علي جابرتعد ظاهرة تسول الاحداث وتشردهم وانحرافهم مشكلة مركبة، تشترك في صنعها عوامل عدة، وتنتج في الوقت ذاته الكثير من المشكلات الاجتماعية ذات الضرر الفادح في النسيج الاجتماعي، وباتت تلك المشكلة حديثاً لاينقطع اهتم به الباحثون في علم الاجتماع والقانون، بسبب تأثيرها على المجتمع وتعلقها بأساساته حيث يشكل هؤلاء الصغار اللبنات الاولى الارتكازية للبناء الاجتماعي المستقبلي.
 وربما يكون الفارق كبيراً بين التسول والانحراف مثلما اكد لنا المحامي وليد الشيبي فالاول يعني قيام الصغير باصطناع العاهات للحصول على عطف الناس، وقيامهم بمنح المال، وبين ممارسة الاعمال المختلفة مثل بيع الحلويات اوالعلكة بطريقة(الاستجداء المبطن)، فيما الانحراف في السلوك يتمثل في قيام الصغار بممارسة القمار، أو تواجدهم في اماكن الدعارة وبيع الخمور، وخروجهم عن سلطة الابوين او اي عمل اخر يمكن ان يؤدي بهم الى الاختلاط السيئ والانحراف وبالتالي ارتكابهم الجرائم مستقبلاً..وعزا الباحث الاجتماعي ..عباس شريف انحراف الصغار الى انحلال الروابط الاجتماعية وخصوصاً الاسرة حيث هي (المرتكز) الذي تقوم عليه شخصية الصغير،  فإذا كان سلوك الابوين ايجابياً فإنه سينعكس على الصغير ويكون صالحاً،وبالعكس لأن الصغار في هذه المرحلة اشبه(بالعجينة) القابلة للتحوير بالاتجاه الذي يريده الابوان فمن الممكن ان نصنع منه انساناً صالحاً اوطالحاً...وللنظام السياسي والاجتماعي الاثر الكبير في الحد من ظاهرة جنوح وتسول الاحداث، حيث تقل هذه الظاهرة في المجتمعات والانظمة المتطورة السليمة، التي تضع الحواجز والقواعد والاساسات، التي لايمكن تجاوزها كما يشير الدكتور علي الجبوري،  مضيفاً وتلك الاساسات تحول بين الصغار وبين الانحراف والتسول، لأن هذه الدول تدرك جيداً الاثر العام الذي ينعكس سلباً على الجميع في المستقبل، كما ان انحراف هؤلاء الصغار يحمل معه شرالعدوى او(الفايروس) اذا ماترك فأنه يقوى ويشتد ويفتك بعموم المجتمع.في حين ترى ماجدة الحاج فدعم(مديرة مدرسة) ان المشكلة الكبرى تظهر اذا كان الابوان جاهلين، حيث ان القاعدة تقول(فاقد الشئ لايعطيه). فيما تعد المدرسة قارب نجاة في هذه الحالة اذا ماتوفرت الممكنات ووجود معلمين وأساتذة يكونون القدوة الحسنة بهذا الاتجاه. وتشكل البيئة والصداقة والشارع مصادر تأثير فاعلة هي الاخرى على الصغار،  وقد تكون حداً فاصلاً بين الصغير وانحرافه المستقبلي. وهناك الكثير من الاباء يقومون بإرغام اولادهم على ترك الدراسة وزجهم في اعمال السوق(الحدادة والنجارة-تصليح السيارات- دفع عربات اليد) على اساس انهم (سيتعلمون مصلحة) ومعلوم ان هذه الاماكن وفي بعض الاسواق تشكل بؤراً للكثير من المنحرفين والمتصيدين في الماء العكر، حيث يستميلون الصغار ويدفعونهم الى(هاوية الرذيلة)، والتي تشكل لهم (عقداً) ترافقهم طوال العمر ولاتزول مهما طرأ على الزمان من تغيير.ونظرا لكل ما سبق تقع مهمة صيانة الاحداث من منزلقات الرذيلة والانحراف الاخلاقي على جهات عدة في مقدمتها الاسرة، والمدرسة والجهات الحكومية والاجتماعية المتعددة ذات الصلة..