالة الانفصام

وقد يقول أحّدهم أن الأعضاء المرشّحين إن اختاروا جميعاً الاتحادات ولم يرشّحوا للجنة الأولمبيّة، فأنهم يأتون بمن يمثّلهم في الأولمبيّة بشخص آخر من الهيئة العامة للاتحاد، وهذا خطأ آخر لأن الهيئة العامة للاتحاد هي كيانات (أندية) وليست أشخاصاً يعني سنقع في نفس الخطأ السابق ( مندوب عن نادٍ، عضو في هيئة عامة لاتحاد يمثل الاتحاد في الأولمبيّة) فإن وجبت استقالته من النادي فحالة الانفصام بين الأندية والاتحادات والاولمبية ستقع لا محال! وهذا هو الخلل الأكبر في المادة 33 مقارنة بما جاء في الميثاق الأولمبي لسنة 2021 في المادة 28 الصفحة 63.

لن نجد في مخالفة المادة 33 أمر طبيعي جداً خصوصاً وإن المخالفة معضّدة بالمادة 32 عندما تكون الأولويّة للأنظمة الدوليّة عند التعارض مع القانون، لكن السؤال الأهم: لماذا لا يشرح القائمون على الأولمبيّة والمرشّحين لخوض الانتخابات هذه النقطة، على الأقل من باب الافصاح والشفافيّة وقبل كلّ هذا اسناد شرعيّة عملهم ومقاصدهم؟

نسف المادة 33

أعتقد أن الصمت مصحوب بالترقّب وراءه نوايا نسف كلّ المادة 33 لأن توضيح الجزء الخطأ فيها ونسفه أي ( العلاقة بين الاتحادات والأولمبية ) لا يسوّغ لهم نسف الجزء الصحيح منها أي ( العلاقة مع الأندية) ذلك هو المأزق الذي وضَعَنا فيه المُشرّع لقانون الاتحادات 24 لسنة 2021، وكان عليه أن يبدأ هذه المادة بالتالي ( فيما عدا حالة الجمع بين عضويّة اتحاد وعضويّة اللجنة الأولمبيّة لا يجوز الجمع بين .. الخ) ويدرج كلّ الحالات الأخرى المحظورة.

من يرغب في التأكّد من الحالات المُماثلة لما أشرنا اليه آنفاً، يُراجع قانون الرياضة في مصر (المادة 41) وقانون الكويت في الشأن الرياضي المادة 59 وقوانين دول أخرى.

نصيحة

لذا نصيحتي أن تؤجَّل الأولمبيّة الانتخابات الى حين حسم الجدل حول المادّتين ( 32 و33 ) علماً أن هذا الجدل لا يتم حسمه بالسؤال والجواب عبر الكُتب والمراسلات الرسميّة، بل في ورشة عمل مشتركة بين الجهة القطاعيّة (وزارة الشباب والرياضة) واللجنة الأولمبيّة الوطنيّة للاستماع الى صوت المنطق، لأن التفسيرات والتأويلات تستمرّ من دون نتيجة، ونحتاج الى شجاعة مقرونة بدلائل، للقول أن جزءاً من المادة صحيح والجزء الآخر خطأ كي نحسم الجدل.