حازم مبيضين برفضهم المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة،يكون الأخوان المسلمون في الأردن،قد حكموا على تنظيمهم بالعزلة التي ما انفكت تتفاقم نتيجة أوضاعهم الداخلية،خصوصاً لجهة التنازع على المواقع القيادية ومحاولات منع الآخرين من التأثير في القرارات،
سواء المتصلة منها بالحياة الحزبية،أو تلك المتعلقة بالقضايا الوطنية،وإذا كان العذر المعلن يرتبط بالقانون الذي ستتم الانتخابات على أساسه،فان قرار المقاطعة لن يغير القانون،أما والحديث يدور عن مطالبتهم بضمانات فان السؤال هو من يكون الضامن،ولماذا التشكيك المسبق بنزاهة العملية الانتخابية التي تأتي بعد حل المجلس السابق على خلفية سوء الأداء،وهل نفهم من تشكيكهم أنهم يعتقدون بأن الدولة الأردنية تعمل على إنتاج برلمان أسوأ من الذي قامت بحله قبل انتهاء مدته القانونية.ندرك بالطبع أن جمعية الأخوان وحزبها طرف رئيس في المعادلة السياسية،وأن مشاركتهم في الانتخابات النيابية ستعطي لتلك الانتخابات أهمية أكثر،لكن تغيبهم عنها لا يجب أن يكون محاولة للضغط والابتزاز،ومن الواجب تذكيرهم بأنه ليس من حق أي طرف وضع شروط للمشاركة في هذا الاستحقاق الدستوري،خصوصاً وأن الحكومة ألزمت نفسها بإجراء انتخابات نزيهة،ويعني ذلك أن محاسبتها يجب أن تلي العملية لا أن تستبقها بالتشكيك،والهروب إلى الأمام،في محاولة لاحتواء أزمتهم الداخلية،وندرك أن تلك المقاطعة لا تتعلق بقانون الانتخاب فحسب، وإنما تتعداه إلى ما تعتقده الحركة الإسلامية تصادماً بين برنامجها وبرامج الدولة،وهنا تكمن الخطورة التي تستدعي مراجعة جدية لمجمل توجهات الأخوان في هذه المرحلة،مع ما كان معروفاً عنهم تاريخياً من التزام سمح لهم بالاستفراد بالعمل السياسي المعلن لفترة طويلة غابت فيها الحياة الحزبية العلنية والشرعية عن الشارع الأردني.يعرف الأخوان أن خيارهم بعدم المشاركة سيؤثر سلباً على تنظيمهم بالدرجة الأولى،ولن يكون له التأثير الذي يأملونه على مجمل العملية الانتخابية وشرعيتها،فغياب الأخوان وبعض الأحزاب الهامشية،الواثقة من الهزيمة،فأرادت أن تسجل مواقف إعلامية أكثر منها مبدئية،لن يمنع الحكومة من المضي في العملية المأمول أن تتم بنزاهة وشفافية،أكدت الحكومة التزامها بهما،لكن الواضح أن عدم وجود برامج حقيقية وتفصيلية عند الأخوان يتقدمون بها إلى الناخبين،والاكتفاء بشعار وليس برنامج " الإسلام هو الحل " كان من بين الأسباب العديدة التي دفعتهم لخيار المقاطعة،الذي يقول البعض إن واحداً من أهدافه فتح باب جانبي للحوار مع الحكومة،وهو أمر نتفهم رفضه من قبل المسؤولين الحكوميين الذين يرون في الأخوان بعضاً من المعادلة وليس الطرف الوحيد فيها . لعبة عض الأصابع التي لجأ إليها الأخوان المسلمون بافتراض أن قرار مقاطعة الانتخابات حق لهم،لا تعني أنه يمكن لهذا الحق أن يتحول إلى وسيلة للمساومة مع الحكومة،حتى وإن كانت سياسات هذه الحكومة لا تعجب الأخوان،ومقاطعتهم للاستحقاق الدستوري لن تنتقص من شرعية الانتخابات ونتائجها،وعليهم فهم أن في الساحة الأردنية قوى غيرهم،يمكنها الدفاع سياسياً وحزبياً عن حاجات المواطن،وبفعالية تفوق فعالية الأحزاب التي تكتفي برفع شعارات كبيرة خالية من المضامين والبرامج العملية،ولو كان الأخوان يدركون عمق الهوة التي اخترعوها لتفصلهم عن هموم المواطنين وهم يتناحرون على مكاتب الخليج ومناصب القيادة لعادوا عن ابتكار المعارك الوهمية مع الدولة التي احتضنتهم،وفكروا جدياً في وضع البرامج العملية للإصلاح السياسي والاقتصاد والتعليم،فالأردنيون المؤمنون بالإسلام عقيدة ومنهج حياة،يريدون حزباً يتمسك بأخلاق الدين الحنيف،ويستنبط منها برامج يحتاجها الوطن،وعلى أساسها يتقدمون لقيادة المجتمع،أما وقد اختاروا الانتحار سياسياً من خلال المقاطعة فتلك خطيئتهم التي سيدفعون ثمنها،فيما تستمر مسيرة الوطن التي لن تتوقف تحت أي ظرف أو معوقات،بما فيها غياب الأخوان من تحت قبة البرلمان.
من خارج الحدود ..دولة على قياس الأخوان
نشر في: 4 أغسطس, 2010: 06:53 م