الإيرادات توضع في حساب موحد ومراقب من الطرفين لحين تشريع «النفط والغاز»
بغداد/ تميم الحسن
وجه محمد السوداني رئيس الحكومة أمس، فورا بتنفيذ الاتفاق الجديد بين بغداد واربيل على استئناف ضخ النفط من كردستان.
وتضمن الاتفاق الجديد الذي وصف بـ»المؤقت» ان تقوم شركة تسويق النفط العراقية «سومو» ببيع النفط على ان تضع الإيرادات في حساب موحد ومراقب من الجهتين.
كما قد يشمل الاتفاق منح الكرد منصبا رفيعا في شركة التوزيع الاتحادية كرسالة اطمئنان الى كردستان بحسب لجنة النفط في البرلمان.
الى ذلك أحدثت الأرقام الهائلة لرواتب الموظفين في الموازنة الجديدة، والتي زادت عن 90 تريليون دينار سنويا، صدمة بين المعنيين بالشأن الاقتصادي.
وتهدد النفقات الضخمة في ان تعاد الموازنة الى الحكومة مرة اخرى في وقت يفترض فيه ان يبدأ البرلمان اليوم مناقشة مشروع القانون.
وبلغ عدد الموظفين في الموازنة الجديدة نحو 5 ملايين موظف، تمثل القوات الامنية أكثر من ثلث العدد، فيما تنوي الحكومة ان تثبت أكثر من 700 ألف من العقود بحسب الموازنة.
وتتضمن الموازنة في الجانب الاستثماري نحو 3 تريليونات دينار لشراء الاسلحة، مقابل تخصيصات ضعيفة لوزارة الصناعة تمثل نحو نصف التخصيصات لدواوين الاوقاف.
وأمس وصف رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، رئيس الوزراء محمد السوداني بانه «رئيس وزراء كل العراقيين».
وجاء كلام بارزاني عقب اعلان السوداني الاتفاق على استئناف تصدير نفط إقليم كردستان، لحين تشريع قانون النفط والغاز.
وقال رئيس الوزراء في مؤتمر مشترك بين الجانبين: «على الجهات الفنية المباشرة فوراً بتنفيذ الاتفاق مع أربيل وإيجاد السبل القانونية لهذا الأمر».
وكانت القضية التي عرفت بـ «التحكيم الفرنسي» قد اوقفت تصدير النفط من كردستان لنحو اسبوع، فيما قدرت الخسارة بانها قد تصل الى 37 مليون دولار يوميا.
ويكشف علي المشكور عضو لجنة النفط في البرلمان ان «الاتفاق مؤقت ومرحلي لحين تشريع قانون النفط والغاز الذي سينظم بيع النفط والعلاقة بين بغداد والاقليم».
واكد المشكور في حديث مع (المدى) ان «الاتفاق ينص على ان تبيع كردستان النفط عن طريق شركة سومو على ان يفتح حساب مصرفي موحد تشرف عليه الحكومتين».
وبين النائب ان هذا الاجراء «سوف يعطي شفافية ومراقبة لشعبي كردستان والعراق في معرفة مصير إيرادات النفط».
اما عن التعاقدات القديمة مع شركات النفط التي كانت قد أبرمتها كردستان سابقا، فأكد المشكور ان «بغداد ستلتزم بتلك التعاقدات».
لكن بالمقابل اوضح المشكور ان «القروض التي اخذتها كردستان لن تكون بغداد ملزمة بها الا تلك التي تكون قد أنفقت على تطوير القطاع النفطي».
كما كشف المشكور عن وجود «مقترحات من وزارة النفط ان يستلم الكرد منصب نائب رئيس شركة سومو كنوع من رسائل الاطمئنان والتعاون المتبادل بين الجانبين».
وكان مسرور بارزاني قد قال عقب الاعلان عن الاتفاق الجديد إن «إعادة تصدير النفط في إقليم كردستان ستكون مفيدة للجميع وإننا سنسعى لاتفاق شامل وجيد بين الحكومة الفيدرالية وحكومة الإقليم من دون أن نترك أي جانب من حقوقنا الدستورية».
ووصل رئيس حكومة اقليم كردستان صباح أمس الى بغداد، برفقة وزير الثروات الطبيعية في الاقليم كمال محمد.
وكان وكيل وزارة المالية مسعود حيدر قال في لقاء تلفزيوني مساء الاثنين ان «الإقليم سيلتزم بتسليم 400 ألف برميل نفط إلى المركز وتم تضمينها في الموازنة».
وقالت مصادر تجارية لوكالة «رويترز»، يوم الخميس الماضي، إنّ تعليق تصدير النفط من كردستان أوقف سداد 6 مليارات دولار في صورة شحنات نفط مستحقة على الإقليم لشركات طاقة من بينها «فيتول» و»بتراكو».
وتم تعليق ضخ النفط من كردستان إلى ميناء جيهان التركي، على البحر المتوسط، يوم السبت الماضي، بعدما كسب العراق قضية تحكيم قال فيها إنّ تركيا انتهكت اتفاقاً حين سمحت لكردستان بتصدير النفط من دون موافقة بغداد.
مصير الموازنة
الى ذلك قال باسم الغرابي النائب عن كتلة اشراقة كانون ان «المزايدات السياسية تتصاعد حول قانون الموازنة».
وبين الغرابي في حديث لـ(المدى) ان «احتمالات اعادة الموازنة الى الحكومة مازالت قائمة خصوصا وان الخلافات بين القوى السياسية مستمرة».
وبحسب النائب ان قضايا المغيبين والعفو العام التي تطالب بها القوى السنية قد دخلت ضمن التسوية على تمرير القانون.
ويضيف الغرابي: «هناك مطالبات بتخفيض سعر برميل النفط، وزيادة حصص المحافظات من تنمية الاقاليم وحصة كردستان، وانتقادات لحجم الانفاق».
وكان اعضاء في اللجنة المالية قد توقعوا ان يتم تعديل حصة كردستان التي تعتمدها وزارة التخطيط وفقا لإحصائيات قديمة للسكان.
وحددت الموازنة الجديدة حصة كردستان 12.6%، فيما يقدر نواب كرد نسبة سكان كردستان بأنها 14%.
ويقدر النائب باسم الغرابي المدة التي يحتاجها البرلمان لتمرير قانون الموازنة بما «بين شهر ونصف الى شهرين إذا لم تحدث خلافات سياسية».
ويتوقع بحسب ما يتم تداوله في البرلمان ان تكون القراءة الثانية لمشروع الموازنة بعد عيد الفطر، حيث من المفترض وبحسب جدول أعمال المجلس ان القراءة الاولى هي اليوم الاربعاء.
وكانت بعض التفاصيل عن مسودة الموازنة قد تسربت، حيث كشف استاذ الاقتصاد في جامعة المعقل في البصرة نبيل المرسومي عن إجمالي الرواتب الحكومية والتي بلغت 92.566 تريليون دينار.
واوضح المرسومي في تدوينة على فيسبوك ان عدد الموظفين في الموازنة هو 4.096.001 مليون موظف، وان عدد العاملين في الاجهزة الامنية هو 1.503.339 مليون شخص، يمثلون نسبة 36.7%.
وبين استاذ الاقتصاد ان رواتب الموظفين على الملاك الثابت بلغت 59.814 تريليون دينار، والتقاعدية 18.122 تريليون دينار، ورواتب الرعاية الاجتماعية 4.717 تريليون دينار، والتمويل الذاتي وشركات الوزارات 9.913 تريليون دينار.
وبين المرسومي ان نسبة تغطية الإيرادات النفطية للرواتب الكلية تبلغ 79%.
وكان مسعود حيدر وكيل وزارة المالية قد قال في اللقاء التلفزيوني الأخير ان «وزارة المالية ثبتت 729 ألف موظف على الملاك في الموازنة الجديدة».
اما بخصوص النفقات الاستثمارية في الموازنة، فقد بلغت بحسب المرسومي، 49.462 تريليون دينار، ونسبة النفقات الاستثمارية الى النفقات العامة هي 24.8% وهي تقريبا النسبة ذاتها في الموازنات السابقة.
وبين أستاذ الاقتصاد ان وزارة النفط تستحوذ على الحصة الاكبر من التخصيصات الاستثمارية بنحو 16 تريليون دينار وبنسبة 32% من النفقات الاستثمارية.
يأتي بعدها قطاع الكهرباء بحوالي 6.113 تريليون دينار وبنسبة 12%، اي ان قطاعي النفط والكهرباء يستحوذان على 44% من النفقات الاستثمارية.
ثم استيرادات الاسلحة والمعدات العسكرية التي تصل الى 3 تريليونات دينار، والتخصيصات الاستثمارية لوزارتي الاعمار والاسكان والنقل بلغت 3.784 تريليون دينار و2.753 تريليون دينار على التوالي.
اما التخصيصات الاستثمارية لوزارة الصناعة فكانت متدنية وبلغت 183.575 مليار دينار فقط وهي اقل من نصف تخصيصات الاوقاف الدينية التي بلغت 410.908 مليار دينار.
وينتقد المرسومي ضعف التخصيصات الاستثمارية للقطاعات السلعية وخاصة الصناعة والزراعة وهيمنة قطاع الطاقة بالمقابل على التخصيصات الاستثمارية.
واعتبر استاذ الاقتصاد ان: «هذا النوع من التخصيصات الاستثمارية لن يكون قادرا على المساهمة في تنويع بنية الانتاج ومصادر الدخل في العراق».