TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك ..(الله يديم الدين والدوله)

هواء فـي شبك ..(الله يديم الدين والدوله)

نشر في: 1 أغسطس, 2010: 09:27 م

 عبدالله السكوتي ومنشأ هذا المثل يعود الى ماقبل الحرب العالمية الاولى، حيث كانت ارواح الناس مشرّبة بحب الدين والتعلق به، وكان الكثير من الحكام يتظاهرون بتطبيق الشريعة الاسلامية لاكتساب مودتهم والسيطرة عليهم ، وكان ابناء الشعب يتشوقون لرؤية دولتهم الاسلامية منيعة الجانب مستهدية بهدى الدين، وتمنى كل واحد منهم ان تبقى العلاقة قوية بين الدين والدولة،
ولايهمه من امور الدنيا غير هاتين الناحيتين، فاذا لاحظ مايسره من احكام واعمال حكومية ، او ابدى له موظف مساعدة معينة، اظهر استحسانه ودعى دعاءه 🙁 الله يديم الدين والدوله)، وقد ندر استخدام الدعاء كمثل على السنة الناس في ايامنا الحاضرة. وخير دليل على استخدام الدين لاغراض سياسية تخدم اطرافا معينة وتتبع ولاءات متعددة للتأثير على البسطاء منهج القاعدة التكفيري، الذي يبيح لمعتنقي هذا الفكر قتل الجميع باسم الدين ونصرة الله ورسوله ؛ اما اشكالية الجمع بين الدين والدولة فهي اشكالية قديمة ، واستخدمت ايضا لاغراض سياسية، صفى خلالها حكام المسلمين الكثير من خصومهم ، لتستقر ممالكهم وتنبسط الامور لهم ، ليبقى الانسان ملتصقا بالدين بحسب نشأته منعزلا منفردا ، يدعوه الخوف من المجهول ومن ماحوله الى البحث في عوالم الغيب لايجاد مايدعو الى استقراره النفسي، وهذا يعني ان الفرد ضعيف امام سلطة الدين، ولذا نرى ان ابا جعفر المنصور حين عقد ولاية العهد لابنه محمد المهدي، اثار حوله زوبعة ودعاة يدعون انه (المهدي المنتظر) ، فكانت بيعة سريعة لم تلحقها شوائب. واجتماع الدين والدولة موضوع فقهي كثرت فيه الاقوال والاراء وتشعبت، واصبحت له نظريات، ونحن الان لسنا بصدد مناقشة ذلك بقدر مانريد ان نسلط الضوء على استخدام الدين لتكميم الافواه، وسلب ارادة الجماهير وتوجيهها بالوجهة التي تراد لها لا التي تريدها هي، وكلنا شهود عما حدث ابان الانتخابات السابقة من استخدام للرموز والمقدسات كورقة رابحة عند  اقتراب موعد اقتراع القوائم والكتل، لتبقى هذه الاشكالية موجودة حتى بدون غطاء رسمي لها، وانما عن طريق التدخلات بشؤون السياسيين والسياسة، وتدوم جاعلة من الدين غطاء لاراء سياسية اخرى متلفعة بعباءة التدين ربما تكون متطرفة في احيان كثيرة، ومن الدين السياسي من يركب مركبا آخر ويستخدم كلام الله والرسول للوصول الى اهداف خاصة، بعضها يكون موفقا، والبعض لذر الرماد في العيون، وتحويل الانسان الى تابع لايعرف مايريد، والشواهد التاريخية في هذا كثيرة، تبدأ منذ تأسيس الدولة الاموية وحتى اعتناق المغول للاسلام للسيطرة على زمام الامور. وكل هذا الارث الديني والتاريخي الكبير ، لم يستطع ان يحجم من امكانية استخدام الدين، ولم يضع امام الشعوب بعض المحاذير من عاقبة الانسياق خلف القواعد الجاهزة التي يطلقها الوعاظ ، ناهيك عن ان ممارسات دينية كثيرة ليست من الدين بشيء، لكنها جرت بحسب العادة والعرف الاجتماعي جعلها تبدو وكأنها من صميم الدين؛ وان من اخطر مايمارسه الحكام، استخدام الدين، ليس كمنهج للحكم، وانما للتأثير على الشعب؛ وفي كتاب اشكاليات الدين والتدين للشيخ حسين احمد شحاده، ورد ان علمي اللاهوت والكلام قد استنفدا كل مالديهما من قراءة السماء في غيوبها وقراءة الارض في ماضيها، ولم يحدد الشيخ ان غيبيات كثيرة يعاد استخدامها في كل عصر، وربما تكون عدة مرات خلال الجيل الواحد؛ وكلنا يعلم حجم اشكالية الدين والعلم من قبل الى ان اصبح العلم واقعا وفرض ارادته تجريبيا، ولم يعد يسوق الغيوم ملك عظيم يمتلك سوطا كبيرا بعد ان حلل العلم ظاهرة المطر، وتعمق واقع كروية الارض ليصبح درس الجغرافية والعلوم مباحا بعد ان كان ممنوعا في بعض البلدان. ومع ان اشكالية الدين والدولة فقهية بالدرجة الاولى ، وتتعلق بخصوصيات المذاهب المختلفة وارائها بتدخل الدين من عدمه ، نبقى ننتظر خصوصا في ظرفنا الراهن الذي وضعنا امام اشكالية اخرى هي تشكيل الحكومة وقضية تدويلها ندعو ونستغيث : (الله يديم الدين والدوله).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram