دعاة هذا الشعار لا ينتمون إلى أي تنظيم سياسي، وليس لديهم ممثل في مجلس النواب ، ولا يمتلكون فضائية مدعومة من دولة جارة للعراق. أصحاب هذا الشعار مجموعة من الشباب يسكنون في أحياء متفرقة من العاصمة، يرون في أيام عاشوراء أفضل وسيلة للاحتجاج على الظلم ، كما فعل الإمام الحسين عليه السلام عندما خرج لإصلاح أمة جده.
الدعوة ستنطلق اليوم أو ربما غدا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن المحتمل أن تواجه حملة انتقاد واعتراض من قبل الجهات المصرة على جعل أيام عاشوراء مناسبة للبكاء واللطم فحسب، "ورحم الله والديهه الينزع" ثم تناول القيمة والهريسة. ولعل أبرز ما سيطرحه الشباب مقترحهم بتغيير أسماء المواكب إلى : موكب عزاء ملاحقة المسؤولين المفسدين، وموكب إنصاف الفقراء، وموكب لا تسرقوا أصواتنا، وغيرها من المسميات الأخرى المعبرة عن المحنة العراقية الحالية .
كانت الطقوس الحسينية وسيلة لطرح شعارات سياسية ضد الأنظمة المتعاقبة في العراق ، ولهذا السبب لجأت السلطة إلى منعها ومحاربتها ، لكن هذه الطقوس ظلت تمارس في نطاق ضيق وأحيانا بشكل سري في البيوت والأماكن البعيدة عن أنظار السلطة. وهناك أعداد كبيرة من الشباب العراقيين صدرت بحقهم أحكام بالإعدام بتهمة التحريض ضد النظام من خلال إقامة الطقوس الحسينية، مع أنهم لم يكونوا منتمين لأحزاب دينية .
جهات رسمية وبعض الأحزاب المتنفذة تتصور أن أبا الأحرار يخص مكونا اجتماعيا عراقيا واحدا. ودوافع هذا التصور تنطلق من نظرة سياسية ضيقة لغرض تحقيق مكاسب معينة ، ومحاولة لجعل الثورة الحسينية خاصة بطائفة واحدة ، وممارسات تلك الجهات لا تتعدى ما تبثه فضائياتها ووسائل إعلامها عن نشاط قيادييها في ارتداء اليشامغ السود والوقوف على ""جدر الهريسة".
يا فقراء العراق اصرخوا، دعوة ستنطلق من شباب معظمهم طلاب جامعة لم يمنعهم الانتماء المذهبي من توحيد الصوت فضلا عن فهمهم الواعي المشترك لثورة الإمام الحسين عليه السلام التي تعد من وجهة نظرهم البذرة الأولى للربيع العربي. وهذا الفهم بالتأكيد لا يعجب من يحاول أن يجعل من اليوم العاشر من محرم وركضة طويريج فرصة دعائية لقائمته لخوض انتخابات مجالس المحافظات .
يبدو أن العراقي الذي رفع شعار "نادمون" في الخامس والعشرين من شباط العام الماضي بأمس الحاجة إلى محرك بقوة 2 حصان ليكرر ندمه أو في اقل تقدير يصحح موقفه ويتعلم من دعاة شعار "يا فقراء العراق اصرخوا" أسلوب الاستمرار بالاحتجاج لحين تلبية مطالبه ، كما فعل الأردنيون وغيرهم ممن مرت بهم رياح الربيع العربي .
موكب العباسية المعروف في كربلاء كان منذ زمن بعيد صاحب هوية خاصة في إحياء الطقوس الحسنية ، وهذا الموكب معروف بترديد القصائد ذات المضامين السياسية ، تنتهي بإطلاق أصوات عالية "يا حسين .... ياحسين انسمعك أصواتنا".