 ميسان/ مهدي الساعدي

حذر معنيون ومختصون في محافظة ميسان من بوادر حلول كارثة انسانية وبيئية في المحافظة، بسبب انحسار المياه الكبير الذي تشهده انهارها وخصوصا نهر دجلة المار فيها، بسبب قلة الدفعات والاطلاقات المائية الواصلة اليه.

انخفاض وانحسار مناسيب المياه في عمود نهر دجلة، وظهور جزرات جافة وسط النهر وتداعيات ازمة المياه بشكل كبير جدا في انهار المحافظة الاخرى، دعا المعنيون الى دق ناقوس الخطر من اجل تدارك تفاقم الازمة، خصوصا ونحن على اعتاب فصل الربيع وارتفاع معدلات درجات الحرارة.

وافاد الخبير البيئي احمد صالح نعمة في حديثه مع (المدى)، بـ"زحف الجفاف على حوض نهر دجلة المار في مدينة العمارة، ولم يتبق من عموده القادم من مدينة الكوت الا ساقية صغيرة، حيث ان الجفاف وانحسار المياه واضحين جداً".

وأضاف نعمة، بأنه مع "عدم الوصول الى اتفاقات مع الجانب التركي او ذوبان الثلوج في شهر آذار المقبل، فسنكون في مشكلة وكارثة بيئية بشرية كبيرة بسبب عدم وجود مناطق خزنية، وتركز الامطار على وسط وجنوبي العراق، وبالتالي لم يتبق سوى ممر مائي بسيط يتجه نحو محافظة البصرة".

من جانبه، قال الناشط والموثق البيئي احمد جاسم لـ(المدى)، إن "أنقرة مازالت تستخدم المياه كسلاح للوصول لغاياتها، فقدنا وما زلنا نفقد اعز ما نملك بسببهم وبسبب تشييد تلك السدود المشؤومة وقطع المياه عن العراق".

وأضاف جاسم، أن "العجيب في الأمر أننا لم نسمع أي من المؤسسات الحكومية أو المنظمات الإنسانية والخيرية في تركيا، دافعت ووقفت مع شعب الأهوار المنكوب لابد أن تشعر بما يشعر به السومريون، من أجهاد مائي ادى الى تهجير شعب الاهوار وقتل الحياة في موطنهم الأصلي".

وأشار، إلى أنه "اليوم نلاحظ انخفاضا في مستويات نهري دجلة والفرات بشكل كبير، بسبب السدود الكبيرة والكثيرة نعاني من إجهاد مائي شديد وللعام الثالث على التوالي وقد تنفد المياه قريبا".

انخفاض مناسيب المياه بشكل ملحوظ ادى الى زيادة التراكيز الملحية فيه، مما جعل المواطن الميساني يشكو من تلوث طعم المياه وتغير خواصها الطبيعية.

على صعيد متصل، تحدث المختص بفحص نسبة عذوبة المياه قاسم سلمان في حديثه إلى (المدى)، عن "تزايد عفونة المياه الواصلة الى منازل اهالي المحافظة يوما بعد آخر، مصحوبة بزيادة التركيز الملحي بشكل ملفت".

وتابع سلمان، أن "القراءات الخاصة بالجهاز (TSD) وهو جهاز خاص بقياس نسبة نقاوة المياه ونسبة الملوحة فيها الى أكثر من (1250)، وتعني جزءا في المليون من الاملاح المتركزة في المياه".

ولفت، إلى أن "القراءات الخاصة بنفس الجهاز في منظومات التحلية المنزلية تصل الى (40PPM) فقط، مما يشير الى ارتفاع معدلات نسبة الاملاح الى اضعاف مضاعفة، بسبب قلة المياه في انهار المحافظة".

مناشدات ممثلي المحافظة في مجلس النواب العراقي تركزت على ضغط الحكومة على الجانب التركي، من اجل إطلاق دفعات مائية قبل وقوع الكارثة.

وطالبت النائبة عن محافظة ميسان رقية النوري وزارة الموارد المائية بالضغط على الجانب التركي لزيادة اطلاقات مياه نهر دجلة.

وقالت النوري في تصريح اعلامي تابعته (المدى)، "نطالب وزارة الموارد المائية والجهات المعنية بإجراء مباحثات عاجلة مع الجانب التركي، في سبيل إطلاق المياه وتقليل حجز مياه نهر دجلة عبر سدود تركيا".

وأضافت النوري، أن "ما تشهده محافظة ميسان من ازمة مائية، وجفاف عدد كبير من الانهر الفرعية يدعو الى القلق".

واقترحت النوري، "على وزارة الموارد المائية ان تتحكم بالمياه التي تصب في هور ام البقر وهور الحمار في المنطقة الجنوبية، والمحصورة بين ميسان وذي قار والبصرة من خلال بوابات ليكون مخزونا ستراتيجيا للمناطق المحاذية للأهوار".

وفي الشأن ذاته نفذت مجموعة من شباب المحافظة فعالية، لتسليط الضوء على معاناة ابنائها المتمثلة بانخفاض مناسيب المياه في نهر دجلة، من خلال عبورهم النهر مشيا على الاقدام من احدى ضفتيه نحو الاخرى، واطلاقهم هاشتاغ (دجلة تستغيث) و(الجفاف قادم) على مواقع التواصل، بالإضافة الى مناشدات عاجلة لإيجاد حلول سريعة قبل فوات الأوان.

ودب الجفاف على أنهر المحافظة الفرعية، وبانت رقعة اتساعه عليها خصوصا بعد جفاف اجزاء كبيرة من حوض نهر دجلة المغذي الرئيس لها، وباتت المحافظة برمتها على اعتاب كارثة بيئية محققة، في حال عدم ايجاد الحلول الحقيقية والواقعية من الجهات المختصة، رغم ارتفاع اصوات ابنائها بقرب دخول مدينتهم في انذار مخيف، بسبب خطر انخفاض مناسيب المياه في نهر دجلة.