متابعة/ إياد الصالحي

تتجّه أنظار العراقيين والعرب صوب ملعب سانت بطرسبرغ، اليوم الأحد بالساعة السادسة مساء بتوقيت بغداد، لمتابعة المباراة الدوليّة الوديّة التي تجمع منتخبنا الوطني لكرة القدم مع مضيّفه الروسي وفقاً لأجندة الاتحاد الدولي لكرة القدم خلال العام 2023، في طريق التحضير للاستحقاقات القادمة.

وتُعد مباراة روسيا الثانية ضمن المباريات التجريبيّة التي خاضها منتخبنا الوطني تحت قيادة المدرب الإسباني خيسوس كاساس حيث سبق أن فاز على منتخب الكويت بهدف سجّله المدافع علي فائز(د8) في ملعب الميناء الأولمبي، وسط حضور يُقرب من 22 ألف متفرّج، وذلك يوم الجمعة 30 كانون الأول 2022 في إطار استعداده لبطولة كأس الخليج العربي 25 التي ضيّفتها محافظة البصرة.

ومنذ تولّي كاساس قيادة المنتخب الوطني وهو يحاول إيجاد توليفة ينسجم معظم عناصرها مع فكره ومنهجه، وتكون من خياراته الخالِصة، وطاقمه الفني المساعد، من دون معونة استشاريّة من طرف عراقي، كالذي سهَّل مهمّته إبان مشاركته في البطولة الخليجيّة بعد شهرين من وصوله الى العاصمة بغداد يوم السبت 5 تشرين الثاني 2022 لوضع خطّة عمل مع اتحاد كرة القدم تُحدّد واجباته وصلاحيّاته وأهدافه.

اللافت في تشكيلة كاساس الخاصّة بلقاء روسيا، أنه حاول امتلاك الجرأة بدعوة اسماء سبق لها التمثيل في مناسبات مختلفة، وأخرى حاول إحداث التوازن النوعي بين أهميّة الدوري المحلّي والدوريّات الخارجيّة التي يلعب فيها كثير من العراقيين الشباب "المحترفين" ممّن أمضوا سنوات طويلة مع أسرهم في الغُربة، وحان الوقت لتكون لهُم كلمة في ملعب الثقة بقميص الوطن.

الخطأ القاتل

اصطحب كاساس الى سانت بطرسبرغ، جلال حسن وأحمد باسل وفهد طالب ولؤي العاني وحسين علي وكرار نبيل والكسندر اوراها ومناف يونس وأمجد عطوان ومحمد علي عبود وحسين عمار وأسامة رشيد وأيمن حسين وأحمد فرحان وحمزة عدنان وعلي فائز ومصطفى ناظم وإبراهيم بايش وآسو رستم ومصطفى محمد وعلي الحمادي وعلي عدنان وزيدان إقبال وحسن رائد، ونظرة سريعة للاسماء تُدلّل على سعي المدرب للاستفادة من الخبرة والحيويّة والفكر الاحترافي والتجربة في علاقات اللاعبين مع بعضهم البعض، ولا عودة للخطأ القاتِل الذي ارتكبهُ المدرّبون الوطنيّون والأجانب على حدٍّ سواء بالاحتفاظ على "مجموعة مُفضلّة" على حساب عدم الجاهزيّة وضُعف اللياقة البدنيّة وسوء تقدير التفاوت في الأداء وغرور بعض اللاعبين، وهو ما كان المُنتخب يدفع ثمنهُ من بطولة الى أخرى!

هل يعني أن تشكيلة كاساس مثاليّة؟ ستكون التجربة الروسيّة محطّ اختبار أدواته، والواجبات المطلوب تنفيذها، بعدما عانى المنتخب من تذبذب الأداء في بطولة كأس الخليج، وعدم مُعالجة بطء حركة اللاعبين للمحافظة على هدف التقدّم، ونهائي البطولة دليل صارخ على التعامل اللامسؤول لعديد اللاعبين من خلال السماح لمنتخب عُمان الرد على هدفي إبراهيم بايش وأمجد عطوان ( د24 و 114) في توقيت حرج عن طريق صلاح اليحياني وعمر المالكي (د90 و119)!

التجمّع الخجول

يُلقي إلغاء المُعسكر الروسي الذي أتفق على إقامته لمدة سبعة أيام سؤالاً مهمّاً أمام اتحاد كرة القدم: لم يزل لقاء كاساس بلاعبي المنتخب يفتقد الى برنامج المعايشة في بغداد، فحضوره لمشاهدة الدوري لا يكفي، والتجمّع الخجول قبيل خليج 25 ولقاء روسيا لا يمنحه الرؤية الشاملة، بل هو بحاجة الى مُعاينة شبه مستمرّة في ملعب الشعب أو غيره، كلّما سنحتْ له الظروف لذلك، فوقائع تلبيته دعوات الجماهير لمشاركة مناسباتهم والتعرُّف على بيئتهم وطقوسهم (وإن كانت مطلوبة) كانت أكثر من حضوره الرسمي مع المنتخب!

المُراجعة النظريّة الفنيّة للأساليب التي تم تطبيقها أثناء معسكر بغداد من خلال عرض المواد التلفازية المُسجَّلة خلال معسكر ملعبي الشعب والمدينة - مثلما ورد عن بعثة المنتخب في روسيا أمس السبت - تؤكّد ما ذهبنا اليه بأن كاساس لم يترك أيّة فرصة تشعرهُ بالاطمئنان على تحقيق أعلى معدل من ساعات اللقاء باللاعبين إلا واغتنمها ضمن سياسته الخاصّة التي تحتاج الى صبر الاتحاد والإعلام والجمهور حتى يُعطي النتائج الموعودة في نهائيّات كأس آسيا 2024 في قطر وتصفيات كأس العالم 2026.

خرق الحظر

وبعيداً عن الأمور الفنيّة لمنتخبنا الوطني، وقريباً من قرار خوض المباراة الدولية الوديّة في أرض روسيا، تبقى التساؤلات منطقيّة وشرعية إزاء سبب إقدام اتحاد الكرة برئاسة عدنان درجال على تلبية الدعوة الروسيّة في هذا الظرف المتوتّر في المنطقة، وما موقف الاتحاد الدولي من المباراة وهو الذي فرض حظراً على الكرة الروسيّة بسبب حربها ضد أوكرانيا، وهل ستلوح عقوبات لاحقة ضد اتحادنا كونه خرق الحظر الدولي أم يكتفي الأخير بمنح الموافقة الاستثنائيّة في حالة طلب الاتحاد (الضيف) اللعب وتحمّل المسؤولية من طرفه؟!

منذ تشرين الثاني 2021 والملاعب الروسيّة محظورة بقرار الفيفا وسيكون العراق أول من يكسر الحظر من دون أي تغيير في أصل القرار، ولم يسبق أن تعامل الفيفا بهذه الأزدواجيّة مع الكرة العراقيّة كالتي يستدلُّ منها في مباراة العراق وروسيا، كون الحظر الدولي شامل لا يستثني مباراة وديّة أو رسميّة، فلماذا واجه العراق مُمانعة من تضييف المنتخبات لأكثر من 40 عاماً ووصل الحال بالمؤسّسة الدولية أنها أقامت الدنيا ولم تقعدها بعد تضييف الزوراء شقيقه الزمالك المصري في ملعب البصرة خلال تشرين الأول عام 2013 وأنزلت عقوبة ماليّة بحقهما؟

ندم زيكو

اتحاد كرة القدم سيكون المسؤول الأول عن تبعات اللعب في روسيا، ولم يكشف أي مصدر فيه عن كواليس الموافقة، وما الفائدة التي سيجنيها اللاعبون في اللعب تحت الأمطار وبدرجة حرارة 2 مئوية ورطوبة تبلغ 82% صباح اليوم! يبدو أننا لا نستفيد من الأخطاء السابقة مثلما توجّه منتخبنا للعب أمام منتخب البرازيل في ملعب (سويد بانك) في مدينة مالمو السويدية، وتعرّض الى هزيمة ثقيلة قوامها ستة أهداف نظيفة، استعداداً للقاء استراليا في الدوحة ضمن تصفيات كأس العالم 2014 والتي خسر أمامها (1-2) ما دعت النتيجة المُخيّبة لاعتراف المدرب البرازيلي زيكو بندمٍ شديدٍ (سافرنا الى مكان تبلغ الحرارة فيه 5 درجات مئوية وقطعنا رحلة 10 ساعات ثم جئنا الى قطر حيث درجة الحرارة 35 مئوية.. لم يكن التوقيت مناسباً البتة)"!