اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > أوقـفـوا هـذا الابـتـذال.. أوقـفـوا تشـويـه العـمـارة!

أوقـفـوا هـذا الابـتـذال.. أوقـفـوا تشـويـه العـمـارة!

نشر في: 2 أغسطس, 2010: 05:47 م

د. خالد السلطانيمعمار وأكاديمي لم أرد، كما ليس من طبعي، ان اكون حاداً وقاسياً؛ بتلك الحدة الظاهرة التى يشي بها عنوان مقالتي. لكن موضوع المقالة ونتائجها المدمرة والكارثية، تجيز، كما اعتقد، لي (وازعم للآخرين ..ايضاً) اصطفاء مثل ذلك الاسلوب (الذي يبدو قاسياً)،
 للتعاطي مع موضوعها. نحن نتكلم عن قضية عامة، قضية قد تبدو وكأنها محض مهنية، بيد انها في حقيقتها ذات ابعاد مركبة، تتجاوز "مهنيتها" لتضحى مسألة رأي عام، وهي بهذا ترتقي باشكالياتها وهمومها الى مصاف شأن ثقافي وحتى وطني بامتياز. ونعني بها، كما دعوناها، ممارسة تشويه (واذا اردتهم الحقيقة: "تسفيه") المنجز المعماري العراقي الحصيف، الجارية الآن على قدم وساق في عراق اليوم بشكل عام وفي بغداد المعاصرة على وجه الخصوص. والامر، هنا، لا يتعلق البتة برغبة البعض الى "تجديد" المبنى او المباني، او التحري عن مكسب لاضافة فضاءات جديدة الى البناء القديم. كما انه لا يشكل نوعا من "مشاكسة" تخص استحقاقات صاحب المنصب المشغول، والجدل في ولاية قراراته وشرعيتها. فالموضوع المثار ابعد من ذلك. والمقالة لهذا تبتغي، فيما تبتغيه، تأشير العوامل التى ترسخ التأخر، وتتطلع الى تفكيك اثاره المدمرة. ليس من ثمة حاجة التذكير، بان الامم والشعوب تحث خطاها السريع نحو هدف التقدم والازدهار عبر طرق واساليب مختلفة. لكن كثيراً ما ترى، وليس من دون مصداقية، بان اسلوب تراكم الخبر وتجميع المعرفة والمعلومات، لا يفتأ يظل يمثل الطريق الاكثر صواباً والاكثر نجاعةً للوصول الى تلك الاهداف المبتغاة. ويرى البعض ان جهل الناس او تجهيلها بانجازات حضارية سابقة وطمس وتشويه واقتلاع مآثرها الابداعية، هي من اهم الاسباب التى تؤسس لظاهرة محو المتحقق واقصائه عن الذاكرة الجمعية، فاتحة المجال واسعا امام موجات انحطاط حضاري مخيف وخراب مزمن، لا يشفى بسهولة. ومثل هذه الظاهرة تتسيّد بقوة، عادة في المشهد، اثناء الحروب وما ينجم عنها من نتائج صادمة. كما ان فعل الكوارث الطبيعة وما قد تتعرض له منجزات البلد الحضارية تفضي الى مثل تلك النتائج المدمرة، وكل هذا بالطبع  يسهم في "خلق" بيئة "صالحة" للتأخر الذي يولد الانحطاط. من هنا تغدو رعاية الدولة وحرصها على ادامة واظهار وحفظ الاثار الحضارية، بمثابة واجب وطنى تلتزم به ازاء مواطنيها ومستقبلهم، وتسعى وراء تحقيقه بمختلف الاساليب. كما ان المنظمات الاهلية الناشطة في البلاد تسهم هي الاخرى بنشاط مؤثر وفعال في هذا الاتجاه. واذا حاولنا ان نرى انعكاس تأثيرات تلك الظاهرة التى اشرنا اليها تواً على المنجز المعماري، وهو موضوع مقالنا، فان المشهد المتبدي الناجم عن فعل ذلك النسيان والمحو المتعمد واجراءات التشويه الظالمة، سيكون مفزعا وكارثياً وبالطبع محزناً. وبغية التصدي لموجات الظاهرة العاتية اياها، سارعت هيئات دولية ومنظمات عالمية عديدة في التشكل والظهور واضعة نصب اعينها هدف الحد من تأثيراتها التدميرية وايقاف تداعياتها المأساوية. ولعل ما تقوم به منظمة "اليونسكو" من عمل مؤثر ومفيد في هذا الجانب، سيما برنامجها المقدرّ عالمياً، الخاص بانشاء سجل للموروث الثقافي العالمي (معظم نماذجه، كما يعرف المهتمون، شواهد معمارية وتخطيطية)، ومناداتها للجميع: دولا وشعوبا وافراداً بضرورة الحفاظ على مفردات ذلك السجل؛ يعكس طبيعة العمل التائق لصد خطورة تلك الظاهرة، ووضع الحلول التى تسهم في تجنب عواقبها الوخيمة. وفيما يخص ما يحدث آنياً في الممارسة المعمارية بالعراق، فثمة هيجان سافر لتلك الظاهرة تسوغها وتديمها نزعة طاغية من مزاج شعبوي حافل به المشهد العراقي الان، تاركاً اثاره المدمرة على المنتج المعماري وعلى روائع نماذج العمارة العراقية السابقة في عملية تشويه غير مسبوقة. وهذا المزاج الشعبوي الجارف والمهيمن على المشهد، ليس فقط لا يريد ان يعلم عن طبيعة المنجزات المعمارية السابقة ولا يرغب في التعلم منها، وانما يتقصد في ضوء شعبويته المبتذلة اسباغ "قيمه" على المنتج الراهن وعلى عمليات "التجديد" التى تطال روائع المنجز المعماري العراقي المصمم  من قبل معماريين عراقيين واجانب، هو الذي  كانت نماذجه فخراً للعمارة وفخراً للثقافة في آن.  ولا اعتقد ان بواعث تلك النزعة مقتصرة فقط على مهنية المعماريين العراقيين العاملين الآن في المشهد ، ولو ان بعضهم جزء من المشكلة ويتحملون بالتالي قسطا منها. ان ما يرعب ويثير الغثيان، هو ان طبيعة القرارات الخاصة بالشأن المعماري، تتخذ من قبل اناس لا يمتلكون اية آهلية لذلك، لا مهنيا ولا حتى ثقافياً. يضاف الي ذلك فقدان المتابعة من قبل الجهات المسؤولة لجهة تطبيق الضوابط والتعليمات، والتغاضي الشنيع عن دورها الرقابي، فضلا عن طفح الفساد المالي والاداري لمستويات عالية، يصاحبه صمت المهنيين والاكاديميين المختصيين وغياب النقد الموضوعي لتك الظواهر، مع  هيمنة وسطوة الخطاب الشعبوي، كما اسلفنا، وتحكمه بدفة الوضع المعماري، وهو ما افضى ويفضي الى مثل تلك ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram