علي حسين
عاد "المدني" سليم الجبوري إلى هواية إطلاق النكات، ففي المرّة الأولى حقق حلم العراقيين بإقامة دولة العدالة الاجتماعية، وفي المرّة الثانية يوقظ في هذه البلاد "المدنية"، وفي المرات الأخيرة خرج علينا ليقول إن الأحزاب الدينية لم تعط الفرصة لتقديم تجربتها الصائبة في الحكم وضرب لنا مثلاً بالغنوشي في تونس ومرسي وأخوانه في مصر،
ولأن سليم الجبوري شخصية ظريفة ولطيفة فقد تنقل بنا وهو يحاور أحمد الملا طلال بين إدانة الأحزاب الدينية التي تولت السلطة منذ عام 2003 وتحكيلها مسؤولية ما جرى ، وبين الحديث عن المؤامرات التي تعرض لها الإسلاميون وعن الدولة التي يحلم بها " الحزب الاسلامي العراقي " .. ماذا يخطر ببالك وأنت تستمع إلى السيد سليم الجبوري؟، ستتذكر حتماً ما قاله السيد نوري المالكي قبل أيام من "إن في 2003 لم يكن هناك عراق وتولينا السلطة عندما كانت الخضراء مطوقة". ولا أعرف من كان يطوق الخضراء في ذلك الوقت الذي تسلمت فيه أحزاب المعارضة السلطة في العراق واستلمت المنطقة الخضراء .. ولم يتركنا السيد المالكي حتى يذكرنا بأن "ميزانية العراق كانت 25 ملياراً وارتفعت لـ100 مليار عندما فرضنا الاستقرار".. لكن الغريب لم يخبرنا السيد المالكي كم "100" مليار نهبت وأهدرت خلال العشرين سنة الماضية؟ .وماذا حصد المواطن العراقي من هذه المليارات ، ما حجم الصناعة والزراعة والصحة والتعليم ؟.
يدفعنا حديث السيد سليم الجبوري إلى الأسى، ليس لأن ما ورد فيه من معلومات وتحليلات يؤشر على الأزمة التي وصل إليها عقل السياسي العراقي، وإنما، لأن ظهور مثل هكذا "خزعبلات" في هذا الوقت بالذات، يجعلنا نؤمن بأننا نعيش عصر الخراب. في كل يوم نسمع حكايات من الشعوب التي لا يحكمها ساسة " دراويش" ، ولكننا نمر عليها على عجل. لأننا مشغولين بحكايات الإصلاح التي لا تريد أن تنتهي وبتفسير " أحاجي " سليم الجبوري، ولهذا لا نتوقف على خبر مثير يقول إن القضاء الأمريكي لا يزال يطارد الرئيس الأمريكي السابق ترامب، لأنه دفع رشوة لامرأة، خبر مضحك بالنسبة للمواطن العراقي، الذي لا يعرف كم مسؤول وسياسي عراقي غير مؤهل، وما هي مؤهلات معظم المسؤولين العراقيين الذين لايزال البعض منهم على كرسي السلطة، وأين ذهبت دعوات الإصلاح التي هتفت بها عالية نصيف ”لامحاصصة بعد اليوم”؟
طوال العشرين سنة الماضية، كان رجال السلطة، يزيدون ويعيدون حكاية أن الانتخابات القادمة، ستكون فتحاً جديداً في الديمقراطية .
إذن، نحن أمام تصريحات وخطابات تدعونا لأن نعيش أبد الدهر مع " الرموز التاريخية" التي رافقت الخراب، منذ أن اخترع إبراهيم الجعفري "معجون المحبة".