اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > الفيلسوف جان ميشيل بيسنييه: لقد أعادنا فايروس كوفيد الى أكثر الحقائق وحشية !

الفيلسوف جان ميشيل بيسنييه: لقد أعادنا فايروس كوفيد الى أكثر الحقائق وحشية !

نشر في: 12 مارس, 2023: 11:11 م

ترجمة:عدوية الهلالي

يقول الفيلسوف جان ميشيل بيسنييه:"هل يمكن للفن أن يخفف الشعور بالوحدة في وجه الموت؟ أعتقد ذلك، فالأدب يصاحب اهتمامات عصرنا"

وجان ميشيل بيسنييه،هوأستاذ الفلسفة الفخري في جامعة باريس السوربون، ومتخصص في ما بعد الإنسانية والذكاء الاصطناعي والتقنيات الجديدة وتأثيرها على العقل البشري.وبالنسبة له، تذكرنا أزمة كوفيد والاحتباس الحراري بأن العلم لن يحل اللغز الأسمى، بوضع الموت في صميم حياتنا اليومية.

وسواء في الروايات المعاصرة مثل رواية (ضعفي) لجيروم غارسين أوالافلام السينمائية والتلفزيونية مثل فيلم (لاعزاء) للمخرجة أديل فان ريث، او فيلم (حياة) لأوليفر هيرمانوس، أو المسرحيات مثل مسرحية (رحلة إلى زيورخ) بقلم فرانك بيرتييه، فإن مسألة نهاية الحياة تعتبر نقطة تحول وترجع في جزء كبير منها إلى صدمة وباء كوفيد.

صحيفة لاليبغ أجرت حواراً مع الفيلسوف بيسنييه جاء فيه:

 في مجتمعنا، الموت محكوم بالنسيان، ولم نعد نموت في المنزل بشكل عام، ماالذي يقود اليه في رأيك؟

-لقد ألقى كوفيد الموت في وجوهنا بطريقة لا تصدق. وفجأة فرض الموت نفسه علينا. في الواقع، لقد عشنا حتى الآن من خلال رفض الموت باعتباره شيئًا معيبا بعض الشيء، شيء لا يجب إظهاره. لكننا شاهدنا فجأة قتلى في الشوارع وفجأة أصبحنا مهتمين بالضرورة بالموت. إن كوفيد هي تجربة ميتافيزيقية بهذا المعنى بلا شك. وقد أبرزت شخصية الموت الوحشية هذه فكان من الضروري أن نعطي لها معنى، وأن نعبّر بالكلمات عن ما أصابنا، وأن نجد كلمات تعبر عن المعاناة، وعن تجربة الموت.

 هل من المحتمل أن يسمح لنا الفن بمواجهة حقيقة الموت؟

-أنا مرتبط تمامًا بهذا التوصيف للموت الذي قدمه موريس بلانشوعندما قال: الموت مرادف للوحدة. اذ يعاني الشخص في نهاية حياته من هذه الوحدة إلى أعلى درجة. فهل يمكن للفن أن يؤسس حالة تواصل من شأنها أن تخفف من حدة هذه الوحدة؟ أنا أؤمن به بشكل أساسي. الفن هو ممارسة الانفصال عن الواقع، شئنا أم أبينا. فعندما نكون في موقف جمالي، كأن نفكر في عمل أو غير ذلك، فإننا نعيش كأننا منعزلين: وعندما اقف أمام اللوحة، اكون وحدي. أماالمشاركة التي أعطيها لنفسي في هذه اللوحة فهي ماسأشاركه مع الآخرين.فلا يتم تقييم الجمال عندما أقول "أجده جميلًا" ولكن عندما أقول "إنه جميل". وهذا يعني، في تقييمي الشخصي للعمل، فأنا أشرك معي الإنسانية. لذلك فأنا في وضع أكون فيه بمفردي ومع آخرين. وهذه هي التجربة الجمالية للتأمل في العمل. بطريقة ما، هناك قرابة مع الموت. في الموت أنا وحدي، وفي نفس الوقت أشرك العالم كله معي.

 وهل أصبح الموت ظاهرة عامة؟

-اعتاد علماء الأنثروبولوجيا القول أنه في المجتمعات المتماسكة للغاية، يتم دائمًا الاهتمام بالموت بشكل جماعي..أما في مجتمعاتنا الفردية، فعلى العكس من ذلك، أصبح الموت شيئًا مروعًا، فضيحة، لأن الفرد مفتت. لقد قام كوفيد بتصوير الفرد والجماعة، وهذا ما كان علينا محاولة حله. لقد تغيرت نظرتنا إلى الموت: لقد جمعنا التجربة الجماعية والتجربة الفردية معًا.

 وهل تعبر الاعمال الروائية اليوم عن هذا القلق الجماعي ؟

-كان علينا أن نضع الكلمات في تجربة جماعية غير مفهومة. قادنا هذا الحاضر إلى اكتشاف عدد من الأعمال التي واجهت الموت، ليس كمفهوم فلسفي، وليس كمفهوم أنثروبولوجي، ولكن كواقع وجودي. على سبيل المثال، علينا أن نعيد قراءة تولستوي في (موت إيفان إليتش)،إنه نص صغير رائع للغاية يخبرنا كيف يتصالح الشخص المحتضر فجأة مع الحياة والموت.في نظري، هذا الكتاب الصغير له أهمية كبيرة. كما نعيد قراءة سيمون دي بوفوار، وهي تتحدث عن موت حلو للغاية، عندما تروي وفاة والدتها.لقد قمنا بإعادة النظر في الأدب بهذه الطريقة التي فرضتها علينا كوفيد. كانت هناك بعض الأفلام التي تم إطلاقها في زمن كوفيد، مثل فيلم (حب) لمايكل هانيكي، والذي يعتبر بالنسبة لي رمزًا لهذه اليقظة حتى الموت،حيث نرى موسيقيين يعيشان تقاعدهما بسلام ثم فجأة يكتشفان مرض المرأة الذي سيشرك الزوجين في تجربة نهاية الحياة.

 كيف يمكن ترجمة ذلك إلى أدب؟

- نحن نحاول الاجابة عن هذا السؤال: كيف نتعامل مع ما يُعرض علينا على أنه حتمي؟ نحن بصدد إعادة الاتصال بالثقافة الأمريكية المضادة في الستينيات، والتي أطلقت العنان للشعراء للإجابة على السؤال التالي: كيف نريد أن نعرف أن القنبلة الذرية ستسقط علينا؟ نحن نقوم بإعادة صياغة السؤال اليوم، مع قضية المناخ على وجه الخصوص.

 هل كان هناك شكل من أشكال الإنكار الجماعي قبل كوفيد مباشرة بشأن الموت؟

- نعم ! كان هذا الإنكار محيرًا للعقل. لقد سألوني في مقابلة صحفية عن الوصفات الثلاث للخلود التي صاغتها ما بعد الإنسانية. لقد كنا نعتقد أننا اكتشفنا هذا المقص الجزيئي الذي كان سيجعل من الممكن تكوين أعضاء اصطناعية، وكنا سنكون قادرين على تنزيل أدمغتنا على رقائق، وأن نضعها في الفضاء الإلكتروني، كنا نشعر بالنشوة للقول. أننا كنا نضع نهاية للموت… كنا نتحدث عن الخلود قبل كوفيد ! وقلنا لأنفسنا،، الذكاء الاصطناعي سيضمن لنا الخلود! ثم اكتشفنا اننا لسنا أقوياء، من الناحية التكنولوجية، لدرجة قتل الموت، وإن الموت هو الذي سيقتلنا وسيتعين علينا التعامل معه. لقد أعادنا فيروس كوفيد إلى أكثر الحقائق وحشية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram