TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > حول قانون واردات البلديات

حول قانون واردات البلديات

نشر في: 17 إبريل, 2023: 12:04 ص

د.نهرو سليم حنا

نُشر في الاونة الاخيرة وبالتحديد يوم الاثنين الموافق (20/2/2023) (قانون واردات البلديات) رقم (1) لسنة 2023 في الجريدة الرسمية (الوقائع العراقية) رقم (4708) الصادر من قبل مجلس النواب العراقي لسنة 2016، ويعد هذا القانون اول قانون صادر وساري المفعول من قبل المجلس النواب العراقي لسنة 2023، فاذا كانت بداية سنة 2023 صدور هكذا نوع من القوانين لمجلس النواب العراقي التي تقيد الحقوق والحريات فكيف تكون ختامه للسنة!!.

إن ما نقصده هنا في هذا الموضوع هو ان احد المواد التي دونت بالقانون هي المادة (14) التي تنص على اولاً: ((يحظر استيراد و تصنيع وبيع المشروبات الكحولية بكافة انواعها)) وثانياً((يعاقب كل من خالف البند اولاً من هذه المادة بغرامة لا تقل عن (10000000) عشرة ملايين دينار و لا تزيد عن (25000000) خمسة و عشرون مليون دينار))، هذه المادة فيها الكثير من التقييد بالحقوق والحريات المنصوص عليها في دستور العراق لسنة 2005 و هي مخالفة لمباديء الاعلان العالمي لحقوق الانسان وميثاق العهد الدولي لتلك الحقوق، كما ان هذه المادة قد جاءت بشكل مطلق و هجومي بحيث لا يمكن التأويل او التأليف عليها.

من احد اسباب صدور قانون في موضوع معين هو لمعالجة ذلك الموضوع و اتخاذ بعض الاجراءات و الضوابط بشكل تتناسب مع الدستور و القوانين و من اهمها مع الواقع الذي يعيش المجتمع فيه وان يراعي فيه الحقوق و الحريات و كذلك الخصوصية التي يتمتع بها كل فئة من الشعب او كل مكون من مكونات الشعب، لكن الذي نراه في هذا القانون انه جاء بشكل مطلق يهجم على سلعة معينة ويحرمها او يمنعها من التعامل بها من كل النواحي سواء الاستيراد او التصنيع داخل البلد وكذلك بيعها هذه من ناحية، ومن ناحية اخرى فان نص المادة (14) تشمل كل انواع المشروبات الكحولية دون اية استثناء، ان نص المادة (14) من قانون واردات البلديات مادة صارمة و قاسية جداً لذا فان طبقت فان اثارها تكون كارثية و غير مقبولة.

كما ان قانون واردات البلديات تم التصويت عليه من قبل مجلس النواب العراقي سنة 2016 ولكن لم ينشر في الجريد الرسمية لكي يدخل حيز التنفيذ بسبب الاعتراضات الشديدة على بعض نصوصه المتعلقة بالحريات المدنية! فلماذا يتم نشره الان؟ وما هي النية في تنفيذه و ما الهدف من تطبيقه؟؟؟.

ان المادة (14) من قانون واردات البلديات فيها الكثير من السلبيات و مخالفة للدستور والقوانين، سوف نأتي لهذه المخالقات والخروقات و ما يترتب عليها بالنقاط الاتية:

1.ان هذه المادة تخالف الفصل الاول المتمثلة بالحقوق و الفصل الثاني المتمثلة بالحريات من الباب الاول من دستور العراق لسنة 2005 لكونها تخالف مبادىء الحقوق و الحريات التي كلفها الدستور العراقي.

2.تعد مادة (14) من قانون واردات البلديات مخالفة دستورية واضحة للفقرة(ج) من المادة (الثانية) من الباب الاول من دستور العراق التي جاء في الفقرة المذكورة بانه (لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق و الحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور)، وهذا يعد نص مخالف صريح للدستور ولابد لهذه المادة ان تلغى او تعدل وفق ما جاء في الدستور.

3.وجود هذه المواد في القوانين العراقية يتنافى مع واقع المجتمع العراقي الذي فيه الكثير من المكونات الدينية و المذهبية و غيرها من الفئات المجتمع، مما يعني ان هذا النوع يؤدي الى وجود مشاكل و تفرقة بين شعب العراقي من ناحية، ومن ناحية اخرى فانها تنتهك الحرية الشخصية و هي ضد التنوع الديني في العراق مما يؤثر على بعض مكونات الشعب العراقي لحياتهم المعيشية ممن يزالولون مهنة بيع و تجارة المشروبات الكحولية.

4.هذه المادة التي تمنع وتحرم التعامل و بيع المشروبات الكحولية بشكل مطلق ستشجع وتزيد من معضلة المخدرات المتفشية أصلاً في البلاد وهذا ما يؤثر سلباً على المجتمع بشكل جذري و وقد لا يكون له الملاذ إلا اللجوء إلى مادة المخدرات.

5.يؤخذ على هذا القانون ايضاَ بان في الاسباب الموجبة لاصدار هذا القانون ليس هناك اية اشارة لاسباب سن او كتابة مادة (14) من القانون المتعلقة بحظر المشروبات الكحولية ولذلك فان مكان هذه المادة ليس صحيحاً وليس لها علاقة بقانون واردات البلديات لكن يجوز ان تدون مادة في هذا القانون و متعلقاً بتجارة المشروبات الكحولية من ناحية دفع و وضع نسبة الضرائب على تجارة هذه السلعة ولو ان مجلس الوزراء العراقي قد صدر قرار برفع قيمة الضرائب على المشروبات الكحولية إلى 200 في المائة حتى قبل اصدار هذا القانون و تنفيذه!!!، وهذا امر فية غرابة كبيرة صراحةً!!!.

6.إذا اتينا الى الفقرة الثانية لمادة(14) من هذا القانون نجد انه قد اتى بعقوبات مشددة قياساً على عقوبات القوانين الاخرى بحيث ان كتابة هذه الفقرة جاءت بشكل مطلق سواء قام باستيراد كارتون او شاحنة من المشروبات الكحولية او باع قنينة منها.

7.كان من المفترض لمجلس النواب العراقي ان يكون اكثر دقةً في هذا القانون وان لا يأتي بمادة تحرم او تمنع بشكل مطلق بتجارة المشروبات الكحولية بل ان يأتي بقانون مستقل يضع فيه ضوابط معينة لموضوع المشروبات الكحولية وتكون تحت رقابة دائرة الجودة و التحكم، ومن خلال ذلك القانون تعالج الامور المتعلقة بتجارة المشروبات الكحولية، على سبيل المثال زيادة الضرائب او حظر استيراد نوع معين من المشروبات الكحولية او منع اعطاء المشروبات لاقل من (18) سنة و لا تباع المشروبات الكحولية في الاماكن العامة او التقييد او التحكم ببعض الامور التي تؤدي الى مزاولة و تجارة تلك السلعة بشل قانوني و بعيداً عن الغش او الاضرار بالمجتمع و غيرها من الامور التي تؤثر سلبياً على البلد.

بعد ان ذكرنا الاسباب السلبية لصدور هذا القانون و عدم مراعاته لكل مكونات الشعب العراقي، نود ان نذكر ايضاً بان هذا القانون يكون سارياً فقط في العراق و ليس اقليم كوردستان و لا يكون القانون نافذا في الاقليم إلا بعد صدور قانون النفاذ من برلمان كوردستان وهذا الامر لا يمكن توقعه لان في الاقليم هناك حقوق و حريات و خصوصية للاقليات اكثر مما هو موجود في العراق بشكل عام هذه من ناحية، ومن ناحية اخرى يحق لاي فرد او الكتل سياسية مناهضة لهذا القانون ان تطعن به امام المحكمة الاتحادية العليا كونها المكان الذي يلجأ اليه المتضرر لحسم هذا الموضوع لانه مخالف للدستور و يتنافى مع الحقوق و الحريات و وحقوق الاخرين و خصوصيتهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق منارات

الأكثر قراءة

شعراء الأُسر الدينية.. انتصروا للمرأة

العمودالثامن: فاصل ونواصل

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

شراكة الاقتصاد الكلي والوحدة الوطنية

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

 علي حسين إذن، وبوضوحٍ شديدٍ، ومن غير لفٍّ أو دوران، لا تنتظروا إصلاحات ديمقراطية ولا حلاً للأزمات السياسية التي ما أن تنتهي واحدة حتى تحاصرنا واحدة جديدة ، ولا تطمئنوا لأن الإعلام يزعج...
علي حسين

قناطر: السَّرّاجي: القرية والنهر والجسر

طالب عبد العزيز " ثمة قليل من الاغريق في سان بطرسبورغ "جوزيف برودسكيكثيراً ما أسأل نفسي: أيمكن أنْ يكون الشاعر مؤرخاً، أو كاتباً لسيرة مدينته؟ فأجيبُ: أنْ نعمْ. ولعلي الى الثانية أقربَ، فأنا ممسوس...
طالب عبد العزيز

في طبيعة المجتمع المدني في الدولة الديمقراطية ومهامه

د. فالح الحمـراني تطرح قضية تفعيل المجتمع المدني في العراق اليوم نفسها بصورة حادة، لا سيما على خلفية تقصير المؤسسات المنتخبة وأجهزة الدولة في أداء دورها المطلوب حتى في إطار القوانين المتعارف عليها في...
د. فالح الحمراني

الاقتصاد الهندي من التخلف إلى القوة الاقتصادية

موهيت أناند ترجمة: عدوية الهلالي منذ أن بدأت الإصلاحات الاقتصادية في عام 1991، عندما تخلت عن نموذجها الاقتصادي الحمائي والاشتراكي، أصبحت الهند ثالث أكبر اقتصاد (بعد الصين والولايات المتحدة) من حيث الناتج المحلي الإجمالي.،...
موهيت أناند
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram