عبدالله السكوتي في مجلس العزاء الذي اقيم لمحور رباعية الكبير شمران الياسري وبطل بلابوش دنيا خلف، وفي جزئها الثالث (غنم الشيوخ ) طلب السيد حسن الكربلائي،بعد الغداء مباشرة ، احضار شيء يرتقيه كالمنبر، ليقيم مجلس عزاء بالمناسبة ، فجيء بجاون (وهو موضع وضع الرز حيث يتم التهييش)
فقلب اسفله عاليا ووضعت فوقه وسادة ، استل موعظته من احداث الساعة آنذاك ، نصح الناس بضرورة الهدوء والسكينة ، وتناول بالتفسير الاية الكريمة (واطيعوا الله ورسوله واولي الامر منكم ) ، على انها دعوة للعشيرة بعدم مخالفة رئيسها ابن مهلهل الذي هو بمثابة الرأس للجسم ، وتساءل عن حال الدنيا اذا افتقدت سيطرة اهل الحل والربط ، وما الذي سيحل بالناس اذا اداروا ظهورهم لاهل التجربة والعقل ، ثم افاض بالحديث عن الحسد ومساوئه ، ان تحسد من رزقه الله ، فكأنما تعترض مشيئة الله وتعصي ارادته وبالتالي فهو الكفر، تكلم السيد بما يكفي لاغاضة نصير الفلاحين ملا نعمة. فقام الملا وقال: سامع الصوت عليكم ياهو اللي اختار فيصل ملك ونوري سعيد ريس حكومه وابن مهلهل شيخ وملاج للارض؟ فقال الفلاحون مجمعين انهم لم يختاروا احداً من هؤلاء ، وعاد الملا ثانية يصوت: سامع الصوت عليكم اعمال الشيوخ اللي شفتوها بعيونكم ، يرضى بيها الله ، فقالوا لا والله ... مجرمين ما عدهم ذره من الاسلام ، كل الموزينات سووهن. هكذا تكلم الفلاحون وملا نعمة وهكذا تكلم السيد المنوط به توعية الفلاحين وتعليمهم امور دينهم مبعوثا من محافظة مقدسة ، انه يدعو لصاحب الدراهم والدنانير لانه ولي نعمته وليس وليا على مساكين الفلاحين الذين انصفتهم ثورة 14تموز بقانون الاصلاح الزراعي ، هذا الامر يستخدم في كل حين، مع ان السيد لا يستطيع ان يصدر فتوى لتحييد الفلاحين عن مشروعهم الثوري ولذا آثر التأثير بالوعظ اللامجدي والذي هو عبارة عن تزلف رجال الثورة والاقطاع معا وللحيلولة دون وقوع المحاذير من ان يهجم الفلاحون على قصر الشيخ والذي كانت امنية خلف قبل وفاته ان يلبسه (شيله). كثيرا ما نرى شيخاً هنا واخر هناك يدعو الى نصرة الحكومات على اعتبار الحكومة (بيضة الديك) ، والذي لا يبيضها الا في العمر مرة كما يقولون وهي فرصة تاريخية يجب عدم التفريط بها، واكثر ما يثير دهشتي هذه الاية التي استخدمت على مر التاريخ لجعل رقاب الشعوب تحت احذية الجبارين في ازمان شتى ، بدون تعليل وتعريف بأولي الامر، حتى اخترع الشعب بديلا له بنفس جرأة البعض على القرآن و احاديث الرسول فقال:(الياخذ امنه ايصير ابونه) ، وهذا منطق سمج ، ولا يدفع ثمن هذه المغالطة غير الثوريين الذين خبروا سياسة رؤوس الاموال والاقطاع والملاكين الذين عادوا الى الواجهة في هذه الايام ، اما ما كان من امر الحسد فهذا شيء آخر، الكثيرون اثروا على حساب الازمة الاخلاقية التي حدثت في العراق ابان (2003) ، وهم الان بمنزلة الاقطاع ، لكن الغريب انك حين تتحدث عن هؤلاء بسخرية وتهكم هناك من يعترض واصفا الامر بالحسد وهو ذات المنطق الذي تكلم به السيد الكربلائي ، اي حسد وهو قد وضع يده في جيبي وجيبك وسرق اموالنا،ليقسطها علينا رواتب شهرية حين يصبح من المتجبرين واصحاب الاموال الطائلة؟ ان معادلة اولي الامر معادلة تحتاج الى تصحيح والا فسوف تبقى مصدر استعباد للشعب ومصدر كراسي وعروش للاخرين، ما زلنا بحاجة الى من يقوّم تاريخنا وثقافتنا التي نالت كثيرا من كرامة الفرد واسلمته عبدا ذليلا يخدم سيده المطاع لا لشيء إلا لان السيد يستطيع الوصول الى اموال الاخرين ببساطة ، انها معادلة التجارة مادتها الانسان ومسوغاتها الموروث الديني والعقائدي الذي نحياه بعيدا عن منطقية الشعور باحقية انصاف المظلومين الذين صمتوا عن المطالبة بحقوقهم ، والا فهي ثورة من الثورات وينتهي كل شيء ليمسك الشعب زمام الامور والمبادرة بعد ان يختار نخبه الجيدة بعيدا عن المزايدين والمنتفعين ، لكنها ليست ثورة انه تغيير فحسب ، (ومايزال الحبل علجرار ) .
هواء فـي شبك ..(بيضة الديج)
نشر في: 2 أغسطس, 2010: 08:03 م