بغداد/ تميم الحسن
تبين بحسب مصادر مطلعة ان مخاوف أحد القوى الشيعة من تمدد رئيس الحكومة محمد السوداني، وراء اعتراضات الإطار التنسيقي على الموازنة.
وهذا الطرف الشيعي الذي نجح قبل ساعات فقط من كتابة التقرير (أمس)، في الوصول الى حل وسط بشأن الموازنة، كان لديه توجس دائم من تحركات السوداني.
وكان محيراً دخول «الإطار» على خط رفض الموازنة الثلاثية خصوصا وان المجموعة الشيعية ناقشت الموازنة بشكل منفرد وجماعي مع قوى اخرى، لـ15 ساعة على الاقل.
واتفق «الإطار» أمس، على ان يعود السوداني نهاية كل عام الى البرلمان لإجراء تعديلات على الموازنة الثلاثية، خصوصا وان هناك مخاوف من ان الموازنة بالصيغة الحكومية قد تسمح لرئيس الوزراء بالحصول على أكثر من 120 تريليون دينار بصفة «قروض».
وقالت المصادر المطلعة لـ(المدى) ان «هذا الاتفاق قد يخفف من قلق دولة القانون بزعامة نوري المالكي التي اعترضت على ان تكون الموازنة لـ3 سنوات».
وبينت المصادر ان كتلة المالكي كانت قلقة من ان تمرير الموازنة لثلاث سنوات دفعة واحدة «يعني تخلص السوداني من ضغط البرلمان لفترة طويلة».
وكان المالكي قد انتقد السوداني أكثر من مرة منذ تسلمه الحكومة قبل 5 أشهر، أشهرها كان فيما يتعلق بقرار الاخير عدم تغيير المحافظين المحسوبين على الصدريين في النجف وذي قار.
وفي اخر لقاء لزعيم دولة القانون تطرق الى استخدام منصب رئيس الحكومة للترويج الى الانتخابات المقبلة.
وقال المالكي في مقابلة تلفزيونية الاسبوع الماضي، ان «نجاح العمل الحكومي هو أساس الدعاية الانتخابية»، لكنه حذر بالمقابل من أن «التعيينات قد لا تضمن الفوز».
وتعتقد أطراف شيعية أبرزها دولة القانون، ان السوداني يستثمر ملف التعيينات في الترويج المبكر للانتخابات.
وكان المالكي قبل شهرين، قد اقترب من سحب وزرائه من الحكومة بسبب تدخلات من عصائب اهل الحق في عمل وزارة النفط التي هي من حصة الاول.
واعتبرت دولة القانون، بحسب المصادر، ان السوداني ينفذ مطالب «العصائب» أكثر من باقي أطراف الإطار التنسيقي.
وتبين بعد فترة من استلام رئيس الحكومة المنصب، ان الاخير جاء بتزكية من قيس الخزعلي زعيم العصائب وليس كما كان يعتقد بانه ظل المالكي، بحسب ما كان يصفه الصدريون.
وبدأ القلق من رئيس الحكومة يتصاعد مؤخرا، عقب افتتاحه مكاتب جديدة في المحافظات لحزبه «الفراتين».
وكان الحزب قد شارك لأول مرة في الانتخابات الاخيرة وحصل السوداني بمفرده على كرسي في البرلمان قبل ان يصعد العدد الى 3 مقاعد عقب استقالة الصدريين العام الماضي.
وبدأت المكاتب الحزبية لـ»الإطار» ترصد تقدم شعبية السوداني مما زاد من قلق تمدده وخطف اصوات التحالف الشيعي.
وكانت اخر فصول الخلاف الشيعي مع السوداني هو القلق من تنفيذ مطالب القوى السنية التي باتت تهدد تمرير الموازنة.
اللافت ان القوى السنية هي الاخرى تخشى من ان تكون الموازنة لثلاث سنوات ولنفس السبب الشيعي، وهو عدم حاجة السوداني بعد ذلك الى البرلمان ورئيسه.
وتعد الموازنة اهم التشريعات التي يفترض ان تمرر كل عام، حيث عادة ما تمرر صفقات وتجري تسويات على ظهرها.
وكانت القوى السنية وخاصة حزب تقدم الذي يتزعمه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، بحسب المصادر، قد طرحت ابرام صفقة: الموازنة مقابل قانون العفو.
وهذه الصفقة اقلقت التحالف الشيعي الذي خشي من ان يقوم السوداني بالقبول بها خوفا من عرقلة الموازنة، وهو ما يبدو قد حدث بالفعل.
وخلال الايام الثلاثة الماضية بدا وكأن انفراجا حدث فيما يعرف بورقة المطالب السنية التي يقع في أولويتها العفو العام، حيث افرجت الحكومة عن نسخة قديمة وغير مكتملة من القانون.
وفسر هذا التحرك على انه جاء بسبب تصاعد الضغوط على تمرير الموازنة، وهو ما دفع الشيعة بالمقابل الى وضع شروط.
وبحسب احمد الاسدي وزير العمل ان الموازنة عرضت على الإطار التنسيقي، وائتلاف ادارة الدولة ومجلس الوزراء قبل ان تذهب الى البرلمان.
وقال الاسدي في مقابلة مع احدى المحطات المحلية إن الموازنة نوقشت 3 ساعات في ائتلاف ادارة الدولة وأكثر من مرة داخل الإطار التنسيقي (كل اجتماع لا يقل عن 3 ساعات)، و6 ساعات في مجلس الوزراء الذي يضم وزراء يمثلون الاحزاب السياسية.
واكد الاسدي ان «كل جهة سياسية كانت قد ارسلت ملاحظات وتعليقات على مشروع القانون وتم تضمينها داخل الموازنة».
لكن المفاجأة حدثت بعد ايام من وصول الموازنة الى البرلمان مطلع نيسان الحالي، وبدأ الشيعة يعترضون على بعض البنود، فما السبب وراء ذلك؟
يجيب فهد الجبوري عضو المكتب السياسي في تيار الحكمة قائلا: «لا يمكن اعتبار موقف الإطار التنسيقي من الموازنة اعتراضا، هو اختلاف في وجهات النظر».
الجبوري أكد في حديث مع (المدى) انه «ليس كل الإطار التنسيقي قد قدم ملاحظات، وانما هناك طرف واحد – لم يذكره».
ونفى القيادي في الحكمة الذي يتزعمه عمار الحكيم ان «يكون الكرد او السنة اعترضوا وانما فقط حزب تقدم» الذي يتزعمه الحلبوسي.
تخصيصات ضعيفة للمحافظات.. واقتراضات تريليونية
من جهتها عقدت اللجنة المالية الاحد الماضي، اول اجتماع لمناقشة الموازنة بعد القراءة الاولى لمشروع القانون الاسبوع الماضي.
وبحسب بيان عن اللجنة اكدت انها عازمة على «تحقيق التكامل بين رؤية الحكومة ورؤية المجلس وتثبيت جميع الملاحظات».
وكشفت اللجنة عن «تشكيل لجنة لإعداد تقرير يعرض خلال جلسة المجلس للقراءة الثانية».
ويقول مصطفى العرسان عضو اللجنة في حديث لـ(المدى) ان «أبرز الخلافات على بنود الموازنة هو ما يتعلق بمبالغ تنمية الاقاليم».
العرسان يؤكد ان «الموازنة رصدت 2.5 تريليون دينار فقط لتنمية 15 محافظة « وهو ما يمثل نحو 25% من الاموال التي خصصت في قانون الامن الغذائي.
ويضيف عضو اللجنة المالية: «الامن الغذائي وهو مشروع تكميلي وليس موازنة خصص 8 تريليونات دينار للمحافظات».
وبين العرسان ان هناك اعتراضات على حجم العجز، والاقتراض، وان هناك توجها لان تكون الموازنة لعام 2023 فقط وليس لـ 3 سنوات.
وهذه المرة الاولى التي تقوم فيها الحكومة بتقديم موازنة لأكثر من عام واحد، ويعتبر هذا اقرار للحكومة باقتراض أكثر من 120 تريليون دينار خلال السنوات الثلاث القادمة بحسب استاذ الاقتصاد في البصرة.
ويقول نبيل المرسومي استاذ الاقتصاد في جامعة المعقل ان الخطر هو بـ»استمرار الصرف في العام القادم ليس على أساس 1/12 من الانفاق الفعلي وانما على أساس ما مخصص بالموازنة في العام السابق».
ويضيف في تدوينة: «وهذا قد يؤدي الى إطلاق يد الحكومة في الاقتراض الداخلي والخارجي خاصة مع اختفاء الفائض النقدي الذي سيجري استخدامه في موازنة هذا العام».
وتابع المرسومي: «ومن الممكن ان تستمر الموازنة بصيغتها الحالية من دون تعديل في العامين القادمين من دون ان يمتلك البرلمان الصلاحيات القانونية لرفض ذلك او تعديلها مما سيغرق البلد في بحر من الديون».
ويوضح استاذ الاقتصاد ان: «تشريع الموازنة الثلاثية سيعطي الحكومة الصلاحيات القانونية الكاملة لاقتراض 41.5 تريليون دينار ليس في عام 2023 وانما أيضا في عامي 2024 و2025 ما يعني ان الحكومة تستطيع ان تقترض داخليا وخارجيا من دون الرجوع الى البرلمان مبلغا قدره 121.5 تريليون دينار خلال الموازنة الثلاثية وللسنوات الثلاث 2023 و2024 و2025.