عامر القيسي هل حقاً ان السياسيين العراقين، وهم يرسمون خارطة ومستقبل العراق الجديد، يعزفون على العود المنفرد ويغنون كلاً على ليلاه، رغم انهم يؤكدون،على مدار الساعة كما يقال، على العزف الجماعي لاخراج سمفونية عراقية من الطراز الرفيع. هل هم صادقون في السر ويكذبون في العلن؟
هل لديهم الرغبة أولا والأمكانية ثانيا لقيادة دفة السفينة العراقية في محيطها الهائج الصعب؟ ولماذا يفضلون العزف المنفرد على العزف التكاملي لاسماع الآخرين سمفونيتنا الخاصة؟ اسئلة كثيرة ومتشعبة ومقلقة نواصل القاؤها امام المسؤولين، وهي اسئلة ليست من اختراعنا ولا من تدبيرنا ولا مناكدة بفلان ولا علان ولا نكاية بامتيازات الزمن السريع، انها اسئلة مستقاة من حياة الناس الذين يتفرجون على فلم لايعرفون فيه "حماهه من رجلهه" ونحن كمواطنين اختلط علينا الحابل بالنابل ونحن نشاهد مجموعة من الموسيقيين في استعراض واحد بآلات موسيقية مختلفة من دون ان نسمع نغماً موحداً ولا ايقاعاً واحداً ولا قائداً للمجموعة التي ينبغي ان يكون نشاطها موجها للناس، لامتاعهم واشباع رغباتهم.الذي نراه للاسف الشديد ان، العزف المنفرد، هو سيد الساحة السياسية بامتياز، رغم ان هذا العزف يتقاطع مع النوطة الموسيقية المطلوب سماعها من قبل الجمهور والذي ما زال ينتظر تحويلها من الرسوم التجريدية الى الأنغام الواقعية التي تطربهم وتنفض الغم والهم عن قلوبهم.المفارقة العجيبة ان كل عازف يعتبر ان غيره ينشز وان المطلوب من الاخر ان يلتحق بركب نغماته لانها الافضل والانجع وهي المطلوبة من قبل الجمهور في نفس الوقت الذي يعلن استعداده للانخراط بالعزف الجماعي والتخلي المؤقت عن لحنه الخاص ريثما تستكمل المقطوعة تناغمها. افضل لاعب في كرة القدم يضطر المدرب الناجح والمسؤول الى استبداله اثناء المباراة او التخلي عنه نهائيا بسبب اسلوب اللعب الفردي الذي يتميز به، لكنه في النهاية مضر بلعب الفريق ومؤثرعلى نتائجه، وفي السياسة الحالية لكتلنا، نرى مشهد التفرد في قياداتها واضحا وشفافا، والدليل كثرة التصريحات التي يدلي بها اعضاء في هذه الكتلة أو تلك في الضد تماما من تصريحات رئيس الكتلة أو القائمة أو التيار وفي معظم الاحيان تكون التصريحات متناقضة الى حدود القطيعة والاتجاه الى عزف منفرد جديد في الجوقة السياسية العراقية.العزف المنفرد.. سمة من سمات الخطاب السياسي الحالي، ومن غير المنطقي ان تؤسس على خطاب منفرد تجربة ديمقراطية تم اقرارها في الدستور الذي صوّت عليه ملايين من العراقيين واعتبروه مشروع المستقبل بالنسبة لاحلامهم وتطلعاتهم لعراق مختلف. العزف المنفرد... رسالة سلبية للمواطن ليطمئن على مستقبله ومستقبل عياله من دكتاتوريات محتملة متسترة بعباءة الديمقراطية التي انتجت في تجارب سابقة لشعوب اخرى اعتى انواع الدكتاتوريات التي قادت العالم الى حروب طاحنة داخلية وخارجية. العزف المنفرد.. قد يكون ابداعا في الموسيقى لكنه العزف النشاز في العمل السياسي الذي من اولويات نجاح خطابه، اذا كان ديمقراطياً، هو التناغم والتكامل مع الآخر لكي يستمتع الجمهور بسمفونية الامن والخدمات والنزاهة واخيراً الاتفاق على حل ازمة الحكومة قبل الرابع من آب.. ونحن بالانتظار.
كتابة على الحيطان ..العزف المنفرد
نشر في: 31 يوليو, 2010: 07:36 م