TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > رجل الدين المشرعن لزواج القاصرات

رجل الدين المشرعن لزواج القاصرات

نشر في: 7 مارس, 2023: 11:08 م

هادي عزيز علي

القاصر لغة – هو اسم فاعل من الفعل قصر وجمعه قاصرون ومؤنثها قاصرات وقصّر. القاصر اصطلاحا هو الذي وصل مرحلة من عمره ما زالت قاصرة عن مرحلة البلوغ، او انه العاجز عن التصرفات اوهو كل جاهل معذور بجهله غير ملتفت للمسألة التي يجهل بها. اما قانونا فهناك تشريعات عدة تناولته: -

فالطفل هوكل انسان لم يتجاوزالثامنة عشرعاما بحسب نصت عليه اتفاقية حقوق الطفل المصادق عليها من قبل العراق بالقانون رقم 3 لسنة 1994. الصغير في قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980 هو الذي لم يبلغ سن الرشد وهو تمام الثامنة عشرعاما ويقصد بالقاصر لاغراض هذا القانون الصغيروالجنين ومن تقرر المحكمة انه ناقص الاهلية او فاقدها فضلا عن النصوص الواردة في قانون رعاية الاحدا ث، هذه هي التشريعات العراقية المنظمة لاحوال القاصرين.

والزواج في قانون الاحوال الشخصية هو عقد بين رجل وامراة تحل له شرعا غايته انشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل (المادة 3) ويشترط فيه تمام الاهلية من العقل واكمال الثامنة عشر عاما (المادة 7) ولا يحق لاي من الاقارب او الاغيار اكراه اي شخص ذكرا كان ام انثى على الزواج دون رضاه. ومن التعريف المذكور يتبين ان عقد الزواج عقد رضائي اي ان كل شخص اهل للتعاقد ما لم يقرر القانون عدم اهليته بسبب صغر العمر او اي عارض من عوارض الاهلية التي تمنعه من التعاقد، اذن فالشخص البالغ الرشيد هووحده من يملك اهلية التعاقد.

اما زواج القاصرات فقد عرفته اليونسيف بانه: (زواج الاطفال قبل بلوغ سن 18 عاما). او يعرف بانه الزواج الذي يكون طرفاه او احدهما غير مكتمل النضج من حيث الفسلجة والعقل. ان زواج القاصرات في العراق يشكل ظاهرة غيراعتيادية حبث ان نسبته بلغت 25 % من نسبة المتزوجات العام 2022حسب تقرير لوزارة التخطيط والرأي لدينا ان هذه الاحصائية غير دقيقة لعدم وقوفها على عقود الزواج التي يبرمها رجل الدين خارج المحكمة والتي تكون بعيدة عن محاكم الاحوال الشخصية وغير خاضعة للاحصاء. او ان تلك الزواجات لا تصل الى المحكمة اصلا لاعتبارات متعلقة باطراف العلاقة وبذك تكون خارج الغطاء الاحصائي الذي تجريه الجهات المعنية.

ومعلوم ان لزواج القاصرات اسبابه ولعل اهمها مجموعة المفاهيم والافكار التي يعتمدها الموروث الثقافي التي تنتجها الاعراف والتقاليد سواء كانت مرجعها العائلة ام العشيرة ام رجل الدين المؤسس على الرؤية البطريركية،والموقف من المراة عموما المفضي الى تنشئة اجتماعية ترسم للاناث ادوارهن في البيت والمجتمع، فضلا عن الجانب الاقتصادي وموضوعه المتعلق بالفقر واضافة الى التراخي والخلل الذي اصاب المؤسسات التعليمية وجعلها معطلة وفاقدة لقرارها حول التسرب المدرسي وامام هذا الوضع تجد بعض الاسرغير المتعلمة ان القاصرات عبء يتعلق بالجانبين الاقتصادي والاعتباري والحل يكمن في زواج القاصرات ولما كان الزواج عن طريق المحاكم غير متاح فلا مناص والحالة هذه سوى اللجوء لرجل الدين الحامل للاحكام الشرعية وحاميها.

فرجل الدين حامل مشعل الشرع هو الذي يحدد سن الزواج، ويرى ان السن القانوني جاء عن سلطة وضعية لا ترتقي الى احكام الشريعة وسموها لذا فهم يبرمون عقود الزواج خارج نطاق ولاية المحاكم رغم علمهم ان ذلك يشكل جريمة يعاقب عليها القانون مع اصرارهم على الغلو في ذلك لقناعتهم ان تصرفاتهم محمية من مرجعيات سياسية تتبني المفهوم ذاته. رجال الدين هؤلاء هم الممرالاشد اتساعا لشرعنة زواج القاصرات الامر الذي جعل محاكم الاحوال الشخصية محرجة امام فيض الدعاوى المقامة لديها لتصديق الزواجات مصدرها الوحيد رجل الدين. معلوم ان بعض دعاوى لا تصدق من قبل المحكمة ويكون مصيرها الرد بسبب التدني المعرفي باحكام الشريعة الاسلامية لرجل الدين الامر الذي يجعل عقد الزواج المبرم من قبله لم يستوف اسبابه وشروطه الشرعية وهنا تبرزمشكلة جديدة لعائلة القاصرة وهي بطلان عقد الزواج من الوجهة الشرعية مع ان القاصرة مدخول بها.

رجل الدين هذا السادر في الغي لا زال متواصلا في تزويج القاصرات رغم المنع القانوني وفتوى السيد السيستاني عن زواج القاصرات اذ جاء فيها: (.. ومانريد التأكيد عليه هو: انه ليس لولي الفتاة تزويجها الا وفقا لمصلحتها، ولا مصلحة غالبا في الزواج الا بعد بلوغها النضج الجسمي والاستعداد النفسي للممارسة الجنسية، كما لا مصلحة لها في الزواج خلافا للقانون بحيث يعرضها لتبعات ومشاكل هي في غنى عنها). هذه الفقرة 3 من الفتوى. اما الفقرة 2 منها فقد نصت على: (.. ونؤكدعلى ضرورة ان تلاحق السلطات المعنية من يظهر في زي رجال الدين ويمارس هذه الافعال ويروج لممارسات لها تبعات بالغة السوءعلى المجتمع وموقع الدين في نفوس الناس).(كتبت في 26 محرم 1441 الموافق 26 / 9 / 2019).

لما تقدم فزواج القاصرات يبقى ينتهك براءة الطفلة ويدمر حياتها ما دام رجل الدين هذا مطلق اليد ويصر على ابرام عقود الزواج غير القانونية ولا بد والحالة هذه من نص قانوني يوقف هذه الانتهاكات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

شعراء الأُسر الدينية.. انتصروا للمرأة

العمودالثامن: فاصل ونواصل

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

شراكة الاقتصاد الكلي والوحدة الوطنية

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

 علي حسين إذن، وبوضوحٍ شديدٍ، ومن غير لفٍّ أو دوران، لا تنتظروا إصلاحات ديمقراطية ولا حلاً للأزمات السياسية التي ما أن تنتهي واحدة حتى تحاصرنا واحدة جديدة ، ولا تطمئنوا لأن الإعلام يزعج...
علي حسين

قناطر: السَّرّاجي: القرية والنهر والجسر

طالب عبد العزيز " ثمة قليل من الاغريق في سان بطرسبورغ "جوزيف برودسكيكثيراً ما أسأل نفسي: أيمكن أنْ يكون الشاعر مؤرخاً، أو كاتباً لسيرة مدينته؟ فأجيبُ: أنْ نعمْ. ولعلي الى الثانية أقربَ، فأنا ممسوس...
طالب عبد العزيز

في طبيعة المجتمع المدني في الدولة الديمقراطية ومهامه

د. فالح الحمـراني تطرح قضية تفعيل المجتمع المدني في العراق اليوم نفسها بصورة حادة، لا سيما على خلفية تقصير المؤسسات المنتخبة وأجهزة الدولة في أداء دورها المطلوب حتى في إطار القوانين المتعارف عليها في...
د. فالح الحمراني

الاقتصاد الهندي من التخلف إلى القوة الاقتصادية

موهيت أناند ترجمة: عدوية الهلالي منذ أن بدأت الإصلاحات الاقتصادية في عام 1991، عندما تخلت عن نموذجها الاقتصادي الحمائي والاشتراكي، أصبحت الهند ثالث أكبر اقتصاد (بعد الصين والولايات المتحدة) من حيث الناتج المحلي الإجمالي.،...
موهيت أناند
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram