محمد درويش علي كان العدد الأول قبل أن يصدر، سؤال الوسط الإعلامي، كيف سيكون ومتى يصدر؟ وهل ينجح هذا المطبوع وسط هذا الكم الهائل من المطبوعات؟ وكانت الاستعدادات مستمرة والانهماك في الاعداد جار على قدم وساق، وصدر العدد الأول وكانت فرحتنا لا توصف، كل يعبر عن فرحه بطريقته الخاصة،
وتم الاحتفال به في مقر الصحيفة بشارع فلسطين والفرحة كانت أكبر من سعة المكان، وكان الإحتفال بسيطاً في كل شيء الا في الطموح لإصدار صحيفة ناجحة بكل معنى الكلمة، تحمل المواصفات المهنية، وتعبر عن هموم الناس البسطاء قبل شيء.وطلبت من الأستاذة سلوى زكو مجموعة من العدد لأوزعها في شارع المتنبي، فأعطتني أكثر مما أريد، وحينما بدأت بتوزيع العدد في مقهى حسن عجمي، وبعض الأصدقاء في شارع المتنبي من المهتمين بالإعلام، انتقلت الى مقهى الشابندر وقمت بتوزيع ماتبقى، وحينما سمعت الآراء المهنية التي قيلت في العدد، شعرت بالزهو لأني أعمل في هذه الصحيفة، ولي ظل حتى لو كان خفيفاً فيها!وبعد ذلك كلفتنا سلوى زكو أنا وعدنان منشد ان ننقل عدداً آخر الى مقرات الصحف في بغداد، ونقدتنا مبلغاً من المال، ووزعنا الكمية، بعدها قال صديقي عدنان منشد بعد ان بقي من الملبغ كثيرة، فلنذهب الى اتحاد الأدباء وبالتحديد الى ناديه، ونصرف هذه البقية، فمانعت في البداية الا أنه أقنعني في الأخير وكان (صحونا) في ذلك اليوم على حساب العدد الأول، وفي اليوم الثاني حكينا لزكو ما قمنا به فقالت: عوافي، وأضافت (تريدون بعد؟) فشكرناها على موقفها،وان كانت بنا رغبة ان نأخذ منها مرة ثانية. وبقيت الصحيفة تصدر وتقفز من نجاح لنجاح، وبات لها صدى في الوسط الإعلامي، فضلاً عن قرائها المتحمسين لها، وطلب زملاء كثيرون العمل فيها، حتى بتنا نتباهى بالعمل في مطبوع مثل المدى لها هذه السمعة المهنية الجيدة. في البناية الجديدة للمدى الواقعة على شارع (أبو نواس)، كان للعمل طعم آخر، من بعد أن كنا في بناية ضيقة في شارع فلسطين، توزعنا في البناية الجديدة، وتوزعت الأقسام، وازداد الحماس لتقديم ما هو أفضل، فبتنا نتبارى في ذلك، لنشارك في صناعة صحيفة حرة تأخذ في الحسبان الوضع العراقي الجديد، وما حصل فيه من تغيير، وتم لنا ذلك وانبثقت صحيفة فيها مواصفات الصحيفة المتطورة بفضل كادرها وحرصه على الإتيان بالجديد، وشعوره بأن كل واحد من العاملين له شيء فيها. والآن مابين العدد الأول والعدد ألف وثمانمئة وتسعة وستين، سبع سنوات مفعمة بعبق الياسمين والنرجس والتعب والشكوى والراحة، سبع سنوات (غمض فتح) انتهت وبقيت المدى تطرز المكتبات والانترنت ويتناقل أخبارها الفقراء والمثقفون والساسة والعلماء داخل وخارج العراق. وباتت للمدى ملاحقها اليومية المقروءة وباتت لها نشاطاتها الأسبوعية في الاحتفاء واستذكار شخصية عراقية معروفة. سبع سنوات والثامنة على الطريق والمدى تطرز أيامنا وتكحل عيوننا وتصبغ أظفارنا للسير بها نحو مرافئ الحنين.
ما بين العام السابع والثامن عبق الورود
نشر في: 4 أغسطس, 2010: 06:13 م