TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: في مثل هذا اليوم

العمود الثامن: في مثل هذا اليوم

نشر في: 8 إبريل, 2023: 11:00 م

 علي حسين

في مثل هذا اليوم قبل عشرين عاماً، خرج العراقيون إلى الشوارع، بعد أن سقط تمثال صدام في ساحة الفردوس، آملين في التغيير والخلاص من حقبة الدكتاتورية، وبعد عشرين عاماً اختلت موازين التغيير، وراحت الناس تنشغل بعشاق كلمة "تحرير"، ومنظري عبارة احتلال.. وتختفي الأزمات التي تحاصر المواطن العراقي.

لعل أول كلمة نطقها المواطن العراقي بعد 9/4 كانت "حرية"، فقد عانت الناس على مدى عقود من الاستبداد والدكتاتورية، لكن هذه الناس نفسها اليوم، وهي تدخل العام الـ " 20 " من التغيير، تجد كلمات القانون والحرية والعدالة الاجتماعية مطاردة في كل مدن العراق، وأن أمريكا استبدلت نظام صدام بنظام آخر بنفس فايروسات الاستبداد وشهوة السلطة.

سقط تمثال صدام في 9/4 فأنشأت أحزاب الطوائف تماثيل جديدة لساسة اعتبروا التغيير ماركة خاصة سُجلت بأسمائهم.. لا مفاجأة على الإطلاق في أن يشعر العراقيون بأنهم خُدعوا وأن ما يجري هذه الأيام لا يختلف كثيراً عمّا جرى في ظل نظام "القائد الضرورة"، سقط تمثال صدام لكن نظامه وعقليته ما يزالان في مكانهما، فسلوكيات العديد من سياسيينا ومسؤولينا ليست بعيدة عن نظام دولة القائد الأوحد. وقد كان مشهد الصراع الطائفي على المناصب والمغانم بالغ الدلالة والإيجاز، وإذا كان العراقيون البسطاء قد توسموا خيراً وهم يتابعون مشهد إلقاء القبض على صدام، فقد خاب ظنهم حين اكتشفوا أن بينهم اليوم أكثر من صدام. ولعل السؤال الذي يجب علينا طرحه ونحن نستذكر ما جرى منذ 2003 هو؛ ما معنى كل التضحيات التي قُدمت في الخلاص من نظام دكتاتوري لنجد أنفسنا في النهاية أمام دكتاتوريات متخفية باسم الطائفة والمذهب والعشيرة وقوة السلاح، تمارس أبشع أنواع الترهيب والتخوين لكل من يختلف معها في الرأي؟، ما معنى أن يجد العراقي نفسه أمام وسائل خراب جديدة؟.. فبعد أن كانت الناس تُغيب في المعتقلات وزنزانات الموت، نجدهم اليوم يُغيبون في ارزاقهم ومستقبل ابنائهم باسم الدفاع عن النظام السياسي الجديد، ؟. بعد " 20" عاماً يشعر العراقي بالغربة في وطنه، فلم يكن هذا هو الوطن الذي حلم به بعد 2003، والذي سُرق منه في وضح النهار.. خرجت الناس تبحث عن الحرية والإخاء والمساواة.. فإذا هم بعد ثمانية عشر عاماً يستيقظون على بلاد تحكمها ثقافة الجهل والفقر والمرض، وساسة يمارسون ديمقراطية البلادة والتفاهة واللصوصية.

بعد 9/4/2003 انشغل الإعلام وشُغل كل الرأي العام العالمي بمصطلح "الحواسم" حيث كان الشعب الجائع والمقهور يبحث عن أية وسيلة ليفرغ غضبه ضد الظلم والجور والعوز، معظم الكتاب والمعلقين انشغلوا بالمظاهر السطحية التي حدثت آنذاك دون أن ينتبهوا إلى أن امريكا كانت كان تجهز المسرح لعصر حقيقي للحواسم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

 علي حسين في خبر يؤكد اننا نعيش عصر الكوميديا السياسية ، قررت الهيئة القضائية للانتخابات استبعاد المرشح الفائز عن محافظة نينوى نجم الجبوري ، طبعا الهيئة وكالعادة لم تخبرنا ماهي الاسباب ، لكنها...
علي حسين

باليت المدى: ضوء لا ينطفيء

 ستار كاووش مرت ثلاثة أيام وأنا أمرّ كل صباح بجانب متحف الفنانة الألمانية كاتي كولفيتز، مع ذلك كنتُ أُؤجِّل زيارتي لهذا المتحف لأني أردتُ أن أُهيء نفسي جيداً لهذا النوع من الأعمال التي...
ستار كاووش

الفساد الحكومي: الأسباب والتداعيات وآليات الحد منه

د. فالح الحمــراني يعد الفساد في العراق من أكثر المشاكل حدة والمتجذرة بعمق في القطاع العام، وكما يتضح من التصنيف المنخفض للبلاد المؤشرات الدولية فانه يحتل المرتبة 140 من بين 180 دولة من حيث...
د. فالح الحمراني

العراق إلى أين ؟؟

فرات المحسن اثر انهيار حكم حزب البعث عام 2003 أصبح العراق فجأة يخضع لاستعمار عسكري مباشر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وسُلمت مقدرات وإدارة البلد إلى القوات الأمريكية مباشرة وتحت عنوان سلطة الائتلاف المؤقتة....
فرات المحسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram